608% نموا بتمويل واردات الفواكه والخضار    الذهب ينخفض.. والأسهم ترتفع بقيادة شركات التكنولوجيا    مذكرة تفاهم ثلاثية لتفعيل مبادرة مسرعة المهارات في قطاعي الصناعة والتعدين    71 منصة عقارية إلكترونية تخدم أطراف المعادلة التسويقية    كوزمين: مرتدات التعاون تقلقني    رئيس اتحاد التايكوندو: المسؤولية مضاعفة ونحتاج تكاتف الجميع    (16) موهوبة تحول جازان إلى كرنفال استثنائي    تحت رعاية الملك ونيابة عنه.. أمير الرياض يكرم الفائزين بجائزة الملك فيصل    فرع الإفتاء بجازان يقيم برنامج الإفتاء والشباب في الكلية التقنية بمدينة جازان    ‏برنامج الإفتاء والشباب في مركز تدريب الأمن العام بمنطقة جازان    جلوي بن عبدالعزيز يعتمد هيكل الإعلام والاتصال المؤسسي بإمارة نجران    سمو وزير الخارجية يتلقى اتصالًا هاتفيًا من وزير خارجية سوريا    الزعيم يطارد 4 عالميين    "الشورى" يقر نظاماً مقترحاً لرعاية الموهوبين    الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية.. مستقبل واعد    الذهب الإلكتروني لجامعة سعود    زيلينسكي يدعو الرئيس الأميركي لزيارة أوكرانيا    محاربو تيجراي القدامى دون رعاية صحية كافية    الشيخ عبدالله بن حامد.. حكمة الجبل ونبض القبيلة في قلب الوطن    أدبي الباحة يحتفي بنجوم المستقبل    الأمم المتحدة تدين الهجمات على مخيمات النازحين بالسودان    «حماس» توافق مبدئيًا على توسيع صفقة الأسرى.. انفراجة محتملة بالمفاوضات    جولة جديدة من المحادثات النووية بين واشنطن وطهران في روما    تدشين مبادرة مهارات المستقبل ضمن الشراكة السعودية - البريطانية    دعوة المنشآت الغذائية للالتزام بالاشتراطات الصحية    أمير منطقة المدينة يدشّن النسخة الثالثة عشرة من مهرجان الثقافات والشعوب    وفد رسل السلام يزور مكتبة الملك عبدالعزيز العامة    القبض على مواطن لتكسيره زجاج مواقع انتظار حافلات في الرياض    "الداخلية" تُعلن ترتيبات وإجراءات تنظيمية استعدادًا لموسم حج 1446 ه    أمير تبوك يزور الشيخ محمد الشعلان وبن حرب والغريض في منازلهم    مستشفى أحد رفيدة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    جمعية البر بأبها تعقد اجتماع جمعيتها العمومية    كارلو أنشيلوتي على رادار الأندية السعودية    في جدة.. إثارة الفورمولا 1 تعود على أسرع حلبة شوارع في العالم    وزارة البلديات وأمانة الشرقية و وبرنامج الأمم المتحدة يطلعون على مبادرات التطوير والتحول البلدي    الصحة القابضة والتجمعات الصحية يحصدون 8 جوائز في معرض جنيف الدولي للاختراعات    تحت رعاية خادم الحرمين .. الهيئة الوطنية للأمن السيبراني تنظم النسخة ال5 من المنتدى الدولي للأمن السيبراني أكتوبر المقبل    سمو محافظ الطائف يشارك لاعبي المنتخب السعودي فرحتهم بالتأهل    أمّ القرى ترتقي بمنجزاتها على منصّات التتويج الدولية 2025    تجمع الباحة الصحي يشارك في قافلة التنمية الرقمية    فريق طبي ب "تجمع الباحة الصحي" يشخّص حالة طبية نادرة عالميًا    مدير فرع الهلال الأحمر يستقبل مدير عام فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الإجتماعية    أمانة جدة تصادر 30 طنًا من