أعلن المكتب الإعلامي في الرئاسة اللبنانية أمس أن المسؤولين السوريين اعتذروا عن «الخطأ الذي حصل» بقصف مناطق لبنانية محاذية للحدود السورية أول من أمس، في سياق إصرار رئيس الجمهورية ميشال سليمان على متابعة قضية الخروق السورية للسيادة اللبنانية التي سبق أن طالب المسؤولين المعنيين بالاحتجاج عليها. جاء ذلك في وقت شن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع هجوماً عنيفاً على النظام السوري وحلفائه في لبنان وزعيم «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون من دون أن يسميه، ودعا الى «التحضير لإزالة آثار العدوان الأسدي على العلاقات اللبنانية - السورية»، معتبراً المجلس الأعلى اللبناني - السوري ومعاهدة التعاون والأخوة والتنسيق وكل المعاهدات والاتفاقات والمجالس والهيئات المشتركة التي أقرت في مرحلة الوصاية «باطلة وكأنها لم تكن». وفيما تحدث جعجع في القداس السنوي لشهداء «المقاومة اللبنانية» الذي أقيم في مقر «القوات» في بلدة معراب الجبلية هذا العام لأسباب أمنية، بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها قبل أشهر، لقي الخطاب الذي ألقاه رئيس المجلس النيابي نبيه بري أول من أمس في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ردود فعل إيجابية من بعض خصومه، لرفضه الانجرار الى الفتنة ودعوته الى الوحدة. فأجرى رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة اتصالاً بالرئيس بري و «ثمّن» ما تضمنته كلمته، معتبراً أنها «منطلق للمتابعة والتواصل». واتفق معه على لقاء قريب لمواصلة البحث. وخرقت قوة سورية الأراضي اللبنانية بدخولها الى منطقة الدورة في مشاريع القاع، وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية أن القوة «خطفت مواطنين أحدهما من آل أبو جبل». وهو الخرق الثاني خلال 48 ساعة إذ كانت أكثر من 30 قذيفة سقطت من الجانب السوري على الأراضي اللبنانية (قرى عكارية على الحدود الشمالية). وأفاد المكتب الإعلامي للرئيس سليمان بأنه «أجرى سلسلة اتصالات تناولت القصف الذي تعرضت له مناطق لبنانية محاذية للحدود السورية، واطلع من قائد الجيش العماد جان قهوجي على ملابسات إطلاق القذائف التي أصيب بنتيجتها جندي في الجيش وتضرر عدد من المنازل، والدخول الى مشاريع القاع وخطف مواطن أول من أمس، كما اطلع منه على المراجعات التي تمت مع المسؤولين السوريين في شأن هذه الأعمال والذين تعهدوا محاسبة من قام بالقصف واعتذروا عن الخطأ الذي حصل من دون علم القيادات المختصة، متعهدين أيضاً عدم تكراره». وهنّأ سليمان، خلال اتصاله بالعماد قهوجي، «بالخطوات والتدابير التي يقوم بها الجيش على الحدود البرية وفي الداخل لحفظ الأمن والاستقرار وصون السلم الأهلي ومنع الإخلال بالوضع الأمني، خصوصاً في طرابلس». واجتمع سليمان مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعرض معه التطورات السياسية والأمنية وأجواء قمة حركة دول عدم الانحياز التي عُقدت في طهران في اليومين الماضيين، وأضاف المكتب الإعلامي: «تناول رئيس الجمهورية مع الرئيس ميقاتي الإجراءات الواجب اتخاذها من قبل الجيش ووزارة الخارجية لمعالجة الخروق على الحدود اللبنانية - السورية ومنع تكرارها مستقبلاً». وكان جعجع قال، في حضور ممثلين عن كل قوى وأحزاب «14 آذار»، إضافة الى ممثل عن رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط (النائب نعمة طعمة)، إنه «إذا كان نظام الأسد عاث فساداً وخراباً في لبنان عقوداً طويلة فهذا لا يعني استعداء الشعب السوري أو سورية». وإذ دعا الى إشعار الشعب السوري «بأننا نعيش آلامه ومعاناته»، اعتبر أن «المطلوب منا كلبنانيين ليس التدخل العسكري أو الأمني بل موقف مبدئي أو إنساني». ورأى أن «محور اهتمام وعمل الأكثرية الحكومية الحالية هو الصمود والتصدي على طريقة ما كان يقوم به الوزير والنائب السابق ميشال سماحة وما قامت به مجموعات مسلحة من خطف وقطع طرقات وتهديد ووعيد»، مؤكداً أن «لا خلاص لنا في لبنان إلا بالعودة الى ربيع بيروت». وإذ تحدث عن «4 عقود من الكذب والباطنية والافتراء والتضليل»، سأل: «هل هي صدفة أن يكون أكثر من نظر لحلف الأقليات ومصلحة المسيحيين هو من حمل بيديه متفجرات لضرب الأكثريات بالأقليات». وأضاف: «سقط القناع وظهرت جلياً دوافع هؤلاء للتحالف مع النظام السوري والتي كانت تغطى بزيارات راعوية الى براد». وعدّد جعجع الوضع السائد في ظل هذه الحكومة قائلاً إنها «عتمة ربع الساعة الأخير قبل انبلاج الفجر». وكانت قضية المخطوفين اللبنانيين في سورية (أعزاز) شهدت تحريكاً جديداً، فعقد نائب رئيس «هيئة العلماء المسلمين» في لبنان الشيخ سالم الرافعي لقاء في إسطنبول مع علماء دين أتراك لهم صلات بالخاطفين. وتردد أن زيارة الرافعي تمت بالتنسيق مع وزير الداخلية مروان شربل. وفي المقلب الآخر من ملف الخطف، دعا المخطوف التركي لدى عائلة المقداد في لبنان تيكين طوفان حكومة بلاده الى «العمل بجهد أكبر لإطلاق سراح المخطوفين اللبنانيين في سورية، خصوصاً المخطوف حسان المقداد». وقال في حديث لمحطة «الميادين» من مكان خطفه محاطاً بعدد من المسلحين المقنعين، إن «الوضع صعب وحالي سيئة»، لافتاً الى أنه «يحاول أن يفهم ما يجري»، ومشدداً على «ضرورة العمل من قبل حكومته على إطلاق حسان المقداد من سورية»، وقال: «لن يطلقوا سراحي إلا بإخلاء سبيل المقداد». وتوجه الى أفراد عائلته بالتحية، متمنياً أن يطلق سراحه سريعاً.