في اشتباكات هي الأسوأ من نوعها منذ أسابيع في العاصمة السورية دمشق، أعلن مقاتلون من المعارضة السورية الانسحاب من أحياء الحجر الأسود والقدم والعسالي في جنوبالمدينة بعد معارك عنيفة مع القوات النظامية استمرت أياماً عدة وأدت إلى سقوط عشرات القتلى. ونقلت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من السلطات عن مصدر سوري مسؤول قوله أمس إن «دمشق آمنة ولن يسمح لأحد بتدنيس أرضها»، مشيراً إلى أن «الجيش والقوات الأمنية حسمت الأمر في غالبية المناطق في ضواحي العاصمة التي حاول الإرهابيون دخولها والاحتماء بسكانها». في موازاة ذلك، أفادت السلطات السورية عن مواصلة قوات الجيش «عمليات لتطهير أحياء ومناطق» مدينة حلب من المسلحين، «خصوصاً المدارس التي يتخذونها مقرات قيادة وتجمعات لهم ومستودعات لأسلحتهم وذخيرتهم». وقتل 32 شخصاً أمس في أعمال عنف في مناطق مختلفة من سورية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وعن التطورات في دمشق، أفاد المرصد السوري أن «مقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة أعلنوا الانسحاب من أحياء الحجر الأسود والقدم والعسالي في مدينة دمشق بعد معارك عنيفة مع القوات النظامية استمرت أياماً عدة رافقها قصف عنيف من القوات النظامية على هذه الأحياء». وقتل حوالى أربعين شخصاً في مدينة دمشق أول من أمس، بينهم عشرون شخصاً عثر على جثثهم في حي الحجر الأسود، وقد قتلوا «بإطلاق رصاص مباشر»، بحسب المرصد. ومنذ إعلان السلطات السورية استعادتها السيطرة على مجمل أحياء العاصمة بعد معارك استمرت أسبوعين بين القوات النظامية ومجموعات معارضة في الأسبوع الأخير من تموز (يوليو)، استؤنفت الاشتباكات في بعض الأحياء لا سيما في جنوب العاصمة بتقطع، واتسمت بالعنف غالباً. وأعلنت «الهيئة العامة للثورة السورية» في بيان جديد الأحياء الجنوبية لمدينة دمشق، وهي حي القدم والعسالي والحجر الأسود ومخيم اليرموك والتضامن، «مناطق منكوبة». وقالت إن «تلك الأحياء تعرضت لحملة همجية شرسة من جيش النظام وشبيحته تجلت بالحصار المطبق الذي فرض على المنطقة، إضافة إلى القصف العشوائي الذي استهدف منازل المدنيين ومحالهم التجارية منذ 15 تموز ما دفع بغالبية السكان إلى النزوح بحثاً عن مناطق أكثر أمناً». كما اتهمت الهيئة القوات السورية «بتنفيذ سلسلة طويلة من الإعدامات الميدانية» في المنطقة. وأشارت الهيئة إلى مقتل أكثر من مئتي شخص منذ بدء شهر أيلول (سبتمبر) في هذه الأحياء. في موازاة ذلك، استمرت الاشتباكات في مدينة حلب في شمال سورية حيث ينفذ المقاتلون المعارضون هجمات متكررة على مراكز تابعة للقوات النظامية، بحسب مصدر عسكري. وتعرضت أحياء هنانو والشعار والصاخور في شرق مدينة حلب ومساكن الفردوس (جنوب) للقصف صباح أمس من القوات النظامية، بحسب المرصد السوري الذي أشار إلى اشتباكات في حي بستان الباشا (شمال). وأفاد مراسل فرانس برس نقلاً عن مصدر عسكري أن مسلحين شنوا ليل الثلثاء -الأربعاء هجوماً في منطقة ميسلون (شرق) على نقاط تمركز للجيش السوري عندما «قامت مجموعة من وحدات الجيش تؤازرها مروحية عسكرية بصده، وقد استمر لأكثر من ثلاث ساعات». وقال المصدر إن مقر المخابرات الجوية وكتيبة المدفعية في منطقة الزهراء (غرب حلب) تعرض «لهجوم من مسلحين فشلوا في الاقتراب منه»، مشيراً إلى «محاولات متكررة وشبه يومية للسيطرة عليه». وأشار مراسل فرانس برس إلى أن الحياة في منطقة الميدان (وسط حلب) التي أعلن الجيش السوري السيطرة عليها قبل يومين لم تعد إلى طبيعتها بعد، مشيراً إلى استمرار انقطاع التيار الكهربائي والاتصالات الخليوية عن بعض أجزائها، فيما «لا تزال بعض شوارعها وحاراتها الفرعية تتعرض للقنص». ونقل عن أحد سكان حي صلاح الدين (جنوب) أنه دخل المنطقة لتفقد منزله، فلاحظ «عودة للمظاهر المسلحة في عدد من الشوارع الفرعية القريبة من مدرسة الشرعية وجامع صلاح الدين المقابل لها»، وذلك على رغم إعلان القوات النظامية السيطرة الكاملة على الحي الذي شهد معارك ضارية منذ بدء معركة حلب في العشرين من تموز (يوليو). وصرح مصدر مسؤول في شركة كهرباء حلب لفرانس برس أن تصليحات على أحد محولات مضخة المياه في منطقة سليمان الحلبي (وسط) نجحت في إعادة المياه تدريجياً إلى عدد من المناطق في المدينة التي انقطعت عنها المياه منذ أكثر من ثلاثة أيام نتيجة احتراق أربعة محولات جراء الاشتباكات. وأشار المراسل إلى استمرار أزمة المحروقات الخانقة في المدينة، ما تسبب بارتفاع أسعارها ثلاثة أضعاف أحياناً في السوق السوداء. كما اندلعت مواجهات في حي السكري (جنوب) حيث يتحصن مقاتلو المعارضة، بحسب السكان. ونقلت صحافية في فرانس برس أن عائلة وصلت إلى أحد مستشفيات حي الشعار، مؤلفة من والد يقود سيارته ومعه زوجته وثلاثة من أولادهما، بينهم طفل أصيب في رأسه وغطى الدم وجهه. وأشارت إلى أن العائلة تسكن حي الشيخ فارس، حيث تلقى منزلها قذيفة مصدرها على الأرجح دبابة تابعة للقوات النظامية. كما وصل الى المستشفى نفسه مدنيون آخرون غطى الغبار الناجم عن الدمار وجوههم، تبعته شاحنات صغيرة تقل جرحى من المقاتلين المعارضين. وأشار المرصد إلى تعرض أحياء الصاخور وهنانو والمغاير والشعار وقاضي عسكر وطريق الباب والكلاسة والأنصاري والفرقان وكرم البيك في حلب للقصف. وأدت أعمال العنف أول من أمس إلى مقتل 173 شخصاً في مناطق مختلفة من سورية.