الفواكه والخضروات    التعامل مع الأفكار السلبية.. تحرير العقل وكسر قيود الذات    "محراب" أول قائد كشفي يرتدي الوشاح الجديد لكشافة شباب مكة    بلدية محافظة الرس تطرح 13 فرصة استثمارية في عدة مجالات متنوعة    الزامل مستشاراً في رئاسة الشؤون الدينية بالحرمين    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر توقع مذكرة مع جامعة الملك خالد    وقفات مع الحج والعمرة    ضغط عسكري متزايد على آخر معقل للجيش في دارفور.. الدعم السريع يصعد في الفاشر ويستهدف مخيمات النازحين    لبنان دولة واحدة تمتلك قرار السلم والحرب    اجتماع أمني رفيع بين العراق وتركيا لبحث التنسيق الأمني    أسرة العساكر تحتفي بزواج خالد    "ترند" الباراسيتامول يجتاح أمريكا وأوربا    شيخ علكم إلى رحمة الله    إطلاق 25 كائنًا فطريًا في محمية الإمام تركي بن عبدالله    إطلاق 2270 كائنا في 33 محمية ومتنزها    أمير تبوك يعزي أبناء جارالله القحطاني في وفاة والدهم    









ثلث نساء لبنان تعرّضن للتحرّش وأماكن العمل غير صحية
نشر في الحياة يوم 17 - 09 - 2012

«لا أعلم كيف وصلت إلى هذه الحال، وهل لقصّتي مقدّمة...» هكذا تضيع الكلمات من الشابة اللبنانية ناديا التي بلغت الخامسة والعشرين من العمر فقط، في وقت تشعر أنّ هموم الدنيا سقطت كلّها فوق رأسها منذ نادى لها مديرها ليهنئها بترقيتها. وبعد أن استعادت أنفاسها وجمعت قواها لتُخبر قصّتها، تقول ناديا: «خلال السنة الماضية وجدت وظيفة إدارية في إحدى الشركات، وكنتُ مرتاحة في البداية لأنّ الاحترام كان سائداً بين الزملاء».
تتسارع الكلمات حين تضطر ناديا إلى الكلام عن كيفية استدعاء المدير لها بعد شهرين من العمل ليعلمها بأنّها أصبحت مساعدته الشخصية. وعلى رغم أنّ هذا لم يكن طموحها اضطرت للقبول بسبب الحاجة المادية. ولم يمضِ يومان حتّى بدأ المدير يتودّد لها، ويطلب منها الخروج معه بالترغيب والترهيب، حتّى وصلت به الأمور إلى محاولة اغتصابها في مكتبه بعدما طلب منها البقاء ساعات إضافية خارج الدوام. فشل مدير ناديا في إخضاعها بعدما حالفها الحظّ بدخول الناطور إلى المكتب وسماع صراخها وإنقاذها. ركضت باكية من المبنى وهي تبحث عن أقرب مخفر لتتقدّم بشكوى ضدّ المدير، ولكنّ قصّتها في هذه اللحظة أصبحت حتّى أكثر قساوة من فعل التحرّش الجنسيّ.
حاولت ناديا شرح حالها للشخص المسؤول في المخفر وطلبت منه إيجاد وسيلة لمعاقبة المدير «المتحرّش»، لكنّ الجواب الذي سمعته كان: «هل يمكن أن نعاقب كلّ من يتغزّل بفتاة ويحاول التقرّب منها؟». صُدمت ناديا للجواب، فحاولت الاستفسار من موظّف آخر سألها بشكل حاسم: «هل اغتصبك الرجل؟». وحين قالت ناديا أنّه لم يستطع إتمام ذلك، قال لها الموظّف: «من حسن حظّك، والآن اذهبي لمنزلك وتنبّهي في المرّة الثانية إلى المكان الذي تعملين فيه». خرجت ناديا من المخفر وعشرات التساؤلات تتشابك في ذهنها: هل يمكن ألا يكون هناك أحد يحمي شخصاً تعرّض لتوّه للإساءة؟ وهل يمكن ألا يكون هناك وعي للتأثيرات الخطيرة على الضحّية؟ واليوم تقبع ناديا في منزلها بسبب خوفها الدائم من التحرّشات في الشوارع وأماكن العمل، خصوصاً أنّها باتت تعرف أنّ لا رادع للمعتدين.
