انتقد رئيس حزب الأمة السوداني المعارض الصادق المهدي، وهو آخر رئيس وزراء منتخب في السودان، إيران في شأن «تزوير إفادة «الرئيس المصري محمد مرسي في قمة عدم الانحياز حول سورية والدعم الإيراني للحكومة السورية»، وأعتبر أن مؤتمر عدم الانحياز في طهران «لم ينجح في إعادة إنتاج دور فعال لهذه الدول»، ودعا إلى «رئيس بديل وفاقي في سورية يلتزم ببرنامج تراضٍ وطني يحجّم الاستقطاب الطائفي والتدخلات الخارجية». ورأى في حديث هاتفي إلى «الحياة» أن السعودية وقطر قادرتان على أن تلعبا دوراً مهماً في عملية السلام في السودان ودعم مشروع طرحه يهدف إلى «سودنة عملية السلام» وتحقيق التحول الديموقراطي، وأكد أن النظام في الخرطوم محاصر الآن بعوامل عدة، وهي تململ الشارع السياسي في البلاد، وتململ عناصر ذات وزن داخل الحزب الحاكم، وتعدد جبهات القتال، والتردي الاقتصادي، وتكاثر قرارات مجلس الأمن ضده بموجب الفصل السابع وقد بلغت حتى الآن 48 قراراً، وما لم يقبل النظام خطتنا لاستنساخ سيناريو جنوب أفريقيا لعام 1992 فإن البلاد مرشحة للتشظي والتدويل». وعن تزوير إيراني لتأكيدات الرئيس المصري محمد مرسي في قمة دول عدم الانحياز في شأن سورية قال: «إن ما صاحب المؤتمر من تأكيد إيراني لدعم موقف الحكومة السورية وتسويق مواقف الآخرين لذلك هو أمر مؤسف ما كان ينبغي حدوثه». وأضاف: «إن المؤتمر مع ما فيه من نجاح للديبلوماسية الإيرانية فإنه لم ينجح في إعادة إنتاج دور فعال لهذه الدول وكان كأنه مهرجان ديبلوماسي بينما الشعوب تتوقع حلولاً محددة للأزمات الاقتصادية، وبدائل مجدية لأهداف الألفية التي لم تنجز، وتتزايد الحاجة لبديل مجد له (لعدم الانحياز) ومطالب محددة في مجال العدالة البيئية لتدفع الدول الغنية تعويضات محددة للدول المتأثرة سلباً بتلويث البيئة، ومشروع محدد لإصلاح النظام الدولي الحالي». إنقاذ الشعب السوري وشدد على «ضرورة التحرك العاجل من أجل إنقاذ الشعب السوري باعتبار أن ما يحدث من سفك دماء أفقد النظام الحالي الشرعية وينبغي الضغط الإقليمي والدولي للإتيان برئيس بديل وفاقي يلتزم ببرنامج تراضٍ وطني يحجّم الاستقطاب الطائفي والتدخلات الخارجية». وفي شأن مفاوضات أديس أبابا بين حكومتي شمال وجنوب السودان لحل القضايا الخلافية قال: «للأسف كل الإشارات الصادرة من القيادتين في الخرطوموجوبا حتى الآن سلبية، وللأسف صدرت تصريحات في البلدين تؤكد هذه المعني، وهذا يدل على أن القيادة في الحالين ترى أن دورها المهم هو كيفية إزالة الطرف الآخر، والتعبير عن شيطنة الطرف الآخر. وأضاف: «نحن نعتقد أن هذا الخط الذي نلمسه في التصريحات في العاصمتين خط انتحاري ومدمر، وكل تفاصيل هذا الخط تدل على التدمير المتبادل تهم شعب السودان في بلديه، السودان وجمهورية السودان، ولذلك نحن الآن نتحرك بقوة لنقول إننا لا نترك مصير بلدينا لقيادتين حتى الآن ثبت أنهما تسيران في طريق الانتحار المتبادل، ولذلك نحن بصدد عقد «مؤتمر سلام ظل» في الخرطوم (يمهد لمؤتمر سلام أشمل)، ونرجو أن يخرج بمشروع سلام عادل وشامل لكل قضايا الحرب في السودان وتحول ديموقراطي كامل». وهل سيوافق النظام السوداني على مشروعك للسلام والتحول الديموقراطي، قال: «يحاصر النظام السوداني الآن تململ الشارع السياسي وتململ عناصر ذات وزن داخل الحزب الحاكم، وتعدد جبهات القتال، والتردي الاقتصادي، وتكاثر قرارات مجلس الأمن ضده بموجب الفصل السابع وقد بلغت حتى