تعاني مناطق عديدة في جنوب المغرب شحاً في مصادر المياه العذبة بسبب نقص الأمطار وارتفاع الحرارة فوق 40 درجة مئوية، وسط تزايد الطلب على استخدام الماء لأغراض السياحة والزراعة، خصوصاً في مراكش ووارزازات وأغادير وماسة درعة. وأفادت مصادر في الوزارة المنتدبة المكلفة بالمياه، بأن «مياه السدود تراجعت من 11.4 بليون متر مكعب إلى تسعة بلايين في أقل من سنة، نتيجة ضعف تساقط الأمطار»، ولكنها اعتبرت أن «الوضع لا يدعو إلى القلق، وننصح السكان بضرورة ترشيد استخدام المياه وتجنب تبذير الموارد واحترام معايير حماية البيئة». وتراجع مخزون نحو 130 سداً في المغرب دون مستوياته قبل سنة، وقدر في المتوسط ب57 في المئة مقارنة ب73 في المئة العام الماضي. ويخزن المغرب في المتوسط بين 15 و20 بليون متر مكعب من المياه العذبة المنحدرة من جبال أطلس بعد ذوبان الثلوج، يستخدم منها 75 في المئة لأغراض زراعية و10 للسياحة. وخسرت موارد السدود نحو ثلاثة بلايين متر مكعب منذ مطلع السنة، أي الفترة التي ترافقت مع ضعف في الأمطار، خصوصاً في مناطق الوسط والجنوب التي تشهد طلباً متزايداً على الفنادق السياحية خلال هذه الفترة من السنة، وتؤمن جزءاً مهماً من صادرات الخضار والفواكه إلى أسواق الاتحاد الأوروبي. وأفادت مصادر في «المندوبية السامية للمياه والغابات» بأن «موارد المياه العذبة تراجعت عما كانت عليه قبل عقد على رغم أن مخزون المياه مرتفع في سدود الشمال، وأصبحت تقل عن 800 متر مكعب للفرد الواحد بعدما كانت تقدر بألف متر قبل 10 سنين وثلاثة آلاف عام 1960». ويحتاج المغرب إلى حماية موارده البيئية والطبيعية لتجنب الطلب المتزايد نتيجة ارتفاع عدد السكان والأنشطة الصناعية والخدمية، في مقابل تراجع الأمطار ما بين 40 و50 في المئة مقارنة بمستوياتها قبل أربعة عقود. وتراجع احتياط السدود الكبرى، مثل سد كريم الخطابي من 100 إلى 44 في المئة، وسد المختار السوسي من 93 إلى 14 في المئة، بينما لم يتجاوز إجمالي احتياط السدود 71 في المئة من كمية المياه التي كانت مخزنة حتى آذار (مارس) الماضي والبالغة 11.2 بليون متر مكعب. وأكدت الوزيرة المكلفة بالماء شرافات افيلال أن «الحكومة ستعمل على زيادة استثماراتها في مشاريع تعبئة المياه لمواجهة الشح المسجل في بعض المناطق»، معتبرة أن أمطار الصيف تسربت إلى السدود وكانت من الأسباب المباشرة لتعطل بعض وحدات ضخ المياه، خصوصاً في مدينة أغادير. ولفتت إلى أن بعض «الحلول على المدى المتوسط يكمن في إنشاء محطات لتحليه مياه البحر على المحيط الأطلسي على غرار تجارب سابقة في مدن أخرى في الصحراء مثل العيون وبوجدور والداخلة». وانفق المغرب منذ ستينات القرن الماضي مبالغ ضخمة على بناء السدود في كل المناطق جنبته مشاكل شح مياه الشرب والري. ولكن خبراء يعتقدون أنه يتحول تدريجاً من بلد الوفرة في مصادر المياه العذبة إلى بلد الندرة والحاجة، في وقت تراهن الرباط على مشاريع زراعية وسياحية تقدر بعشرات بلايين الدولارات وتحتاج إلى موارد إضافية من مياه الشفة والري. واعتبر البنك الدولي، الذي يستعد لعقد ندوة دولية حول مصادر المياه العذبة، أن نحو 800 مليون شخص في العالم لا يحصلون على مياه صالحة للشرب، و2.5 بليون لا يملكون قنوات للصرف الصحي، و1.3 بليون من دون كهرباء. وتعتبر منطقة شمال أفريقيا والشرقين الأوسط والأدنى والصحراء الكبرى، من المناطق المهددة بشح موارد المياه، والحروب المحتملة بسبب المصادر المشتركة للأنهار.