ناديا هي واحدة من آلاف الفتيات والسيّدات اللواتي يتعرّضن للتحرّش في مختلف الأماكن مثل الشوارع والنقل العام والمدارس والجامعات وأماكن العمل في لبنان. فالإحصائيات التقريبية الخاصة بالجمعيات النسائية المحلية تشير إلى أنّ ثلث النساء في لبنان سبق وتعرّضن للتحرّش الجنسي عبر المراقبة، الملاحظات والنكات الجنسية، التحديق، اللحاق، اللمس، عرض المواد الإباحية، طلب الخدمات الجنسية، الاتصالات الفاحشة، الرسائل الإلكترونية وصولاً إلى الإذلال العلنيّ والتعنيف. وعلى رغم كلّ ذلك، فإنّ السلطات الرسمية اللبنانية لا تُعاقب بأي طريقة هذا السلوك ولا توجد قوانين لتجريمه، وهذا ما يعني أنّ المتحرّشين يستمرّون بأفعالهم لأنّهم يستطيعون ذلك من دون وجود أي رادع.
هذا الاستفحال لظاهرة التحرّش، بعدما أصبح الاعتماد على الأخلاقيات الاجتماعية وحده غير كافٍ، دفع الجمعيات النسائية إلى رفع الصوت للمطالبة بتجريم السلوك الذي يُعتبر هجوماً على حياة الإنسان وحيّزه وجسمه. وكما توضح الناشطة في جمعية «نسوية» ناي الراعي، فهناك حاجة ماسة إلى وضع الإطار القانونيّ للتحرّش الجنسيّ انطلاقاً من أماكن العمل وصولاً إلى الشوارع والمساحات العامة، وذلك لخلق آلية محاسبة. وهناك اليوم مشروع قانون مطروح من قبل الجمعية لمكافحة التحرّش في أماكن العمل، لكنّه لم يبصر النور بعد ليؤمن أدنى حماية للموظّفات كما للموظّفين، في حال تعرّض الرجل أيضاً للتحرّش.
لكنّ المطلب الأهم الذي تذكره الراعي، هو إيجاد وحدات متخصّصة بحالات التحرّش ضمن المخافر، تماماً كما يمكن أن تكون هناك وحدات خاصة بمراقبة حالات العنف الأسري ومتابعتها. فما يحدث اليوم هو اعتبار الموظّفين الرسميين في المخافر أنّه لا يمكن إثبات حالات التحرّش التي لا تتضمّن أي فعل جسديّ، ويتمّ تجاهل الشكاوى المقدّمة إليهم فيما يعيرون انتباههم فقط لحالات الاغتصاب لأنّها قابلة للإثبات من خلال شهادة الطبيب الشرعيّ. أمّا الوحدات المتخصّصة فيمكن أن تتضمّن أختصاصيين نفسيين وقانونيين وغيرهم من المتخصّصين القادرين على مساعدة الضحيّة لتخطّي الأزمة وملاحقة الأشخاص المعنيين القادرين على ارتكاب أفعال أكثر خطورة من التحرّش. وتشدّد الراعي على أهمية الشكوى، لأنّها «فعل مقاوم للعنف والقمع والخضوع»، وإذا تراكمت الشكاوى يمكن للدولة أن تتحرّك تجاه قضية التحرّش وتعمل على معاقبة المعتدين.
إذا كان إقرار القانون الذي يجرّم التحرّش بمختلف أشكاله أصبح ضرورياً جداً في لبنان، فالراعي تجد أنّ الحلّ ليس «في الناحية القانونية فقط»، فهناك أيضاً حاجة ماسة إلى التوعية لأنّ القضية اجتماعية وثقافية بامتياز. وقد حاولت جمعية «نسوية» التصدّي للتحرّش من خلال طرق عدّة منها إطلاق حملة «مغامرات سلوى»، وهي تهدف إلى تزويد النساء بالأدوات المناسبة لمواجهة التحرّش. ومن خلال شخصية «سلوى» المستخدمة كأداة بصرية، تروي الجمعية قصص نجاحات وتوثّق العديد من الاستراتيجيات التي تساعد في القضاء على التحرّش الجنسيّ.
إضافة إلى ذلك، تنظّم العديد من الجمعيات الأهلية محاضرات وندوات في مختلف المناطق اللبنانية للتصدّي لهذه الظاهرة عبر الجامعات والشركات المهنية تحديداً. إلا أنّ ما يبقى ناقصاً هو التوجّه إلى الفئات الأخرى في المجتمع التي يمكن أن يكون لها دور في تكاثر حالات التحرّش مثل سائقي السيارات وباصات النقل العام، العمّال الأجانب واللبنانيين في مختلف الورش والشباب العاطلين من العمل الذين يقضون وقتهم في المقاهي والشوارع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.