يثير هجوم شنَه شيخ على الممثلة المصرية الهام شاهين التي نعتها بأبشع الصفات، تعليقات الكثيرين من زوار المواقع الالكترونية، ويبدو سؤال أحدهم "ماذا قدمت المدعوَة الهام شاهين؟ عملت ايه للبلد" غاية في" اللطف" إذا ما قورن ببقية التعليقات حول هذه القصة التي تحولت "قضية" لم ينته الجدل حولها بعد. وتشجع متابعة تعليقات القراء على الاخبار المنشورة في المواقع الالكترونية للصحف حول هذه القضية على طرح تساؤلات عن دور الفن في العالم العربي في رأي الجمهور العريض، كما النظرة إلى الفنانين و الفن، أو اللا فن كما يوصف في الغالب. القضية باختصار هي في وصف شيخ ظهر على محطة فضائية (غير مرخصة كما قيل) للممثلة الهام شاهين بأنها "فاشلة وفاجرة" ولم يتوقف الامر عند هذا الحد بل هو اراد الاستفسار عن عدد من "قبََلها" وجاء هذا بعد تصريح لها حول خوف الفنانين من حكم "الإخوان" والتيارات الأخرى لمصر وتساؤلها "أعطيت فناً لمصر فماذا قدم هؤلاء لها"؟ ومذ ذاك، لا تتوقف التصريحات والتصريحات المضادة بين الفنانين والمسؤولين ورجال الدين ومعها ردود القراء وغيرهم. من خلال متابعة قرابة ال250 تعليقاً على ثلاثة مواقع متنوعة بتوجهاتها الإيديولوجية و"الجغرافية"، إذا جاز القول، فإن نسبة المدافعين عن الفن عموما، وعن الفنانة على نحو أقل، لا تزيد على الخمسة عشر في المئة وهو رقم تقريبي. أما في الهجوم، فقد نالت شاهين التي "لم تقدم سوى أفلام الرقص ومحاربة القيم" كما وُصفت، نصيباً وافراً من التجريح اللاذع ضمن هجوم على "الفن والفنانين". في فئة المهاجمين الكاسحة على الفنانين، نسبة ضئيلة فقط انتقدت ما يقدمه "هؤلاء" من فن، بمعنى تقويم القيمة الفنية لأعمالهم إذ انصب معظم التعليقات على تقويم القيمة "الأخلاقية" للفنانين، في خلط مدهش بين الصورة (أي التمثيل) والواقع. وهكذا، اعتبر أولئك مستمرين في "نشر الرذيلة والفساد الأخلاقي في المجتمع"، وتنطبق على أفعالهم المادة القانونية التي "تحاسب على الفعل الفاضح علنا"، كما يقدم أحد المعلّقين "اضطراب حياة الفنانين" كدليل قاطع على أن المسلسلات والأفلام لا تؤدي إلى الحفاظ على تماسك المجتمع. نظرة عموم الناس في عالمنا العربي إلى "الفن"، لا يُحسد الفن (وأهله) عليها. فإضافة إلى كونه "عملاً غير نظيف"، فإنه سبب كل مشاكل المجتمع، فهل نشر الفن غير "الفاحشة والجريمة؟"، يتساءل أحدهم. وبدا أحياناً أن الفن يروق لبعضهم، ولكنْ، شرط أن يكون "أفلاماً علمية وعن تطور الصناعات ومكارم الأخلاق...". ولم يكن تجاهل القيمة الفنية للأعمال مطلقا، إذ في لوم تجاوز النواحي الأخلاقية إلى الفنية اعتبر عدد من المعلقين أن الممثلين والممثلات أساؤوا لمصر بما قدموه، كما وهزأ بعضهم مما يدعيه الفنانون من "معالجة الفن للقضايا المزمنة في البلاد". وتساءل معلقون آخرون عما إذا كان ما يقدمه "هؤلاء" (اي الفنانين) يدخل ضمن تعريف الفن "... هذا ليس فناً، هل هذا فن؟"