الآن 48 قراراً، ما لم يقبل النظام خطتنا لاستنساخ سيناريو جنوب أفريقيا لعام 1992 فإن البلاد مرشحة للتشظي والتدويل». وأضاف: «في رأينا أن هذا المشروع يحظى بدعم كل القوى السياسية في السودان، وسوف نضغط بكل الوسائل كي يحقق هذا الضغط الأهداف الوطنية، ونعتقد أن هذا المشروع السوداني يسودن عملية السلام المُغرّبة والمعتمدة على تحركات في عواصم خارج السودان، نحن نريد أن نسترد لعملية السلام السوداني سودانيتها ووطنيتها، ونعتقد بأن هذا الخط هو الخط الأصلح لبلدنا». وسئل عن تدخل الاتحاد الأفريقي بعد أزمة «هجليج» الأخيرة لحل الأزمة السودانية وهل يسلب ذلك الدور السوداني الداخلي الذي يدعو إليه، قال: «إن الذي حدث في هجليج وما بعدها أن الاتحاد الأفريقي ملزم عبر مجلس الأمن والسلم الأفريقي بموجب بروتوكولاته ومواثيقه أن يمنع حدوث حروب في أفريقيا، ولذلك تحركوا بكفاءة عالية وقوة كي يقولوا للطرفين في الخرطوموجوبا أننا لا يمكن أن نسمح بالحرب بين البلدان الأفريقية ولذلك نناشدكم قبول خريطة طريق للسلام، فان قبلتم هذه الخريطة فستجدون منا الدعم والتأييد، وإذا عجزتم أو تمنعتم نحن (الاتحاد الأفريقي) سنقوم بدور التحكيم في ما يتعلق بتحقيق السلام في البلدين، وما دام هذا هو رأينا ونحن (الاتحاد الأفريقي) سنسعى لدعم أممي سنرفع هذا الموضوع لمجلس الأمن وبالفعل حدث ذلك». وأضاف: «الآن هناك خريطة طريق أفريقية بدعم دولي، ويُنتظر إذا عجز الطرفان (الخرطوموجوبا) في الوصول إلى اتفاق أن تُحقق هي سلاماً أفريقياً دولياً مفروضاً على الدولتين، فإن أبتا أو أبت إحداهما ستعرض نفسها لعقوبات أفريقية دولية». وتساءل المهدي: «ما هي الصلة بين كلامنا (دعوته لمؤتمر سلام سوداني) والدور الأفريقي، وأجاب: «إننا نعتقد بأننا أقدر، وأجدر أن نقدم مشروع سلام للسودان مضبوطاً ومجدياً، هذا المشروع نعتقد بأنه سيكون مرجعاً للتفاوض بين الدولتين، وسيكون مرجعاً إذا عجزت الدولتان (في شأن) القرار الأفريقي والدولي». وسئل، لماذا تكرر طرح المبادرات وهناك مبادرات سابقة قدمتها ولم تنجح، ولن تعرها الحكومة السودانية اهتماماً، رد: «أولاً مبادراتنا كانت ناجحة (تاريخياً)، مبادراتنا جاءت بميثاق أكتوبر (1964 عندما أطاحت ثورة شعبية سودانية بحكم عسكري قادة إبراهيم عبود)، وهي (مبادراتنا) التي جاءت بانتفاضة (رجب) أبريل (1985 وهي ثورة شعبية أطاحت حكم الرئيس السابق جعفر نميري)، ولذلك لا نعتبر مبادراتنا غير مجدية، نعتقد أنها مجدية. وقال: «في ما يتعلق بهذا الموضوع (مبادرة جديدة للسلام والتحول الديموقراطي في السودان) فإنها ببساطة شديدة إذا وجد هذا الموقف إجماعاً (سودانياً)، فهذا ما نتطلع إليه وإلا فإن الحزب الحاكم الذي لا يُجمع أو لا يتجاوب، سواء في الخرطوم أو جوبا سيعزل نفسه. وسئل عن مواقف قوى سياسية سودانية ترى أن النظام الحاكم في الخرطوم لا يتغير إلا بعمل عسكري كما ترى «الجبهة الثورية السودانية» فيما يرى آخرون أن الانتفاضة الشعبية هي الحل لمشاكل السودان، فقال: «في رأيي هناك خياران، لكن أي الخيارات أفضل لمستقبل الوطن، هذا هو السؤال، نحن نقول إن فصائل «الجبهة الثورية» (تضم الحركة الشعبية لتحرير السودان في الشمال وحركات دارفورية) لديها قضايا مشروعة، هناك قضية مشروعة للسلام في دارفور، وقضية مشروعة للسلام في «جنوب النيل الأزرق» و «جنوب كردفان» (تشهد حرباً حالياً)، وهناك قضية مشروع للسلام في أبيي، إذن