ربما كانت أهم نقطة للعرب والمسلمين في اسبوع المؤتمر الوطني للحزب الديموقراطي، إدخال تعديل على برنامج الحزب المعلن يقول إن «القدس هي وستظل عاصمة اسرائيل». أي قدس هي؟ القدس العربية -أو الشرقية- هي القدس الوحيدة، وقد ثبت الآن عدم وجود آثار لليهود فيها، لا جبل الهيكل ولا اي ممالك توراتية خرافية. والقدس العربية هي عاصمة فلسطين، لا اي دولة اخرى. القرار لقي معارضة كبيرة اثناء التصويت عليه، وهو أقل أهمية مما يبدو، لأن فوز باراك اوباما بولاية ثانية سيعني حتماً العودة الى الموقف الذي اضطر كلُّ رئيس أميركي قبله إلى اتِّباعه، وهو ان مستقبل القدس يخضع للتفاوض، حتى جورج بوش الابن، الذي حكم المحافظون الجدد أنصارُ اسرائيل باسمه، خضع لهذه الحقيقة والتزم بها ثماني سنوات كارثية على الولاياتالمتحدة والعالم. الازمة الاقتصادية العالمية، التي أطلقتها سياسات الحروب الأميركية الخاسرة، كانت أهمَّ موضوع في مؤتمرَيْ الحزبين الجمهوري الاسبوعَ الماضي والديموقراطي هذا الاسبوع. كل موضوع آخر، بما في ذلك السياسة الخارجية، اقلُّ اهمية، بل أجْرُؤ فأقول: عديم الاهمية بالمقارنة مع الاقتصاد. أستعيد كلام اليزابيث وارن، وهي مرشحة عن الحزب الديموقراطي لمقعد مجلس الشيوخ عن ماساتشوستس، فهي قالت عن الاقتصاد على طريقة ميت رومني، إنه يريد «أن يقدم إعفاءات ضريبية إلى أصحاب الملايين والبلايين، أما الطبقة المتوسطة المعلّقة (اقتصادياً) بأظافر أصابعها، فيريد زيادة في الضريبة عليها تصل الى الفي دولار». الصحف الكبرى ومواقع الكترونية متخصصة في الولاياتالمتحدة، تدقق في كل رقم، وتعلن هل هو صحيح أو يضاف الى جبل الكذب الذي يرافق كل حملة انتخابية. الرئيس الأسبق بيل كلينتون، الذي دعم باراك أوباما لولاية ثانية بخطاب استُقبل بحماسة كبيرة، فاجأ الباحثين عن الحقائق بمعلومة لم تخطر لهم ببال، فهو قال انه منذ 1961 زاد الاقتصاد الاميركي 24 مليون وظيفة في قطاع الإنتاج خلال 28 سنة حكم فيها الجمهوريون، وزاد 42 مليون وظيفة خلال 24 سنة حكم فيها الديموقراطيون. الباحثون فوجئوا بأن ارقام كلينتون صحيحة، وهم قرروا أن كلام إليزابيث وارن نصف صحيح، فالإعفاءات للأثرياء موجودة في برنامج رومني، إلا أن الضرائب الجديدة على الطبقة المتوسطة غير ما قالت المرشحة، وكانت التفاصيل صعبة ومعقّدة ويضيق عنها مقالٌ كلماته محدودة. اوباما، وهو خطيب محترف مشهود له بالذكاء وسعة المعرفة كبروفسور سابق، قال للأميركيين إنه لم يُنتخب ليقول لهم ما يريدون ان يسمعوا، وانما ليقول الحقيقة، وهو وعد بأن يسير بهم على طريق التعافي الاقتصادي. إلا أنه أقرّ بأن النجاح لن يأتي سريعاً او يكون سهلاً. ومع ذلك، أكد أوباما أن مشاكل أميركا الاقتصادية يمكن حلها، وطلب إعطاءه الوقت ليواصل العمل الذي بدأه. اقول إنه سيجد الصعوبات التي منعت الحل في سنواته الأربع الاولى باقيةً إذا استمرت سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب، الذي يعاد انتخاب جميع اعضائه مع ثلث اعضاء مجلس الشيوخ في السادس من تشرين الثاني (نوفمبر)، وهو موعد انتخابات الرئاسة ايضاً. الجمهوريون اختاروا في السنوات الاربع الماضية لمنع عودة باراك اوباما لولاية ثانية، ان يمنعوا تحسين الوضع الاقتصادي ويؤذوا جميع الاميركيين. اليوم، استطلاعات الرأي العام الاميركية كلها تعطي اوباما تقدماً طفيفاً على رومني، وآخر نسب قرأتها كانت 42.7 في المئة للمرشح الديموقراطي و40 في المئة للمرشح الجمهوري و4.3 في المئة للمرشح غاري جونسون عن الليبرتاريين (دعاة تقليص دور الحكومة في حياة الناس) و12 في المئة من دون قرار حتى الآن. ارجو ان يفوز باراك اوباما بالرئاسة، رحمة بأميركا والعالم كله، بمن في ذلك العرب والمسلمون. [email protected]