، هكذا تساءلوا وقدّموا مفهومهم للفن "الصحيح"، وهو أن ينال الفيلم الأوسكار مثلا، كما عبر أحدهم، أو "يعالج مشاكل المجتمع بشكل محترم". وأسديتِ النصائح للفنانين "عليهم الانصراف إلى أعمال نظيفة". وبين هدير الأصوات المنددة، تضيع عبارات من نوع "الفنان ضمير المجتمع" و"هو قدَم وخدم وغير معقول معاملته هكذا"، مع تأكيد على حرص "المصريين على الفنون والفنانين"، فضلاً عن عتب ولوم "لأننا الأمة الوحيدة التي تسخر من الفن وتحتقره". وتعمَق أحدهم في الموضوع إذ كتب "فالهجوم يجب أن يطاول ليس الفن وإنما القصص المستهلكة والإخراج السيء والتمثيل الأسوأ". أما ما يمكن تصنيفه تحت خانة الدفاع عن الفنانة، فلم يكن دفاعاً قوياً بقدر ما كان انتقاداً لطريقة الشيخ في انتقادها. فقد حظي الأخير بشيء من اللوم الملطف لكونه قال "الحقيقة ولكن بلهجة شديدة "، إضافة إلى أنه لم يوجه انتقاده "بالقول الحسن"، أو "بأسلوب محبب" وإنما اعتمد "السب"... في خلاصة مفادها أن "الله هو الذي يهدي العباد والرجل أخطأ ولكن أفلامها مسخرة وقلة أدب". وتناولت التعليقات الرئيس المصري عند استقباله وفد الفنانين بعد الحادثة، وتراوحت المواقف بين إعجاب "بدهاء الرئيس في استمالة قلوب الفنانين" ومرونته وذكائه في "احتواء تيار كان مناصراً لمبارك (وهو ما يُتهم به الفنانون)"، من جهة، ومن جهة ثانية بين صدمة من هذا الموقف من الفن والفنانين "لم ننتخبك لترضيهم"، وقد كان من الاجدى "استقبال العاطلين عن العمل بدلاً من الفنانين وأيضا المثقفين والعلماء "... وبغض النظر عن الإهانات الفجة الموجهة إلى من يريد "الشهرة والفتنة" أي الفنانين، فإن الانتقادات، وهو وصف جد مخفف، تثير تساؤلات أولها عن الغياب شبه الكامل للمدافعين عن الممثلة، فأين ذهب المعجبون بالفنانة؟ هؤلاء الذين يحضرون أفلامها وأعمالها التلفزيونية؟ ألا يقرأون أم يقرأون ولا يكتبون؟ ام أن حضورهم لأعمالها وإعجابهم بها شيء، واحترامهم شيء آخر وذلك في نوع من فصل أو ازدواجية تجعل الشخص نفسه يعبر عن إعجابه بفنانة ويقدم لها الورود بينما يعتبرها "غير شريفة". فهل تعبّر هذه التعليقات عن نظرة شاملة للتمثيل في العالم العربي، أم أنها مجرد أصوات لهؤلاء الذين ينشطون أكثر من غيرهم لإسماع أصواتهم؟ ثمة من يتابع الأعمال الفنية والحفلات والبرامج ويستمتع، لكنه في قرارة نفسه يحمل نظرة دونية للفن والفنانين، وآخرون يحترمون الفن للكنهم قد لا يحترمون الفنانين والفنانات بخاصة. ولكن ثمة من يحترم الاثنين ويقيَم فنياً، وليس أخلاقياً ولا يخلط بين التمثيل والواقع ولا يعير بالاً الى المعايير الاجتماعية السائدة، ولكنه من هذه الفئة التي لا تعلق ولا تدخل في هذه السجالات ليأسها (ربما) من تغيير العقول أو لعدم وجود الوقت الكافي لديها للرد والرد المضاد. لمشاهدة الرابط على يوتيوب http://www.youtube.com/watch?v=FXHWl4dZC80