كان آخر وصال بين الزوجة وزوجها رسالة «فيديو» لثمرة حياتهما «الهنوف» البالغة من العمر تسعة أشهر، وحينها لم يكن يدور في خلد الزوج محمد الفرهود أن تلك الرسالة المصورة ستكون بمثابة الفصل الأخير في قصة حياته مع «هند»، التي قضت مع زميلة لها في حادثة مرورية، أثناء توجهها من الرياض إلى الزلفي. ووسط مشاعر الحزن والأسى والفجيعة، شيع أهالي وأقارب المعلمتين هند الفرهود ونورة القحطاني، جثمانيهما إلى مثواهما الأخير في مقبرة النسيم (شرق الرياض) ليل أول من أمس، بعد أداء صلاة الجنازة عليهما في جامع الراجحي. وقال زوج المعلمة المتوفاة، محمد الفرهود في حديثه إلى «الحياة» أمس، إن آخر رسالة من زوجته كانت عبارة عن مقطع فيديو لابنته الهنوف التي بلغت من العمر تسعة أشهر، يتخلله صوت ضحكاتها، مشيراً إلى أن آخر مشاركة في موقع «آنستغرام» مضمونها دعاء لعموم المسلمين. وأوضح الفرهود أن زوجته المتوفاة عينت بنظام العقود، وتدرّس مادة الفيزياء، وتم تثبتيها قبل عامين في محافظة الزلفي، لافتاً إلى أنها كانت ذات خلق حسن، ومحبوبة من جميع الأقارب والجيران. وأشار إلى أنه طلب من زوجته قبل عودة المعلمين والمعلمات يوم الأحد الماضي، تقديم استقالتها، إلا أنها رفضت ذلك بدعوى أنها تحب مهنة التدريس. واستقبل الفرهود، وهو الموظف المدني في وزارة الداخلية، نبأ وفاة زوجته من خلال اتصال وصله من شقيق زوجته، الذي أخبره بوجود مصابات، لكنه لم يؤكد له وفاتها. وطالب زوج المعلمة المتوفاة المسؤولين والقائمين على العملية التعليمية، وعلى رأسهم وزير التربية الأمير خالد الفيصل، بإنهاء معاناة المعلمات المغتربات بإيجاد حلول جذرية لتمكين المعلمات من تعيينهن في المناطق التي يسكنَّ فيها. وفي المقابل، كانت آخر تغريدة في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» للمعلمة نورة القحطاني، التي كانت حديثة عهد بصيام الست من شهر شوال: «يا الله عسى الليالي المقلبة كلها خير». وأوضح مبارك القحطاني، وهو زوج المعلمة نورة القحطاني، أنها عُينت قبل عامين، وطالبت بالنقل في العام الأول، لكن حدث خطأ في حركة النقل، مبيناً أن لديهما ولدين، الأول عمره ثلاثة أعوام، والبنت عمرها سبعة أشهر. وقال القحطاني: «أطفالنا يعانون من هشاشة العظام والوهن العظمي، وتقدمت إلى لجنة الظروف الخاصة بوزارة التربية والتعليم، بطلب نقل لظروف خاصة، وحينها كانت مستوفية الشروط، والعلاج لا يتوافر إلا في مستشفى التخصصي بالرياض، إلا أن الوزارة رفضت بحجة أن المواعيد متباعدة». وأفاد بأنه استقبل خبر وفاة زوجته من مديرة المدرسة، وكانت كلمته في الصباح يوم الحادثة، مشيراً إلى أنه افتقد تواصل زوجته التي كانت تكلمه عند وصولها وعند مغادرتها المدرسة قبل إبلاغه بوقوع الحادثة. وانتقد القحطاني أداء المستشفى في حوطة سدير، باعتبارها لم توفر مركبة لنقل جثماني الضحيتين، مؤكداً أنه طلب من المستشفى سيارة نقل موتى سواء في مقابل مالي أو مجاناً، فتحججوا بوجود إجراءات لا بد من القيام بها للحصول على موافقة منحها، إلا أنه قام بإجراء اتصالاته الخاصة حتى تحصل مركبة نقل موتى من بلدية الحوطة، ونقل الجثمانان عليها إلى الرياض، وكان وصولها قبل صلاة العصر. وكانت أصعب اللحظات على مبارك القحطاني عندما دخل إلى ثلاجة الموتى ولم يستطع التعرف على زوجته، إذ لم يستطع التعرف عليها بداية، وبعد أن مسك بيديها تأكد أنها زوجته.