يُخيل لمن يدخل المناطق الطبية والمستشفيات في العاصمة الأردنية عمّان أنه لم يغادر السعودية، لكثرة المراجعين هناك من الجوف وطريف وعرعر وحفر الباطن وغيرها، الذين عبّروا عن استيائهم من أوضاع بعض المستشفيات في المملكة، واضطرارهم إلى مستشفيات الأردن ليعالجوا أنفسهم وذويهم، بعد تعذر ذلك في المستشفيات المحلية التي قصدوها، ولم يجدوا فيها ما يشفي الغليل. وقال فايز الشراري: «تعرضت زوجتي إلى نزيف وهي حامل، فاضطررت لأن أسعفها في مستشفي طبرجل، ثم قمت بتحويلها إلى مستشفى القريات العام بعد معاناة، ليتم استقبالها بحجة أنها من خارج القريات، فإدخالها إلى التنويم وعند اتصالي بها للاطمان عليها، أخبرتني أنه لم يحضر إليها طبيب، وبجانبها ممرضات يستخدمن هواتفهن النقالة ويضحكن، ولم يقمن بأي إجراء طبي تجاهها»، وأضاف: «طلبت منها بعد ذلك النزول، ثم توجهت إلى العاصمة الأردنية عمّان، وفور وصولي إلى المركز الطبي تم استقبالنا استقبالاً حسناً وعمل اللازم وإنقاذ زوجتي». وذكر المواطن فضّل (عدم ذكر اسمه) ل«الحياة» أنه قدم من طريف إلى عمّان بسبب مشكلات في النظر، وقال: «هنا في عمّان تحصل على رعاية طبية والسرعة في التشخيص والمعاملة الحسنة، بعكس ما حدث معنا من مواعيد طويلة وتشخيص غير دقيق على رغم الدعم السخي والمتواصل من الملك»، فيما قال المواطن علي الشمري: «قدمت مع زوجتي إلى عمّان للبحث عن علاج لمشكلات في الحمل، وسمعت مواطنين يتحدثون خلال تجمعهم في الجامع التابع للمستشفى عن مشكلاتهم المختلفة، من بينها تعامل الطبيب مع المريض وتعامل التمريض المنشغل في التقنية الحديثة، خصوصاً العلاج النفسي الذي تفتقر إليه الممرضات عندنا بسبب سوء في المعاملة». وقال المواطن صالح المهيلب: «قدمت من مدينة عرعر بسبب خطأ طبي أثناء غسيل الكلى تسبب لي بمشكلات في الأوردة، إذ أجريت لي جراحتا ربط أوردة، كلفت الواحدة 3000 دينار أي بحدود 15 ألف ريال»، فيما قالت أم محمد: «كنت منومة في مستشفى دومة الجندل، وقدم الدكتور في الصباح للكشف عن حالتي الصحية، كوني حاملاً، وأعاني من التهاب وحرارة، ولحسن الحظ أن الطبيب عرف أنهم لم يأخذوا قياس حرارتي، فوبخ الممرضة على ذلك». وقال المواطن محمد سعد: «أصيبت والدتي بأمراض في أطراف يدها اليسرى، وبعد مقابلة طبيب الباطنية واختصاصي القلب في مستشفى محافظة دومة الجندل وبعد الإشاعات والتشخيص، أفادوا بأنها تُعاني من جلطة في القلب، وتم صرف الأدوية، وبعد الخوف والتردد من تشخيصهم، ذهبت بها إلى الأردن»، وأضاف: «وهناك تم فحصها في عيادة خاصة، وإجراء التحاليل والإشاعات والتخطيط، ليخبرني الطبيب بأن من تشخيص حالتها في مستشفى دومة الجندل غير صحيح، ونصحنا بالذهاب إلى اختصاصي مخ وأعصاب، وبعد الفحوصات المطلوبة من اختصاصي المخ والأعصاب دكتور إسحاق مرقة وزير الصحة الأردني سابقاً، أفادنا بأن وتر عصب اليد اليسرى بالكف مشدود بسبب وقوعها سابقاً، وتم عمل جراحة تكللت بالنجاح، كلفت حوالى 25 ألف ريال». وأشارت فهدة الشمري إلى أنها أُصيبت بمرض «غرغرينة» في إصبع قدمها، وأنها راجعت المستشفيات داخل منطقة الجوف الحكومية والأهلية، وبعد فترة ثلاثة أشهر قرر مستشفى محافظة دومة الجندل بتر جزء من القدم، لافتة إلى أنه عندما تم إرسال التقارير إلى مستشفى في الأردن، أخبروا أن الحالة غير صعبة، ولا تحتاج إلى بتر، وأنه يوجد علاج لها، وتم تقديم العلاج اللازم من دون بتر القدم. وقال مواطن (تحتفظ «الحياة» باسمه): « ذهبت إلى العاصمة الأردنية لعلاج والدتي، وفور وصولنا إلى الأردن توفيت في وقت متأخر من الليل بسبب سكتة قلبية، فجلسنا فترة ما يقارب خمس ساعات ننتظر مندوب السفارة في المستشفى، ليحضر موظف غير سعودي من سفارة خادم الحرمين في عمّان، وبعد الاطلاع على الجثة أفادنا أنه سيذهب إلى بعض المستشفيات، ما يجعلنا ننتظر عودته وقتاً أطول، وأنه بعد الاتصال بالسفارة لم نجد أي اهتمام، وقمنا بعد ذلك بدفع مبلغ من المال للمندوب، ليعجّل في إنهاء الموضوع وبالفعل تم ذلك». وأضاف: «عند الذهاب إلى السفارة لم نجد الموظف المختص، ما جعلنا ننتظر عودته إلى وقت أطول، ومن ثم ذهبنا لاستئجار مركبة وشراء تابوت على نفقتنا الخاصة، مع دفع تكاليف الإسعاف والطوارئ في طريقنا إلى السعودية، فكانت المشكلة في منفذ الحديثة، إذ لم نجد غير مسار واحد، فحاولنا بالمسؤولين لتقدير الوضع وتسهيل سرعة دخولنا، ولكن للأسف انتظرنا أكثر من ساعتين، ولولا تدخل أحد المعارف لجلسنا فترة أطول والجثة معنا». من جهتهم، طالب عدد من المواطنين (تحتفظ «الحياة» بأسمائهم) الغرف التجارية في كل منطقة والجهات المعنية بوزارة الصحة، لفتح المجال أمام الاستثمار الأجنبي ليدشن فروعاً لمستشفياته، مشيرين إلى أن المناطق الشمالية تفتقر للخدمات المتكاملة، وأن المستشفيات الحكومية في العاصمة تفتقر للأسرة الشاغرة وفيها صعوبة في الحجوزات والمواعيد الطويلة. وأضافوا أن قسم الإسعاف والطوارئ في مستشفى دومة الجندل العام يُعاني من نقص في التمريض، إذ لا يوجد إلا اثنان، وفي بعض الأحيان يكون موظف الاستقبال غير موجود، ما يسبب حرجاً للمراجعين، ويضطروا إلى تسجيل الاستمارة بأنفسهم، لعدم وجود حتى المدير المناوب آخر الليل.