الاعتراف بالمواهب الفنية عند الشباب في لبنان كان، قبل «مشكال» (ملتقى الشباب في مسرح المدينة - بيروت)، كلاماً لا يتعدى الثناء. لم يصل إلى فعل الرعاية أو الاحتضان، أو على الأقل الإضاءة على تميز هؤلاء المبدعين اليافعين في الموسيقى والرسم والنحت والتمثيل والإخراج المسرحي والسينمائي. كان كلاماً لم يُترجم بإشراكهم في المشهد الفني اللبناني والعربي، على رغم أن كثيرين منهم وصلوا إلى مهرجان «كان» وأحداث ثقافية عربية ودولية. غير أن الملتقى، الذي افتُتح في بيروت الإثنين الماضي ويُختتم اليوم، أدخل الشباب إلى ساحة التحدي. اعترف بمواهبهم، ووضع بعضهم على خط المهنة. سنوات التجربة لا تهمّ، بل رؤيتهم لعالم قرروا خوضه بكل قدراتهم. «مسرح المدينة» ورئيسة المهرجان المخرجة نضال الأشقر، تبنّيا «المغامرة» وأشركا الشباب فيها. وتؤكد الأشقر ل «الحياة» أن تجربة الملتقى «ستستأنف العام المقبل في الموعد ذاته»، مع الأخذ في الاعتبار هدف «تحسين المهرجان وإضافة فنون جديدة إليه». ولم يقتصر هذا الحدث الثقافي على الفنون «التقليدية» كالموسيقى والمسرح والسينما، بل سعت ورش عمل مميزة، للمرة الأولى في مهرجان ثقافي لبناني، إلى الإحاطة بفنون لا تحظى عادة بالاهتمام الذي تستحق، كالإضاءة المسرحية التي قدمتها أستاذة فنون الاضاءة منى كنيعو، وفن الغرافيتي، وفن القتال المسرحي، وتصميم الأزياء والتشخيص وغيرها. كما لامس المهرجان قضايا فنية تتخطى أهميتها بالنسبة إلى الفنانين الشباب المسائل التقنية، مثل ورشة العمل التي تناولت «حرية التعبير والرقابة». إذ وظف «مسرح المدينة» تجربة أربعين عاماً مع الرقابة، في ورشة عمل واحدة، كانت الأكثر تمايزاً من ناحية موضوعها، خصوصاً أن الفنانين اللبنانيين عانوا الكثير من الرقابة، ولفترة طويلة، كان آخرها اتهام الممثلين إدمون حداد وراوية الشاب ب «الإخلال بالآداب العامة» على خلفية مشهد مسرحي قدماه عام 2009. الفنانة والمخرجة نضال الأشقر، أعربت عن سعادتها بنجاح «أول مهرجان في لبنان يحاكي المواهب الشابة ويتضمن كل الفنون»، مثنية على «المشاركة الشبابية الكثيفة ما جعل تحقيق المهرجان إنجازاً فعلياً». ويكشف المهرجان مواهب شبابية واعدة في مختلف الفنون البصرية والجسدية، فضلاً عن الرسم والنحت، على رغم أن اللافت، بحسب الأشقر، هو «تقدم فنيّ المسرح والغناء على الرسم والنحت بين الفنانين الشباب». وتضيف: «تكثر في لبنان المواهب الشابة»، مشيرة الى تجربة اختيارها ممثلين لمسرحية «قدام باب السفارة»، عندما احتارت بين العديد من الشباب الموهوبين، «لكن، لسوء الحظ، لا إمكانات مادية لاستيعاب هذه المواهب ومنحها فرصتها، وسنعمل قدر المستطاع على تأمين موازنة لأفضل الأعمال الشبابية التي وردت في ملتقى «مشكال» لتقديمها على المسرح العام المقبل». وعُرضت خلال المهرجان أفلام قصيرة مثل «خلفي شجر الزيتون» لباسكال أبو جمرة، و «فيلم كبير» لجان بوشعيا وغيرهما. كما عرضت مسرحيات مثل «جريمة في المستشفى» لمازن سعد الدين، و «نساء في الحرب» لرامي الربيع، فضلاً عن تجارب موسيقية جديدة استندت إلى البوب والروك أند رول، إضافة إلى الموسيقى المعتمدة على الكومبيوتر.