أكد الروائي محمد حسن علوان، أن كتابه الجديد «الرحيل.. نظرياته والعوامل المؤثرة فيه»، الصادر عن دار الساقي، بقدر ما يستعرض «كل ما توصل إليه الباحثون من أسباب الرحيل في عصرنا الحديث، ويناقشها عاملاً عاملاً بحسب التطور النظريّ والدليل التجريبي، ويتقصّى علاقة هذه الأسباب والعوامل بالنظرية العامة للرحيل البشريّ، التي تسعى أيدي الباحثين من مختلف العلوم إلى جمع قطعها المتناثرة هنا وهناك» بقدر ما يسعى أيضاً إلى نقد هذه الأبحاث «واستعراض الأفق البحثي المتاح لتدعيم نظرية الرحيل وتقديمها بشواهدها وأدلتها وأمثلتها في شكل موجه للقارئيْن المتخصص وغير المتخصص معاً». وأوضح محمد حسن علوان في حديث ل«الحياة»، أن ظاهرة الرحيل تعد واحدة من أجلى صور السلوك البشريّ على الأرض منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا، «ولهذا انكبّ الباحثون من مختلف العلوم الاجتماعية على دراستها في شكل موسع في محاولة لفهم دوافع هذه الظاهرة وآثارها في المجتمعات». ولفت إلى أن معظم هذه الدراسات اكتسبت الصفة الأكاديمية خلال القرنين الأخيرين فقط، مع تطور مؤسسات البحث العلمي، «ما أدى إلى تراكم تدريجي للعديد من الدراسات والنظريات التي تحاول تفسير سلوك الرحيل لدى البشر من مختلف الزوايا المهتمة بالشأن، وهكذا أصبح لدينا ما يثبت أن رحيل البشر من مكان إلى آخر هو عامل رئيس في تشكل الحضارات والدول والإمبراطوريات في الأزمنة السابقة، ولدينا ما يثبت أيضاً أن رحيل البشر في هذا الزمن يترك آثاراً كبرى على البنى الاجتماعية والاقتصادية في جميع الدول التي تحضر فيها هذه الظاهرة». وقال إن هذا ما يدفع الباحثين إلى التركيز على ظاهرة الرحيل، «باعتبارها حدثاً ذا دوافع وتبعات وبحاجةٍ ماسة إلى إجابات عميقة لأسئلة مثل (من يرحل؟ ولماذا؟ وكيف؟ وما أثر هذا الرحيل؟). لا نكاد نستثني من ذلك أي علوم من العلوم الاجتماعية. الغالبية العظمى هذه الدراسات موزعة في الدوريات المحكّمة لعلوم الاقتصاد والاجتماع والنفس والإنثروبولوجيا والجغرافيا وغيرها، وبعضها تم بحثه من منظمات دولية وحكومات محلية بهدف دعم العمل المؤسسي وصدرت في كتب ومنشورات ذات صبغة قانونية في الغالب»، مضيفاً أن بعض الباحثين من تخصصات مختلفة، حاول جمع هذه الدراسات في كتبٍ صدرت بلغات مختلفة وفي أزمنة مختلفة، «إلا أن أغلب هذه الكتب تبحث عوامل الرحيل من واقع أحد العلوم، لاسيما علميّ الاقتصاد والاجتماع أو بعضها». وأشار علوان إلى أنه لم يسبق أن جمع كتابٌ بين دفتيه جميع العوامل التي تطرقت إليها كل العلوم المعنيّة بظاهرة الرحيل، «وبحث الظاهرة من مختلف الزوايا البحثية الممكنة، لاسيما في المكتبة العربية التي خلت من مثل هذه الدراسات الشاملة، على رغم أن ظاهرة الرحيل تضرب بأطنابها في العالم العربي مثل بقية أرجاء العالم، والملايين من العالم العربي هم في حال رحيل دائب سياحة وتعليماً وهجرة وتشريداً داخل العالم العربي وخارجه».