حسم مجلس الوزراء اللبناني موقفه من سلسلة الرتب والرواتب بإقرارها وفق الصيغة التي قدمتها اللجنة الوزارية، وذلك في جلسة ماراتونية دامت نحو ست ساعات ونصف الساعة، وأحاطت بها حال إرباك وتضارب في المعلومات، إذ اعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في دردشة مع الصحافيين لدى خروجه من الجلسة قبل انتهائها إقرار السلسلة، لكن سرعان ما خرج كل من وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور ووزير المال محمد الصفدي من القاعة لبعض الوقت تباعاً، نافيين إقرارها. وقال أبو فاعور الذي تلا المقررات بصفته وزيراً للإعلام بالوكالة: «السلسلة أقرت كما وردت من اللجنة الوزارية المكلفة بهذا الأمر في ضوء ملاحظات ابداها عدد من الوزراء، كما تم إقرار عدد من خيارات الإيرادات، وهناك خيارات إيرادات أخرى تحتاج للنقاش. كما أقر جملة من الإجراءات والتدابير المالية، منها غرامات على الأملاك البحرية وضريبة على الفوائد المصرفية ورسم إضافي على رخص البناء وغرامة على الأجهزة الخلوية غير المسددة برسوم الجمارك. وعهد إلى وزير الأشغال غازي العريضي إعادة دراسة اقتراح الرئيس ميقاتي القاضي بزيادة عامل الاستثمار»، مؤكداً انه «لا يوجد أي خلاف داخل الحكومة ومع رئيسها»، ومشيراً إلى أن «السلسلة أقرت بمعنى أنها آيلة إلى الإقرار». وقال رداً على أسئلة الصحافيين إن «وزراء جبهة النضال كان منطقهم بالأمس يقول فلنناقش الإيرادات ونرى إلى ما ستؤول إليه السلسلة وهذا ما حصل. والمنطق يقول أن لا نضع العربة أمام الحصان، والنقاش اليوم حصل على الإيرادات وتم إقرار بعضها وهناك إيرادات أخرى ستخضع لنقاش لاحق، وعند تأمين الواردات سيصبح من السهل أخذ القرار. السلسلة أقرت والنقاش لن يكون بعيداً، والإقرار سيترافق مع نقاش للموارد في وقت قريب جداً لكي يؤخذ القرار في هذه المواد. وتم الاتفاق على جلسة جديدة الأربعاء في 12 الجاري». وقال رداً على سؤال: «لم ولن نترك رئيس الجمهورية، والتصويت الذي حصل كان بالاتفاق مع رئيس الجمهورية. والتحفظ الذي أبداه الوزراء في فريق الرئيس كان من الممكن أن يعقبه تحفظ من وزراء جبهة النضال لو كان هناك ما يستدعي هذا الأمر من قبل الرئيس لذلك كان التصويت الذي حصل متفقاً عليه. ومسألة الإجراءات ستسير في شكل سريع. والنقاش الذي حصل اليوم انجز القسم الأكبر منه. وبقي بعض القضايا الإضافية التي طرحت من قبل طيف كبير من الوزراء تحتاج إلى إعادة نقاشها من الناحية المالية ودرس جدواها المالية وتأثيرها الاقتصادي - الاجتماعي». وأشار إلى أن «التحفظ كان على أساس اقتراح تم تقديمه سابقاً لتخفيض نسبة معينة من هذه السلسلة، ولم يكن التحفظ على أساس السلسلة. لكن لم يطرح الأمر على التصويت بانتظار النقاش في الإيرادات». ولفت إلى أن «الإعلام عمل دوامة امس (الأول) وافتعل أساطير وروايات غير حقيقية، ووصلت هذه المواقف إلى حد تخوين قسم كبير من الوزراء ونحن في مقدمهم. وصور هؤلاء الوزراء بالأمس وكانهم عنزة سوداء أفشلت التسوية ونقضت الاتفاق وارتكبت موبقة كبيرة. وما حصل اليوم هو تأكيد للمنطق الذي قاله وزراء الجبهة ووزراء رئيسي الجمهورية والحكومة ووزراء تكتل «الإصلاح والتغيير» وغيرهم من الوزراء، من انه يجب تأمين الواردات ومن بعدها نتكلم بالسلسلة. وهذا ما حصل اليوم، إذ بدأنا النقاش بالإيرادات التي تم الاتفاق عليها وتبلغ تقريباً 1295 بليون ليرة وعندها تستطيع الحكومة اللبنانية إن تقول إنها ضمنت الإجراءات التي لا تمس أياً من الطبقات الفقيرة، وعندما تصبح ضامنة أيضاً انه عندها إيرادات بهذا المبلغ، يمكنها الحديث بسلسلة الرتب والرواتب بوضوح وعلى أي أساس تقر الأمور». وأكد أن الوزراء «حاولوا قدر الإمكان أن تكون السلسلة على قدر إمكانات الدولة وتأمين الإيرادات بما لا يمس الفقراء، والنقاش الطويل حصل لكي لا تكون هناك تداعيات على المواطنين». وأشار إلى أن «موضوع التقسيط سيناقش من خلال اقتراح تم تقديمه، وغلاء المعيشة سيدفع حالياً في شكل كامل، والزيادات ستدفع في وقت لاحق وفق روحية النقاش الذي حصل مع النقابات». تضارب المواقف وكان ميقاتي أكد قبل انتهاء الجلسة «إقرار السلسلة»، وقال: «اقررنا أيضاً جزءاً من مصادر التمويل وأرسلنا الجزء الآخر منها إلى وزارة المال من اجل درسها بطريقة معمقة وإبداء الرأي فيها قبل إقرارها». وأوضح أن «مجلس الوزراء اقر السلسلة بحسب المشروع الذي كان مقدماً من قبل اللجنة الوزارية»، لافتاً إلى أن «المستحقات ستدفع كاملة بمفعول رجعي ابتداء من أول تموز (يوليو) وإنما بالتقسيط لمدة خمس سنوات». وأشار إلى أن «الزيادة على القيمة المضافة مستبعدة نهائياً. وبالنسبة إلى زيادة الضريبة على عامل الاستثمار عشرة في المئة، كلفنا الوزير غازي العريضي اجراء دراسة عنها». لكن سرعان ما خرج الوزير أبو فاعور من القاعة وأجرى عدداً من الاتصالات ثم قال للصحافيين: «أنقلوا عن لساني أن السلسلة لم تقر. وهناك لغط في ما قاله الرئيس ميقاتي عن اقرار السلسلة». ثم غادر الوزير الصفدي القاعة لبعض الوقت، وأكد بدوره أن «السلسلة لم تقر بعد وهناك اتجاه للتصويت عليها داخل مجلس الوزراء». وكان وزير الدولة أحمد كرامي قال إن «السلسلة اقرت داخل الحكومة وفق مشروع اللجنة الوزارية»، لافتاً إلى أن «التمويل سيكون من رفع الضرائب على الكماليات».