أصدرت المحكمة الإدارية في محافظة جدة أمس، حكماً ثانياً ضد مراسل خاص لمساعد أمين جدة السابق متهم على خلفية كارثة السيول يقضي بإعادة ملف القضية إلى هيئة الرقابة والتحقيق لاستدعاء الراشين، وهم ثلاثة متهمين «رجال أعمال»، للتحقيق معهم. وجاء حكم المحكمة أمس بعد أن أعادت محكمة الاستئناف في منطقة مكةالمكرمة ودونت ملاحظات على الحكم الأول في ملف القضية، والذي أصدرته المحكمة الإدارية المتضمن براءة المتهم من قضية الرشوة، وذلك بعد تداول القضية عبر جلسات عدة، وتقديم المرافعات والمذكرات، بيد أن المدعي العام قرر الاعتراض على الحكم واستئنافه متمسكاً بطلبه بإدانة المتهم في جريمة الرشوة والحكم عليه. ودونت محكمة الاستئناف على ملف القضية ملاحظات أبرزها وجود أسماء ذكرت في محاضر التحقيق لأشخاص قدموا رشاوى لمساعد الأمين بواسطة المتهم ولم يخضعوا للتحقيق أو المحاكمة. واستمع قاضي المحكمة الدكتور سعد المالكي أمس، إلى أقوال المراسل الخاص لمساعد أمين جدة السابق بعد أن تمت تبرئته في وقت سابق ، إذ جرت مواجهته بتهم عدة، وأنكر أقواله التي كان قد أدلى بها خلال حجزه إبان كارثة السيول التي ضربت جدة ورد بأن أقواله كانت بدافع الخوف وغير متأكد منها. وتضمنت أقوال المتهم علمه بأن مساعد الأمين الذي كان يعمل في مكتبه لمدة عامين يتعمد تأخير معاملات المراجعين للحصول على مبالغ مالية منهم مقابل إنجازها، كما اعترف بتسلمه مبالغ متفرقة من شخصين يدعوان «أبو فوزي»، و«أبو حاتم» كانت في مظاريف وسلمها لمساعد الأمين، إضافة إلى مبلغ 250 ألف ريال تسلمه من مقيم باكستاني وقدمه لرئيسه لمنح تصريح بلدية لإحدى سيدات الأعمال لتتمكن من زيادة الأدوار في بناية تملكها. وقررت المحكمة استجواب الأشخاص المذكورين جميعهم في أقوال المتهم باعتبارها أسماء وهمية لحين أخذ إفاداتهم عن ما نسب إليهم وإقرارهم بالتهم. وكانت المحكمة الإدارية قد برأت المتهم في جلسة سابقة قبل إعادة الحكم من قبل هيئة الاستئناف في حين قضت بسجن رئيسه الذي كان يشغل منصب مساعد أمين جدة لمدة سبعة أعوام في قضيتين مختلفتين متصلتين بالرشوة واستغلال السلطة اكتشفتا على خلفية كارثة السيول خلال التحقيقات التي أجريت مع المتهمين حينها بالتسبب في مقتل أكثر من 120 شخصاً من سكان جدة وفقاً للإحصاءات الرسمية للدفاع المدني. وجاء في لائحة الدعوى أن المتهم حال كونه موظفاً عاماً في أمانة جدة وبصفته الوظيفية ارتكب جريمة الرشوة كوسيط، إذ تسلم مبالغ مالية من بعض الأشخاص بتوجيه مهندس مختص في قسم التعديات والمراقبة في أمانة جدة، جار محاكمته حالياً، ومن ثم تسليم تلك المبالغ إلى المهندس المختص في المراقبة والتعديات في منزله مقابل إخلاله بواجباته الوظيفية مع علمه التام. وتسلح المدعي العام في الأدلة والقرائن على المتهم بمصادقة المتهم شرعاً على تسلمه مبالغ متفرقة منها 250 ألف ريال مقابل السماح لامرأة بإكمال عمارتها في المطار القديم، ومبلغ آخر بنحو 10 آلاف ريال من معقب وإقراره شرعاً أنه تسلم أيضاً 250 ألفاً داخل ظرف من موظف بلدية آخر - فصلت له قضية رشوة مستقلة، وطالب المدعي العام معاقبة المتهم على جريمة الرشوة المنسوبة إليه وفق أحكام النظام. وتنوعت الأحكام التي أصدرتها المحكمة، إذ تراوحت ما بين السجن، والغرامة، إضافة إلى إعادة عدد من ملفات المتهمين إلى هيئة الرقابة والتحقيق لاستكمال بعض النواقص والتي كان أبرزها التحقيق مع المرتشين وترك الراشين وهو جعل المحكمة تحكم بإعادتها مرة أخرى إلى الهيئة. وتسجل المحاكم الشرعية على مدار الأسبوعين المقبلين جلسات قضائية للمتهمين المذكورين والذين وجهت لهم تهم إعطاء وأخذ «الرشوة» من خلال ما يقارب ال400 مليون ريال تم تداولها بين أيدي المتهمين، إضافة إلى تهم غسل الأموال، والغش، واستغلال السلطة، والتوسط، والتحايل، والتزوير، وغيرها من التهم الأخرى التي وجهها المدعي العام ضدهم.