تداخَلَ الحدث الأمني على الحدود اللبنانية-السورية امس، مع تحرك لبناني داخلي للمطالبة بطرد السفير السوري لدى لبنان علي عبد الكريم علي وإلغاء معاهدة الأخوّة والتنسيق مع سورية، في وقت استقبل السفير السوري وفداً من احزاب لبنانية متضامنة نقل عنه أن سورية «مع لبنان على ان يكون لبنان مع نفسه»، وهو أكد بدوره «حرصه على كل ما يعمق العلاقة الأخوية اللبنانية وعلى السلم الاهلي». أمنياً، سقطت في الواحدة ظهراً خمس قذائف في خراج بلدتي الدبابية والنورا التحتا عند الضفة اللبنانية لمجرى النهر الكبير، إحداها لم تنفجر، ومصدرها الجانب السوري، خلال تبادل لإطلاق النار داخل الاراضي السورية، لكن لم يُفَد عن اي اصابات. والحدث الأبرز في بيروت كان تنظيم منظمات شبابية وطالبية في «قوى 14 آذار» تجمعاً امام وزارة الخارجية انطلاقاً من أمام جامعة القديس يوسف في شارع هوفلان رفعت مطالب: إلغاء معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق وطرد السفير السوري والمطالبة بالمعتقلين في سورية. وكان هناك تخوف من إقدام المنظمات الشبابية في «قوى 8 آذار» على تنظيم تجمع مضاد في المكان نفسه، على غرار التظاهرات التي كانت تحصل سابقاً امام السفارة السورية مع الثورة السورية او مع النظام السوري. التجمع الاحتجاجي ورفع مئات المشاركين في التجمع علم الثورة السورية ورايات «القوات اللبنانية» و«تيار المستقبل» (مشاركة لافتة من طرابلس) وحزب «الوطنيين الاحرار» و«الكتائب» و«الجماعة الاسلامية. وتقدم المحتجون منسق الامانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد ورئيس «اليسار الديموقراطي» الياس عطا الله، ورددت الجوع هتافات منها «الجيش الحر الله يحميه» و«المنية وباب التبانة ورفعت على الجبانة»، ورفعوا لافتات كتب عليها: «الى متى اسرانا في المعتقلات السورية»، و«نعم لقطع العلاقات مع الشقيقة الشبيحة». واحيط التحرك باجراءات امنية مشددة للجيش وقوى الامن الداخلي. كما شارك شباب يحملون صور رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط، وارتدوا قمصاناً كتب عليها شعارات ضد النظام في سورية. وكانت لافتةً دعوةٌ اطلقتها منظمة «الشباب التقدمي» الى التظاهر في السابعة مساء غد الجمعة امام حديقة سمير قصير في قلب بيروت «دعماً للمطالبة بطرد السفير السوري من لبنان، وتنديداً بمجزرة داريا ودعوة المجتمع الدولي الى التدخل في سورية». تضامن مع السفير في المقابل، استقبل السفير علي في السفارة في محلة اليرزة (جبل لبنان) وفداً من «لقاء الأحزاب والشخصيات الوطنية» في زيارة تضامنية معه «رداً على التحركات التي تستهدفه». وأشاد الامين العام ل «رابطة الشغيلة» زاهر الخطيب باسم الوفد، ب «السفير السوري، من حيث التزامه الديبلوماسية وأصولها، وشعوره التضامني مع قضايا العروبة والمقاومة، وأكدنا التزام هذا الجمع بالقضايا نفسها، وما يمثلون على المستوى الشعبي من مساحة تفوق أكثر بكثير مما تتمتع به هذه الأقلية المرتبطة بالخارج». وقال إن البحث تركز على «مؤامرة الحلف الاميركي - الغربي - الصهيوني - التركي - الرجعي العربي التي تستهدف سورية العصية رئيساً وجيشاً وشعباً عنها، وكيف تتجلى امتدادات هذه المؤامرة على سائر الساحات، لا سيما على الساحة اللبنانية»، معتبراً انه «غاب عن هؤلاء كيف لا يلتزم سفراء الغرب الاصول الديبلوماسية والسياسية والأخلاقية، بل يساهمون