كل ممالكنا الأرضيةِ خاويةٌ زائلةٌ. مملكةٌ واحدةٌ هي مملكة اللهِ تظل الأنقى والأبقى لا يدركها عطبُ الموت ولا يدركه عطبُ الحزن ولا يغشاها الليل بظلمتهِ أو يغمرها عند الصبح غبارُ الصحراء. * * * يا حادي الأظعان تَرفقْ بالأظعانِ وبي، دعني أتملّى وجهَ طريقي أشربُ من فيض الترحال، أجوبُ حدائقَ تتلألأُ تحت الشمس بفطرتها وطفولتها وأفتش فيها عن غزلانِ المعنى وتآويل الأسرارْ * * * ساعدني يا الله ساعدْ روحي المنفيةَ كي تخرجَ من ليل العثرات وتهبط سالمةً قل لي: أين الباب لأدخله في يسرٍ وأحس بأني استيقظت وما عادت أجفاني راغبة في الغيبوبةِ لا تعْشَى عيني حين ترى نور الأنوارْ. * * * كانتْ مسرفةً روحي، مسرفةً في الترحال اليائِس تتنقل من قرنٍ دامٍ نحو قرون أدْمى وتفتش بين خرائبِ ماضيها وخرائب أرضِ الله عن الحكمةِ تلك الجوهرة المكنونة والمدفونة في طبقاتٍ كابيةٍ من طين الكلماتْ. * * * الآن وبعد شرودٍ طال مداه وبعد فصولٍ غامضةٍ من عمر الناس وعمر الأرض وعمري، أبصرتُ طريقي وتحسستُ بلا رفقٍ جسدي هذي الخرقةُ من نار الشك وماءِ الأوهام، رجعتُ إلى روحي أسألها عن إسمي، عن وطني، عن أهلي عن نهرٍ يتدفق خلف سماءٍ لا تُدْرَكْ * * * ترتعش الروح إذا ما اشتاقت للحرية أو لسلام لا يبلى ترتعش الروح لتخرجَ من غفوتها من زمنِ العدم الأزلي وتطفو، تصحو، تتوهج تعلو ترسو عند شواطئ صحوتها الأبديهْ.