إزاء ندرة البرامج التلفزيونية المتعلقة بالسينما وقضاياها، يأتي برنامج «سينما بديلة»، الذي يقدم على شاشة «بي بي سي»، ليشكل علامة مضيئة في هذا الإطار، لاسيما ان البرامج القليلة التي تتناول الشأن السينمائي على الشاشة لا تتعدى كونها مادة إخبارية تغطي المهرجانات السينمائية تارة، او تهتم بالنجوم وأخبارهم وبإيرادات شباك التذاكر تارة أخرى، وفي أحسن الأحوال تطرح عناوين سينمائية طموحة وجادة لكن من دون الغوص في تفاصيلها وأبعادها. برنامج «سينما بديلة» مختلف في شكله وأسلوبه، ويكاد أن يكون «استثناء» من بين تلك البرامج السينمائية، فهو لا يذهب الى النجوم ولا يطل على شباك التذاكر، بل يتكئ على عرض أفلام قصيرة بكاملها. وهذه الأفلام التي تندرج تحت عنوان «السينما البديلة» تنتمي، الى الفنون المرئية والصوتية التجريبية والدرامية والتسجيلية وحتى افلام الكرتون الاختبارية. في هذه الأفلام نعثر على مواهب سينمائية شابة تخوض ميدان الفن السابع، وتحاول أن تسرد بالصورة موضوعات بسيطة حيناً وعميقة أحياناً، بيد أنها لا تفتقر الى اللمسة الابداعية الواعدة؛ والمتنوعة تبعاً لتنوع الثقافات والمرجعيات في العالم العربي، ومنها مثلاً: «ايدين نظيفة...» لكريم فانوس، «جمال وأماني» لهديل نظمي، «حبيبتي» لنور وزي من لبنان، والفيلم الاماراتي «سبيل» لخالد المحمود، و «اليد اليسرى» للمغربي فاضل شويكة... وسواها من الأفلام التي لا تلتزم معايير السرد السينمائي التقليدي وأصوله، بل تتخطى ذلك نحو فضاءات سينمائية مغايرة. علاوة على ذلك، فإن البرنامح يستضيف صانعي هذه الافلام والمشاركين فيها، من المخرجين إلى الممثلين والمنتجين والممولين احياناً، بالإضافة الى خبراء الفن السابع ونقاده، في محاولة لشرح بعض الملابسات حول الفيلم الذي يعرض في النهاية عبر وسيلة جماهيرية هي التلفزة، ولا بد للفكرة من أن تصل الى أذهان الجمهور المتنوع. وتنبع أهمية البرنامج، كذلك، من أن هذه الأفلام المعروضة لا تجد فرصة للعرض سوى في بعض المهرجانات. فالفيلم القصير، لم يستطع حتى اللحظة أن يجد شرعية لدى الموزعين وأصحاب الصالات، بالتالي فإن تلفزيون «بي بي سي» يوفر مثل هذه الفرصة الثمينة في سبيل جعل هذه النوعية من الأفلام مألوفة لدى المتلقي. ولعل الملاحظة الوحيدة التي يمكن تسجيلها، هنا، تتعلق بمقدم البرنامج انطوان خوري الذي اعتاد المشاهد ان يراه في نشرات الأخبار والبرامج السياسية، وعندما يطل عبر حقل السينما، فإن ذلك يخلق نوعاً من المفارقة. وهذه الملاحظة لا تقلل من دور خوري وحضوره، بل للقول ان هذا البرنامج يتطلب وجهاً سينمائياً او ناقداً معروفاً يتمكن من جعل الفيلم قريباً الى المشاهد، خصوصاً ونحن نتحدث عن افلام ذات طابع خاص يمزج الروائي بالتوثيقي، ويتأرجح بين التجريب والتجريد، فضلاً عن مضامينها الغريبة أحياناً.