نشرت صحيفة «العرب» اللندنية خبراً يتحدث عن دراسة أعدها السفير الأميركي السابق بمصر دانيال كروتزر تقول إن «الأزمة بين رموز الجيش المصري والرئيس محمد مرسي ستحتدم خلال الأشهر المقبلة، لأن العسكر يتشوقون لمرحلة الاضطراب الديموقراطي، ولن يسمحوا بالتدخل في موازنتهم». فوضوية الاستحواذ على القرار السياسي في مصر بين المؤسستين العسكرية والسياسية، وفق هذه الدراسة، حتماً ستؤول إلى صراعات وإرهاصات تعمق الخلاف مستقبلاً. أمام هذه المعضلة المعقدة المعالم ثمة سؤال يجب أن يُبحث في كينونة العقل المصري، ما الذي تحتاجه مصر للخروج من أزمتها؟ الجمهورية المصرية تحتاج إلى نقلة نوعية تحد من تدخلات العسكر المرتقبة (بحسب الدراسة الأميركية) في الشؤون السياسية، وأول هذه النقلات تكون على غرار الخطوة الأولى التي انتهجتها تركيا لبناء دولة مدنية، فقد تمكنت الأخيرة عام 1997 من إلغاء بروتوكول «أماسيا»، الذي يجيز للمؤسسة العسكرية ومن دون إذن من الحكومة حرية التدخل في شؤون البلاد الداخلية لحمايتها من أي اضطراب داخلي، ما يعني أن هذا الإلغاء شكل نقلة نوعية لهيكلة البيت التركي. إلغاء هذا البروتوكول لم يأتِ بمحض المصادفة، بل بفضل تحرك من اتحاد الصناعيين ورجال الأعمال والنخب التركية الذين نادوا بالحلول الديموقراطية السلمية لترتيب البيت الداخلي، إذ تُعتبر تلك القاعدة الثلاثية حساسة للشارع التركي، وتمثل ركائز أساسية يجب المحافظة عليها. هنا لاحظ العلمانيون الممثلون بمؤسسة الجيش أن تلك «الترويكا» لا ترى في سياسة الهيمنة الشمولية حلاً لحماية تركيا، بل ترى فيه تهديداً للديموقراطية... بذلك أصبح المستقبل التركي محكوماً بعوامل داخلية وخارجية... داخلية: بتدخل قوى الاقتصاد والنخب، وخارجية: لأن حراس الجمهورية الأتاتوركية يتطلعون لسياسة خارجية مبنية على قاعدة اقتصادية متينة. المرحلة الحالية تستوجب تحركاً على غرار التحرك التركي، تنهض من خلاله القوى الاقتصادية والنخب المصرية، لأن العاملين الاقتصادي والفكري هما اللذان يرسمان ملامح الفترة المقبلة، وليس التغني بشعارات لا تسمن ولا تغني من جوع. الآن، أمام هذه الترويكا التركية، وأمام هذا التوقع الأميركي، أين اتحاد الصناعيين ورجال الأعمال والنخب المصرية لإعادة ترتيب البيت المصري؟ [email protected]