دخل قانون منع التدخين في كل الأماكن العامة المغلقة في لبنان، منها المقاهي والمطاعم والملاهي، حيّز التنفيذ أمس بموجب قانون جديد يفرض غرامات كبيرة على المخالفين. ونفذ أصحاب المطاعم والملاهي في شارع المطاعم في انطلياس اعتصاماً صباح أمس رفضاً للقانون، بينما رفض رئيس «الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان» مارون الخولي «التهديدات التي أطلقها أصحاب المطاعم والمقاهي في شأن صرف العمّال في حال تنفيذ قانون منع التدخين»، منتقداً اخذ العمّال رهينة لتخويف أجهزة الدولة او استعمالهم في تأمين التحركات المناهضة لقانون منع التدخين. وقال «المؤسف أن صحة العمّال تأثرت سلباً جرّاء عملهم في بيئة مضرّة في هذه المطاعم والمقاهي طيلة السنوات الماضية من دون أن تتكفل هذه المؤسسات بدفع الفواتير الطبية التي نتجت عن الأضرار الصحية لهؤلاء العمال نتيجة تنشقهم السلبي للدخان يومياً وطيلة فترة عملهم». وأضاف «ندعم تنفيذ قانون منع التدخين في الأماكن العامة والمؤسسات الخاصة لأنه يشكل مكسباً صحياً للعمّال ويؤمن لهم بيئة عمل صحية داخل المطاعم والمقاهي»، مشدّداً على أن «أي استثناء للقانون سنواجهه ميدانياً وأمام مجلس شورى الدولة في حال انصاعت الحكومة لمطالب أصحاب المقاهي والمطاعم». ودعا الخولي العمّال «إلى عدم المشاركة في أي تحرّك أو احتجاج سينفذه أصحاب المطاعم والمقاهي لعرقلة تنفيذ قانون منع التدخين»، مؤكداً «تبني الاتحاد كل الدعاوى الواردة من عمّال هذا القطاع في حال صرف أي منهم تعسفياً». وكان اعتصام أصحاب المطاعم انتهى بعد اجتماع بينهم وبين القوى الأمنية لمحاولة إقناعهم بعدم تصعيد تحركهم، قبل أن يعقدوا مؤتمراً صحافياً أكدوا خلاله أن «الاعتصام سلمي والمطاعم ستقفل اليوم كخطوة أولى وهذا الاعتصام مفتوح وسينقل من مكان إلى مكان آخر»، مطالبين «بتعديل القانون ليستثني المطاعم التي تقدم النرجيلة». وكان مقرّراً أن يصدروا بياناً في وقت لاحق أمس يعلنون فيه الخطوات اللاحقة لتحركهم. ردود رسمية وأكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمام وفد من اتحاد النقابات السياحية في لبنان برئاسة نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر الذي استقبله في حضور عبود والمديرة العامة للوزارة ندى السردوك، أن البدء بتطبيق قانون منع التدخين لاقى ارتياحاً شعبياً واسعاً لأنه يشكل ضرورة صحية وبيئية وحضارية. ودعا إلى تقويم تطبيقه ليصار في ضوء ذلك إلى معالجة ما يمكن أن يترتب عنه بالنسبة إلى بعض المؤسسات السياحية التي طالبت بوقف العمل به، مشدّداً على أن «الحكومة منفتحة على كل تدبير يجمع بين فوائد القانون من جهة، والمحافظة على المؤسسات السياحية وديمومة العمل فيها من جهة أخرى». وعرض الأشقر على ميقاتي مطالب الاتحاد، وأبرزها وقف العمل بمضمون قانون منع التدخين في المؤسسات السياحية لما سيؤدي إليه من صرف عمالي وإقفال نحو ألف مؤسسة سياحية، والعمل فوراً على إنشاء وفتح مرفأ جونية السياحي البحري لربط لبنان بالخريطة السياحية البحرية. وكشف وزير السياحة فادي عبود في حديث إذاعي «عدم قدرة وزارة السياحة على مراقبة المخلين بالقانون نظراً إلى النقص الهائل في عديد المراقبين السياحيين». وأكد أن «أي تعديلات ممكنة على هذا القانون يجب أن تُبحث مع السلطة التشريعية وليس من خلال اللجوء إلى الشارع»، مشيراً إلى «طروحات عديدة لتعديل القانون»، ونافياً أن «يكون خيار تشكيل لجنة وزارية في هذا المجال قد حسم». ورأى رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاطف مجدلاني في حديث إذاعي أن «الأصوات المعترضة على القانون غير مبرّرة»، معتبراً أن «اقتراح إنشاء قسم للمدخنين معزول داخل المطاعم سيكون فيه غبن على معظم المطاعم والمقاهي التي لا تسمح مساحتها بالفصل التام بين الفئتين». وشدّد على «أن القطاع السياحي لن يتأثر سلباً بالقانون لأن مناخ لبنان يسمح بالتدخين في الأماكن المكشوفة من المطاعم ل10 أشهر من السنة». ولفت إلى أن «القانون نُفذ على ثلاثة مراحل، الأولى منع التدخين في المؤسسات والجامعات والمدارس، ثم منع الإعلانات المتعلقة بالتدخين، وصولاً إلى المرحلة الثالثة المتمثلة في منع التدخين في الأماكن السياحية المغلقة». أما وزير الداخلية والبلديات مروان شربل فأكد «ضرورة أن تطبق الدولة القانون، ولكننا لا نحمل العصا لنطبقه من اليوم الأول». ملاحظات وكانت نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والنوادي الليلية والحلويات في لبنان قدّرت خطوة الحدّ من التدخين انطلاقاً من قيمتها الصحية، إلا أنها اعتبرت أن القانون في صيغته الحالية غير المكتملة يمهّد الطريق لسوء التنفيذ والفساد وتنتج منه تأثيرات سلبية على السياحة في لبنان وعلى قطاع الخدمات ككل، في حين يمكن تفادي تلك العواقب من خلال إدخال تعديلات. وأبدت عدداً من الملاحظات على القانون الحالي استناداً إلى دراسة أعدّتها «إرنست أند يونغ»، أبرزها أن القانون يُعتبر متشدداً جداً مقارنة بالقوانين المطبقة في الدول المتقدمة مثل ألمانيا وفرنسا والتي أثبتت فعاليتها، وكذلك مقارنة بنماذج إقليمية فعالة مثل الإمارات وقطر، كما أن المرونة في قوانين الدول المذكورة لها دور أساس في نجاح تطبيقها، إضافة إلى أن القانون الحالي يشرّع الباب أمام تفاقم الفساد من خلال التطبيق الانتقائي. الغرامات ويُغرّم كل من يخالف القانون ب90 دولاراً، بينما تراوح غرامة مالكي المقهى أو المطعم في حال ثبت أنهم يغضون النظر عن المخالفين بين 900 و2700 دولار. وأظهرت بيانات منظمة الصحة العالمية عام 2010 أن نحو 46 في المئة من الرجال و31 في المئة من النساء في لبنان يدخنون بانتظام، بينما يساهم السعر المتدني لعلبة السجائر، البالغ نحو دولارين، في تسهيل حصول المراهقين عليها.