هناك قضايا مشروعة، ومفهوم جداً أن يكون عندهم تظلم وتحرك لإنهاء هذا الظلم، ولكن نحن نقول إن تحركاً مسلحاً لإسقاط النظام في الخرطوم بدعم أو تأييد أو مباركة من جوبا (حكومة جنوب السودان) سيحيل الأمر إلى حرب بين جوباوالخرطوم (بين دولتي السودان الشمالية والجنوبية)، والحرب بينهما ستعيد سيناريو «هجليج»، ويتحول الموضوع لاستقطاب مهم وحاد بين الدولتين. وأضاف: «الخيار الثاني هو خيار الانتفاضة، وهو وارد وممكن، ولكن نقول إن هذا الخيار سيواجه بمواجهة من النظام، وسيتصرف النظام (في الخرطوم) مثلما تصرفت النظم (الديكتاتورية) بعد ثورات مصر وليبيا واليمن وسورية، وهذا سيؤدي للأسف إلى إسالة دماء في بلد مثل السودان، مليئة وحبلى بالخلافات الواسعة، ويوجد في البلاد أكثر من خمسين فصيلاً مسلحاً، وكلما تخلف الحل سيصير هذا ممكناً (الانتفاضة الشعبية)، مع ما فيه من إسالة دماء، لذلك نحن نقول إن العقل والوطنية يوجبان أن ندرك هذه الحقيقة، وأن نتحرك تحركاً أسميه استباقياً لعمل سيناريو مثلما حدث في جنوب أفريقيا (سيناريو كوديسا). دور السعودية وقطر وكيف ترى دور دول مجلس التعاون الخليجي في دعم التوافق بين السودانيين، وبخاصة السعودية وقطر؟ قال: «السعودية دولة ذات مكانة خاصة، أولاً لأنها وطن الحرمين الشريفين، ثانياً لأن عندها إمكانات مادية كبيرة في عالم جف منه المال السائل الآن، ثالثاً عندها قيادة مستعدة للتعامل مع المتغيرات تعاملاً إيجابياً، ولهذه الأسباب الثلاثة، ولأن هناك علاقة كبيرة وجوار بينها وبين السودان يُنتظر أن تقوم بدور مهم في هذه المرحلة، وهذا الدور لا يمكن أن تنفرد به دولة من دون غيرها، ولا شك في أن قطر قامت بدور مهم جداً وفعلي وليس متوقفاً في الشأن السوداني، وتحقق من هذا ما تحقق في الماضي في ما يتعلق باتفاق الدوحة (حول دارفور)، لكنه كما أقول هو محطة يمكن أن تليها محطات حتى نبلغ سلام دارفور. وتابع: «يُنتظر من قطر أن تقوم بدور مهم في هذا المعنى (السلام السوداني الشامل) وطبعاً نحن حينما نجد فرصة نتحدث بقوة مع قيادتي السعودية وقطر عن أهمية أن تلعب القيادتان دوراً إيجابياً في خلاص السودان مما هو فيه من مستنقع، ونتقول هذا الموضوع ليس موضوعاً لانفراد أحد، ونتوقع من كل الأشقاء أن يلعبوا دوراً إيجابياً منسقاً، ونتوقع من مصر بعد انتهاء المرحلة الحالية وبعد اكتمال بناء مؤسساتها الدستورية أن تكون في موقع يمكنها من القيام بدور مهم في هذا الموضوع». وقال: «نتوقع أن يحدث تنسيق بين أشقائنا جميعاً، ليقوموا بهذا الدور، ولكن في هذا الموضوع فليتنافس المتنافسون، نحن ليس لدينا هدف غير أن نستنهض همة الأشقاء، ليدركوا أن الحرب وعدم الاستقرار في السودان سيمس مصالحهم القومية مساساً مباشراً». وعن التوجه الخليجي لإنشاء اتحاد بين دول مجلس التعاون الست، قال: «من حيث المبدأ كل اتحاد قوة، ولا شك في أن هذا التفكير استراتيجي وصحيح، والمهم في هذا التفكير الاستراتيجي أن يكون ضمن توفير حقوق الشعوب، ويجب أن يكون الاتحاد تعبيراً عن وحدة تكفل وتضمن حقوق الشعوب في الحرية والعدالة، لأن أي نوع من الاتحاد لا يوفر هذه الحقوق يخلق تناقضاً بين المستوى الرسمي والشعب لا يكتب له النجاح». العلاقات المصرية السودانية وكيف تنظر إلى العلاقة السودانية مع مصر بعد الثورة الشعبية، قال: «الرسالة التي نوجهها بوضوح أننا شهدنا مناورات كثيرة في العلاقات بين السودان ومصر ومشاكل كثيرة