دبت الحياة مجدداً أمس في شوارع قطاع غزة، وفتحت الوزارات والمحال التجارية والمصارف والمؤسسات الأهلية أبوابها، وانصرف الناس إلى أعمالهم، فيما فتحت سلطات الاحتلال الإسرائيلي معبري «كرم أبو سالم» التجاري جنوب شرقي مدينة رفح أقصى جنوب القطاع، وبيت حانون «ايريز» شماله. (للمزيد) وغط الفلسطينيون في نوم عميق ليل الثلثاء الأربعاء، للمرة الأولى منذ 50 يوماً، من دون قصف جوي وبري وبحري، بعدما التزمت فصائل المقاومة وإسرائيل بوقف النار. كما سمحت قوات الاحتلال للصيادين بالنزول باكراً إلى البحر المتوسط للصيد لمسافة ستة أميال بحرية. وعاد آلاف الفلسطينيين إلى منازلهم في المناطق الحدودية الشرقية، بعد نحو 40 يوماً على تهجيرهم منها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً في مدن بيت لاهيا وبيت حانون ورفح وخان يونس وحيي الشجاعية والتفاح شرق مدينة غزة. وقبيل إشراقة يوم أمس خف آلاف الفلسطينيين بالعودة إلى منازلهم بعدما كانوا لجأوا إلى أقاربهم أو في مستشفيات وساحات عامة ومدارس حكومية وأخرى تابعة لوكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا». لكن بقي عشرات الآلاف مهجرين في هذه الأماكن، نظراً إلى أن منازلهم مدمرة تماماً، يعيشون في ظروف صحية وبيئية خطرة، إذ انتشرت في صفوفهم أمراض جلدية ومعدية تتطلب جهداً مكثفاً من وزارة الصحة ومنظمات أهلية صحية محلية وعربية وأجنبية للتغلب عليها. وتوجه كثير من الفلسطينيين لزيارة قبور الشهداء وعيادة الجرحى في المستشفيات، فيما هنأ الغزيون أنفسهم ب»النصر» على إسرائيل في معارك دامية أوقعت 2168 شهيداً بينهم 521 طفلاً و297 امرأة، و10918 جريحاً بينهم 3312 طفلاً و2120 امرأة. واحتفل الفلسطينيون والفصائل ب»انتصار» المقاومة على قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي قتل منها نحو 70 ضابطاً وجندياً خلال معارك ضارية، إضافة إلى خمسة مدنيين. وعلى رغم ترحيب الفلسطينيين باتفاق وقف النار، الذي أعلنته مصر مساء الثلثاء وينص على فتح المعابر وتوسيع مساحة الصيد تدريجياً، إلا أن وكالة «فرانس برس» نقلت عن نقيب الصيادين في غزة نزار عياش إنه لم يلمس أي تغيير. وأضاف: «هي المسافة نفسها التي كان مسموح لنا الصيد بها قبل الحرب. لكننا تلقينا وعوداً بأنهم سيسمحون لنا بالصيد في مسافات أكبر من ستة أميال بحرية، وصولاً إلى 12 ميلاً بحرياً». وتابع أن قوات الاحتلال «لم تسمح للصيادين خلال الحرب بالنزول إلى البحر حتى لمسافة مئة متر وكانت تطلق النار عليهم». وشدد على أنه «بعد حجم الضحايا والدمار يجب فك الحصار في شكل كامل كي لا تتحكم بنا إسرائيل كل يوم». وأوضح أمين سر نقابة الصيادين محمد بصلة أن من المقرر توسيع مسافة الصيد إلى تسعة أميال بعد أسبوع، و12 ميلاً بعد شهر. وقالت مصادر في مركز «الارتباط الفلسطيني» إن العمل في معبر «ايريز» عاد كما كان عليه قبل الحرب، حيث سمحت سلطات الاحتلال للمرضى والتجار ومن يملكون طلبات معينة من السفر عبره. وقال مصدر في معبر كرم أبو سالم ل»الحياة» إن معدل العمل في المعبر انخفض أمس عما كان عليه أثناء العدوان. وأضاف أن عدد الشاحنات المحملة بالبضائع والسلع لم يتجاوز 175، بينما تراوح العدد قبل العدوان بين 200 إلى 250 شاحنة، وأثناءه بين 250 إلى 300 شاحنة، نظراً لوصول مساعدات غذائية وطبية إلى القطاع من دول عربية وأجنبية. وقالت مصادر محلية ل»الحياة» إن قوات الاحتلال سمحت للمزارعين بالاقتراب إلى مسافة 100 متر من السياج الحدودي الفاصل.