خالد يوسف أحد المخرجين الذين دائما ما تثار حولهم الإشكالات، ولديه زوايا في العمل الدرامي لا يراها سواه، اتهموه بأنه مخرج عشوائيات، لأنه يظهر من خلال أعماله بأنه ناقم على الفقر ومتحيز للإنسان، إلا أن هذا الجانب المضيء دائما ما تحجبه انتقادات الابتذال والجرأة غير المبررة.. التقيناه في الحوار التالي، وبدا فيه مدافعا عن كثير من مرئياته.. حصلت أخيرا على لقب أفضل مخرج عربي في العشرة أعوام الأخيرة.. ماذا يعني لك هذا الاختيار؟ لكل مجتهد نصيب، والله عز وجل أكرمني بهذا اللقب على المجهود الذي أبذله في عملي، وحقيقة هو يعني لي الشيء الكثير، فاختياري أفضل مخرج من قبل إحدى المؤسسات الأجنبية دليل على التوفيق. لماذا ارتبط اسمك بالمخرج الراحل يوسف شاهين؟ لأنني تلميذ له، وتعلمت في العشرة أعوام الأولى لي في الإخراج من أستاذي يوسف، وكنت ملازما له في الأفلام التي عملها من عام 1990 حتى أخذ الله أمانته، حيث كنت أشاركه في كتابة القصص والسيناريوهات، فضلا عن مشاركتي معه في الإخراج مساعدا ومنفذا. لكن رؤيتك الإخراجية تختلف عن رؤية يوسف شاهين؟ بكل تأكيد، وذلك طبيعي يوسف شاهين علمنا الإخراج لكي نعبر عن رؤيتنا الإخراجية في مواضيع ومواقف وثقافات وقناعات وهموم ومشكلات في الحياة عايشناها نحن في جيلنا، وليس في جيل يوسف شاهين، وكان يقول أنا أعلمك حتى تقدم وتوصل رؤيتك ورسالتك أنت للمجتمع، وليس رؤيتي أنا وهذا ما عملت به، فأعمالي السينمائية تختلف كليا عن أعمال يوسف شاهين. لماذا تدور في فلك الجدلية ويكون هناك اختلافات حول طرحك السينمائي؟ الجدل بمعناه العلمي هو التعصر والتأثير، وهذا أحد مستهدفات الفنون بشكل عام فالعمل الفني الذي لا يثير جدلا ولا تأثيرا في المجتمع ولا يطرح إشكالية، ولا يناقش مشكلات مهمة وحساسة في المجتمع فمن الأفضل ألا يعرض، وبالتالي أعمالي أركز فيها على طرح إشكاليات وأتحدث عن تناقضات في المجتمع العربي سواء في الموروث الاجتماعي أو العادات الاجتماعية. لكن هناك من يرى أنك تصور المجتمع المصري والعربي بشكل عام على أنه بلد فوضى وغير أخلاقي ومليء بالمشكلات؟ أنا لست مخرج إعلانات ودعايات سياحية للمجتمعات العربية، فالعمل الذي أعمله يهتم بالواقع العربي ولا سيما البسطاء في المجتمعات العربية وهذه الشريحة التي أنتمي لها وأعبر عنها وأوصل صوتهم ورسالتهم، بينما من يرى أنني أصور الفوضى فأقول له المخرج ليس عمله إظهار الصورة الوردية عند كل مجتمع، ومخادعة نفسه بأن المجتمع الذي ينتمي إليه مجتمع ملائكي لا يوجد به أخطاء وسلوكيات سيئة، فأنا لا يمكن أن أقول إن الصورة وردية وليست مهمتي ذلك، ولن نعالج تناقضاتنا وسلوكياتنا السلبية ولن نصحح أخطاءنا، فإلى متى ندغدغ مشاعر بعضنا ونجامل بعضنا ونردد بأن مجتمعنا أفضل مجتمع، والواقع على عكس ذلك، فالقفزات الحضارية التي تحدث في تاريخ الأمم دائما ما تحدث عندما يحدث نقد للذات. هل بإمكاننا القول إن فيلم حين ميسرة «فتح النار» عليك من جميع الاتجاهات؟ هذا صحيح، لأن الفيلم يناقش قضية حساسة وشائكة وهم الناس الذين يسكنون في العشوائيات والذين يقدر عددهم بأكثر من 16 مليونا، ويعيشون تحت خط الفقر وهذه الشريحة لأول مرة تظهر قضيتهم على الشاشة بهذا الشكل، وهذا ما سبب خلافا كبيرا في المجتمع، وتكلموا حوله لدرجة أن هناك من لم ينتبه لهذه الفئة التي تعاني من الفقر والعشوائية. هناك من يؤكد أن أعمالك في الأعوام الأخيرة أصبحت تجارية، وهذا ما دفع البعض إلى المطالبة بمنعها أو إيقاف عرضها؟ هذا يعود إلى طبيعة الأمور، فمثلا لو قدمت سينما لا تمس الواقع ولا تحفز على التقدم لم أواجه الانتقادات، وطالبوا بمنعها، ولكن لأن السينما التي أقدمها سينما متمردة وتنشد الأفضل، وتطالب بمعالجة الأخطاء والسلبيات فإنه من الطبيعي أن تتعرض للهجوم وتواجه النقد القاسي، لأنهم سيستفيدون من هذا الحال وسيستغلون هذا الوضع لمصالحهم. عرض أعمالك كاملة دون حذف.. هل أعتبرها نفوذا؟ هو استخدامي للحق الذي حفظه لي الدستور، وحقيقة أدافع باستماتة عنها بالتالي «ما يقدروش يشيلوا مشهد من أفلامي»، وحين يقول الرقيب سأحذف هذا المشهد أقول له أعطني سندا قانونيا يعطيك الحق بأن تحذفه. في فيلم دكان شحاتة، ألم يداخلك الخوف والقلق من فشل تجربة هيفاء وهبي السينمائية؟ لا أخفي عليك أنني كنت متوترا وخائفا من هذه التجربة السينمائية؛ فهيفاء وهبي نجمة كبيرة في مجالها، وفي السينما تخطو خطواتها الأولى، ولكن الحمد لله أبدعت وحققت نجاحا كبيرا. ما الذي دفعك لاختيار هيفاء وهبي للمشاركة في فيلم دكان شحاتة؟ إنها كانت ملائمة للدور. تعليقك على مهاجمة علماء الدين في مصر لأفلامك؟ هناك من هاجم أفلامي ولست مقتنعا بهجومهم، وبالمقابل هناك علماء يشيدون بأفلامي، وكانت لدي مناظرة شديدة الأهمية مع الشيخ الدكتور نصر فريد، وقد أشاد بالأعمال التي أقدمها، وهذه شهادة أضعها تاجا على رأسي. وما هي قصة التهديدات التي تعرضت لها؟ كثيرا ما تصلني تهديدات بداية من القتل مرورا بحرق أعمالي فضلا عن التهديد بمنع الأفلام من العرض، وكذلك رفع دعاوى قضائية بالتشكيك في وطنيتي أو ديني وغيرها من تهديدات قاسية جدا، ومع ذلك أتقبلها وأتصدى لها بثبات. كان لك موقف من ارتداء الفنانات للحجاب والتمثيل به.. أليس كذلك؟ الفن السينمائي لا يستقيم مع الحجاب، فمثلا لو كان لدي في فيلم دور فتاة محجبة، فإنني أحتار من وضعها لحجابها في المنزل ولا يكون مبررا دراميا، على العكس لو كان الأمر في الشارع، وما الفائدة من العمل ما دام أنني لم أغير في شخصية الفنانة شيئا، ففي العمل الفنانة تجسد شخصية ليست شخصيتها بل نموذجا من الواقع حتى أن المشاهد ولمعايشته الأحداث الدرامية قد يتأثر ويبكي، ولكي ينجح العمل لا بد أن أجسد شخصية ليست شخصيتي، وفي رأيي لن ينجح فيلم بفنانة محجبة. ألا يضايقك لقب مخرج العشوائيات؟ على الإطلاق، بل أعتبره شرفا لي أن أكون «مخرج العشوائيات»؛ لأنني سأمثل أكثر من 16 مليون مصري وهذا شرف كبير لي. ما السر وراء اختيارك للفنان هاني سلامة في أغلب أفلامك؟ لأنه مناسب لكل الأدوار التي قدمها. منى زكي رفضت المشاركة في أي عمل يكون من إخراجك.. ما رأيك؟ أنا لم أعرض عليها حتى ترفض، وعندما أعرض عليها عندها يحق لها إبداء وجهة النظر. ما هو جديد خالد يوسف؟ فيلم «كف القمر» من تأليف ناصر عبدالرحمن وحتى لم اختر الممثلين .