اعتبرت جهات سياسية إسرائيلية قرار شركة ألمانية لبناء السفن بيع غواصتين حربيتين من طراز «209» إلى مصر تأكيداً على «التحول الدراماتيكي السيء في العلاقات بين إسرائيل وألمانيا»، وذلك رغم أن هذه الجهات تلقت تأكيدات من وزارة الدفاع الألمانية بأن الحكومة الألمانية لن تصادق على بيع الغواصتين. وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس بأن الحكومة الإسرائيلية تأمل فعلاً بأن تعمل نظيرتها الألمانية على إجهاض صفقة السفينتين لمصر «خصوصاً في هذا الوقت الحساس (تغيير النظام في القاهرة) لأن من شأن بيع الغواصتين أن يمنح الأسطول المصري تفوقاً على نظيره الإسرائيلي»، علماً أن لدى إسرائيل 13 سفينة حربية و6 غواصات، ثلاثاً منها ألمانية متطورة من طراز دولفين، وثمة أنباء عن مفاوضات متقدمة مع ألمانيا لشراء غواصة سابعة، في مقابل 4 غواصات لدى مصر و9 سفن حربية. وكانت الصحيفة نشرت نهاية الأسبوع تقريراً مطولاً عن تردي العلاقات بين ألمانيا والدولة العبرية «بعد سنوات من شهر العسل، خصوصاً مع الحكومة السابقة برئاسة أيهود أولمرت». وأكد التقرير أن إعلان ألمانيا المتكرر عن «مسؤوليتها التاريخية عن أمن إسرائيل» الناجم عن اعترافها بالمسؤولية عن «المحرقة»، لم يعد سوى ضريبة كلامية، مضيفة أن جهات رسمية إسرائيلية باتت تشكك في صحة مقولة أن ألمانيا هي الصديقة الأكبر لإسرائيل في أوروبا، بل ثاني أكبر صديقة لها بعد الولاياتالمتحدة. وتزامنت هذه الاتهامات مع نشر بروتوكولات سرية في ألمانيا عن «قصور استخباراتي وأمني ألماني» خلال معالجة الهجوم المسلح على بعثة إسرائيل لأولمبياد ميونيخ عام 1972 الذي أسفر عن مقتل 11 إسرائيلياً، إذ تبين أن ألمانيا أفرجت عن عدد من المشاركين في الهجوم، وأجرت مفاوضات سياسية مع الفلسطينيين لعدم تنفيذ هجمات مسلحة على الأراضي الألمانية. وترى أوساط إسرائيلية في هذه المعلومات إشارات قوية إلى أن «التزام ألمانيا أمن إسرائيل ليس حقيقياً». وأشار التقرير إلى أن مرد تردي العلاقات بين ألمانيا وإسرائيل هو الاختلاف بينهما في شأن «الملف الإيراني» ومعارضة ألمانيا هجوماً إسرائيلياً على المنشآت النووية الإيرانية وتفضيلها العقوبات الاقتصادية على طهران، ثم «الملف الفلسطيني» والاحتجاج الألماني الشديد على سياسة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو توسيع الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو الملف الذي أثار خلافات كبيرة علنية بين المستشارة أنجيلا ميركل ونتانياهو أدت بالتالي إلى فتور العلاقات بينهما وإرجاء «المشاورات الحكومية السنوية» بين البلدين التي كانت ميركل أول زعيم أوروبي يقيمها. ويؤكد التقرير أن القناة المباشرة بين ميركل ونتانياهو لم تعد قائمة حيال انعدام «الكيمياء» بينهما، مضيفاً أن الاتصالات تتم اليوم عبر المستشار السياسي للمستشارة كريستوف هويسغن، «فيما السفير الألماني في تل أبيب أندرياس ميخاليس بات من أشد المنتقدين لإسرائيل». ووفق مسؤول إسرائيلي، فإن «المقاربة السائدة في أروقة الحكومة في برلين تخلق في ألمانيا أجواء سلبية جداً تجاه إسرائيل». ويشير إلى عدد من القرارات التي اتخذتها الحكومة الألمانية في العامين الأخيرين ولا تستسيغها إسرائيل، منها إدانة «غير مسبوقة بلهجتها» للهجوم الإسرائيلي على «أسطول الحرية» التركي المتضامن مع قطاع غزة قبل أكثر من عامين، وقرار ألمانيا بيع 200 دبابة لقطر، وعتاد عسكري بقيمة عشرة بلايين دولار للجزائر، «وهذه دول لا يمكن القول إنها صديقة لإسرائيل». وتتهم الجهات الإسرائيلية الحكومة الألمانية وأوساطاً أكاديمية بدعمها في السنوات الأخيرة عشرات الأمسيات الثقافية المناوئة لإسرائيل «بعضها يسلب حقها في الوجود». وبرأي «شخصية إسرائيلية رفيعة»، فإن الحكومة الألمانية تحاول أن تقول إن التزامها التاريخي لأمن إسرائيل هو التزام لأمن اليهود وليس لإسرائيل كدولة بسبب سياستها.