شنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو هجوماً عنيفاً على الولاياتالمتحدة أمس، معتبراً أن «لا حقّ أخلاقياً» لها بإلزام الدولة العبرية «التريّث» قبل توجيه ضربة لإيران. وعَكَسَ كلام نتانياهو عمق التباين بين تل أبيب وواشنطن في شأن تحديد «خط أحمر» لطهران، يشكّل تخطّيه ذريعة لتدمير منشآتها النووية. وقال ان «العالم يطلب من إسرائيل التريّث، إذ ما زال هناك وقت، وأقول: ماذا ننتظر؟ إلى متى ننتظر؟ أولئك في المجتمع الدولي الذين يرفضون تحديد خطوط حمر لإيران، لا يحقّ لهم أخلاقياً وضع خط أحمر أمام إسرائيل». وأضاف نتانياهو: «يمكننا أن نقول بثقة، إن الديبلوماسية والعقوبات لم تنجح. العقوبات أضرّت باقتصاد إيران، لكنها لم توقف برنامجها النووي. ومع مرور كلّ يوم، تقترب إيران أكثر فأكثر من (امتلاك) قنابل نووية. وإن كانت إيران تدرك أن لا خط أحمر، وأن لا مهلة نهائية، ماذا ستفعل؟ بالضبط ما تفعله الآن: تواصل تقدّمها، من دون أي تدخّل، في اتجاه امتلاك قدرات تسلّح نووي، ثم قنابل ذرية». وقد يكون نتانياهو تعمّد استخدام كلمة «مهلة نهائية»، ليردّ على وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي كانت شددت على أن بلادها ترفض تحديد «مهل نهائية» لإيران، وما زالت تعتبر المفاوضات «أفضل نهج» لتسوية ملفها النووي. واعتبرت صحيفة «هآرتس» أن نتانياهو شنّ «هجوماً كلامياً يُعتبر سابقة على الإدارة الأميركية». تزامن ذلك مع تذكير وزير البيئة الإسرائيلي جلعاد إردان بقصف الدولة العبرية لموقع في دير الزور في شمال سورية العام 2007، وتدمير ما يُعتقد بأنه مفاعل ذري قيد البناء، بقوله: «قيل آنذاك أيضاً إن الرئيس (الأميركي السابق جورج دبليو) بوش لم يكن متحمّساً للهجوم، ولم يوافق على مشاركة الولاياتالمتحدة. وفي أي حال، اتُخذت الخطوة الصحيحة» بتنفيذ الضربة. لكن اردان أشار إلى طلب قدّمته إسرائيل لعقد لقاء قريباً بين نتانياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما، مشدداً على أن «العلاقات بين إسرائيل والولاياتالمتحدة ليست مرتبطة بتصريح من هنا أو هناك، ولم تكن يوماً عميقة كما هي الآن مع الإدارة الأميركية». في غضون ذلك، أعلن وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا أنه إذا قررت إيران صنع سلاح نووي، سيكون أمام الولاياتالمتحدة «أكثر من سنة بقليل لوقفها». وأشار إلى أن الولاياتالمتحدة تملك «معلومات استخباراتية جيدة» عن إيران، مؤكداً قدرة بلاده على «محاولة منعها من تطوير أسلحة نووية». وكان الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني شدد على أن «الخط الذي يلتزمه الرئيس (أوباما) هو منع إيران من امتلاك سلاح نووي، وسيستخدم كل أداة في ترسانة القوة الأميركية، لتحقيق ذلك»، فيما اعتبرت الناطقة باسم الخارجية الأميركية فكتوريا نولاند أن «لا فائدة» من فكرة فرض مهل نهائية لإيران أو وضع خطوط حمر. وأوردت «هآرتس» أن مبعوثاً بريطانياً خاصاً زار الدولة العبرية سراً قبل أسبوعين، وسلّم مسؤولين إسرائيليين «رسالة صارمة من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون، ترفض ضربة إسرائيلية لإيران من دون تنسيق»، وأبلغهم أن لندن ما زالت تعتقد بأن ثمة وقتاً لتسوية ديبلوماسية. إلى ذلك، نقلت وكالة «رويترز» عن ديبلوماسيين إن الدول الست المعنية بالملف النووي الإيراني اتفقت على مشروع قرار خلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، يبدي «قلقاً بالغاً» إزاء برنامج طهران لتخصيب اليورانيوم، ويحضّها على السماح للوكالة بتفتيش منشآتها. في السياق ذاته، أفادت وكالة «أسوشييتد برس» بأن الوكالة الذرية تلقّت معلومات استخباراتية جديدة ومهمة الشهر الماضي، تفيد بأن إيران حقّقت تقدّماً في احتساب القوة التدميرية لرأس نووي، من خلال نماذج كومبيوترية نفذتها في السنوات الثلاث الماضية. ونقلت عن ديبلوماسيين إن الوكالة حصلت على المعلومات من إسرائيل والولاياتالمتحدة ودولتين غربيتين على الأقل.