أيضاً، الآن هناك مرحلة جديدة ويجب أن تقوم على المصالح المشتركة والموضوعية وعلى أسس لا تتغير في شأن المصير المشترك بين البلدين، ونحن نقول إن القيادة المصرية المنتخبة ستضع الملف السوداني ضمن أولوياتها، لأنه الآن هناك قضايا الأمن المصري نفسه، والأمن الغذائي المصري، ومصير حوض النيل، وكل هذه القضايا تستوجب اتفاقاً استراتيجياً بين السودان ومصر، ونحن من بين ما نقترحه مثلاً نطالب بتوأمة في العلاقة بين الشمال والجنوب (دولتي السودان) نقول كذلك بضرورة بناء علاقة تكاملية بين السودان ومصر، كما نتحدث عن إمكان قيام كونفيديرالية عربية أفريقية تضم أكبر عدد من جيران السودان شمالاً وجنوباً وليبياً وأوغندا وإثيوبيا وأرتريا، نحن نتكلم عن ضرورة قيام كونفيديرالية عربية أفريقية يلعب فيها السودان دور «الأمية» (دور الدينمو المحرك)، لأنه جار لكل تلك الدول، وحتى تكون الكونفيديرالية جزءاً من عملية البناء الوحدوي الذي نأمل أن يقوم، لأنه لا يمكن الكلام عن وحدة أفريقية أو وحدة عربية يكون السودان طرفاً فيها متناقضاً، لا بد من التكامل بين التوجه العربي والأفريقي. وكيف تنظر إلى فوز أحزاب إسلامية بعد ثورات عربية والتحديات التي تواجهها، قال: «ببساطة شديدة كنت أقول دائماً إن الثورات التي حدثت في المنطقة هي ثورات ديموقراطية، ولم تكن ذات أيدولوجية معينة، ولكن كنت دائماً أقول إن الشعوب في هذه المنطقة إذا انتزعت حريتها ستعبر عن تطلعاتها الإسلامية، وهذا ما حدث وسيحدث في المنطقة، كلما حدثت حرية للشعوب سوف تترجم حريتها في شكل تطلعات إسلامية». وأضاف: «السؤال ما هو التعبير الإسلامي الذي ينبغي أن تلتزم به القيادات الإسلامية، هذا ما دفعني لكتابة كتاب «مصالح الفجر الجديد، وقلت نعم لحتمية التوجه الإسلامي، ولكن التوجه الإسلامي يواجه تحديات هي الوحدة الوطنية، كيف يتعاملون (قيادات الأحزاب الإسلامية) مع الآخر الوطني، كيف يحققون العدالة الاجتماعية، كيف يتعاملون مع مطلب التحديث، وكيف يتعاملون مع الأسرة الدولية على أساس الندية والمصلحة المشتركة وليس على أساس التبعية كما كان. ورأى المهدي أن «الأحزاب الإسلامية محتاجة للاستجابة بمرجعية إسلامية لتلك المطالب، والإسلام بمبادئه السمحة السياسية والفكرية يستطيع أن يحقق هذه الاستجابة من داخل مرجعيته، ومن هذا المنطلق نحن مطالبون في إطار هذه الانتصارات للقوى السياسية الإسلامية تلبية المطالب الشعبية والضرورات العصرية، ويجب أن تدرك القوى الإسلامية أنها إما أن تنجح فتحقق صدقية لشعار «الإسلام هو الحل»، أو تفشل ويحدث لها للأسف ما حدث للتجربة السودانية، وبذلك للأسف لا نقول بفشل الإسلام لكن تفشل تجربتهم الذاتية، ونحن في اتصالات مع كل القوى السياسية الإسلامية، وعبرنا لهم بقوة شديدة عن تلك المعاني». ولفت في هذا السياق إلى أن «التجربة التونسية امتازت بعوامل هي أنه منذ عام 2008 اتفقت القوى السياسية التونسية قبل الثورة (التي أطاحت الرئيس زين العابدين بن علي) على خريطة طريق نحو المستقبل بما يضمن الاتفاق حول تلك الخريطة، وثانياً ميزة التجربة التونسية أنها لم يكن فيها دور لمؤسسة عسكرية يخلق تناقضاً بين المدني والعسكري، هذا إيجابي، أما الميزة الثالثة، فإن القيادة الإسلامية ذات الصوت الأعلى انتخابيا (بقيادة الشيخ راشد الغنوشي) اتخذت موقفاً متفهماً لضرورة التعامل مع الآخر، وقدمت هي والقوى السياسية الأخرى مشروع حكم يحقق الوحدة الوطنية».