بالتآمر على سورية ولبنان». ونقل عن السفير علي قوله: «نحن مع لبنان، على ان يكون لبنان مع نفسه، وليكونَ مع نفسه ينبغي ان يكون مع الذي دعم المقاومة وكان وراء انتصارها في عامي 2000 و2006». وألمح الى «تحركات لاحقة» ستقوم بها الاحزاب التي ينطق باسمها، وقال: «اردنا ان نبدأ بمثل هذه الزيارة، في هذه الظروف الحساسة، حرصاً منا على السلم الأهلي والاستقرار، وتحسباً لاي محاولة تصعيد من الفريق الآخر، وعندنا كامل الثقة بأن جماهيرنا الشعبية التي تمكنت من مجابهة اكثر من تحد، وسورية ليست وحدها،نحن في خندق واحد مع معسكر المقاومة والممانعة في مجابهة هذه الحرب الكونية، ولا بد ان الانتصار هو حليفنا». علي وقال السفير علي: «ايُّ قوة للبنان لسورية مصلحة أكيدة فيها، لذلك سورية حريصة على تضامن الأشقاء اللبنانيين في ما بينهم، وعلى توحيد الرؤية التي ترى في اسرائيل عدواً يتربص بنا جميعاً ويستهدف تفكيك البنية المجتمعية لسورية وللبنان ولمصر وللخليج ولكل المنطقة العربية». وحذر من ان «اسرائيل تريد زرع الفتنة بين هذه الدول لتفكيك قوتها ولتنعم بأمنها هي، اي القوة المبنية على العصبية الدينية، في مقابل بحر من المتقاتلين في ما بينهم»، معلناً ان سورية «تشكر كل الذين يقرأون بعيون مفتوحة ويشخصون الخطر المحدق بالمنطقة تشخيصاً صحيحاً، فسورية غير واهمة في قراءتها للمؤامرة التي تستهدفها وللحرب الدائرة ضدها، التي يجتمع فيها الاميركيون والغربيون وكل ادواتهم في المنطقة، من مال وسلاح وتكفيريين وإرهابيين، وسورية مطمئنة الى قوة شعبها وتماسكه بكشف ما يحاك له، ومطمئنة بقوة جيشها وبأنها خلال سنة ونصف حققت خروجاً تدريجياً من امتحان بالغ الصعوبة، لكن النجاحات التي حققتها تكفي لكي يطمئن الاشقاء والاصدقاء إلى أن هذه الحرب العالمية التي تخاض على ارضها وضد موقعها ودورها هي حرب فاشلة». «التيار العوني» مع الحياد وعلق عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النيابي آلان عون على التجمع الشبابي أمام وزارة الخارجية، بتأكيده «أننا مع إبقاء موقف لبنان محايداً لعدم استدراج المشكلة إلى الداخل». وقال عون لمحطة «الجديد»: «هذه التحركات هدفها سياسي بحت بغية توظيفها قبل الانتخابات النيابية المقبلة، وأتوقع استحضار ملف الهجوم على حزب الله مجدداً، إذ إن كل ما يفعله الفريق الآخر يهدف إلى التغطية على الأخطاء السياسية الفاضحة التي ارتكبها والتراكمات التي خلفها في الدولة، وأن «التيار الوطني الحر» لا يتدخل في الشأن السوري، لسنا طرفاً بين النظام والشعب وعبرنا عن ذلك بأكثر من مناسبة، وليختر الشعب السوري ما يريد. لا شك في أننا مع الإصلاح والتطور وتحقيق الديموقراطية، كما لا يمكن تجاهل الشق الثاني للأزمة السورية أي المصالح الإقليمية التي تتدخل لتنفيذ أجندات معينة. أما الشق الثالث فيتمحور حول سعي بعض الحركات المتطرفة لخطف الثورة وأخذ سورية إلى مكان آخر يقضي على التنوع ويهدد بعض المكونات في المجتمع السوري من خلال فرض عقيدة متطرفة لا تتقبل الآخر». مساعدات للنازحين وفي السياق، اعلنت «لجنة متابعة شؤون النازحين السوريين» في بعلبك، انها وزعت الدفعة الثالثة من المساعدات الإماراتية المقدمة من «مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية». وشملت الدفعتان السابقتان عائلات سورية نازحة الى بعلبك وأخرى نازحة الى عرسال والبقاع الشمالي.