أدرج كثيرون ذلك الأمر ضمن أحوال الهوس وضروب الجنون التي رافقت مجريات كأس العالم لكرة القدم «برازيل- 2014». ففي سياق تلك المنافسة، اندلع نقاش عن علاقة الأداء الرياضي بالعلاقات الجنسية. ورفع بعض مدربي فرق كرة القدم شعار عدم المجازفة بالجسد وطاقته، في خضم خوض مسابقة رياضية حاسمة. وفيما سمح مدربون آخرون للاعبين بممارسة الجنس قبل يوم المباراة، بدت الآراء متعارضة في ذلك الخصوص. وتنبع أبرز المخاوف المرتبطة بتلك الممارسة من نقطتين: أولاهما أن الجُماع ربما يولّد شعوراً بالتعب والضعف لدى اللاعب، وتستند الثانية إلى احتمال حدوث تأثير معنوي لذلك الأمر. وفي المقابل، تظهر معظم الدراسات العلميّة أن النقطة الأولى مجرد وهم، فيما تفاوتت الآراء حيال النقطة الثانيّة، إذ يعتقد الكثير من المدربين والرياضيين أن الامتناع عن ممارسة الجنس يزيد من حدّة العدوانيّة، وهو اعتقاد يتجذر ربما من الحضارات القديمة كحضارة الإغريقيين الذين كانوا يعتقدون أن الرجال يستمدون قوتهم من حالتهم جنسيّاً. ويتسع نطاق انتشار هذه النظرية لدرجة أن الملاكم الأسطوري محمد علي كلاي كان يرفض إقامة علاقة لفترة تسبق موعد الملاكمة بستة أسابيع، خشيةً من أن يؤثر الأمر في طاقته أثناء المباريات. ثمة كثير من المعطيات تدفع إلى الاعتقاد أن العكس هو الصحيح، إذ أظهرت دراسات كثيرة أن مستوى الهرمون الذكوري («تستوستيرون» Testosterone) يرتفع في الدم بعد الجُماع. وفي حديث نشرته مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» أخيراً، صرّح البروفسور إيمانويلي أ. جانيني من جامعة «لاكويلا» الإيطالية، وهو اختصاصي في تأثير الجنس على الأداء الرياضي، أن مرور 3 أشهر خالية من النشاط الجنسي، وهو أمر ليس مستبعداً بالنسبة إلى بعض الرياضيين، يؤدي إلى انحدار مستوى ال»تستوستيرون» بصورة حادة ليبلغ مستويات شبيهة بتلك التي توجد في أجسام الأطفال. وطرح سؤالاً استنكاريّاً عن مدى فائدة ذلك الانخفاض بالنسبة إلى ملاكم ربما كان بحاجة إلى مستويات مرتفعة من العدوانية كي تحفّز أداءه بدنيّاً ومعنويّاً أثناء المنازلة. بمعنى آخر، يستطيع الجنس تعزيز الأداء عبر ضخّ كميّات كبيرة من ال«تستوستيرون» في الجسم. سؤال عن الجانب النفسي في المقابل، يشدّد جانيني على أن الجنس لا يرهق الرياضيين، إذ لا تحرق تلك الممارسة سوى كمية قليلة من السعرات الحراريّة، تعادل تلك التي ينفقها الإنسان أثناء صعوده طبقتين على السلالم. ولا يعتبر ذلك الجهد أمراً مرهقاً بالنسبة إلى رياضي متمكّن. كذلك لفت جانيني إلى أن دراسات حديثة بيّنت مرّة اخرى، أن ممارسة الجنس ليلة خوض مباراة لا تنعكس على قوة اللاعب أو أدائه البدني. في المقابل، يصعب تأكيد ان يكون للجماع تأثير نفسي على لاعبي كرة القدم، لكن هناك خبراء يشدّدون على أن تأثيره ربما يكون إيجابياً. وفي عام 2000، صدرت دراسة تضمّنت مراجعة مدقّقة ل31 دراسة حول الجنس والرياضة. ونشرت الدراسة في «الجريدة السريرية للطب الرياضي»Clinical Journal of Sports Medicine تحت عنوان «هل يؤدّي الجنس ليلة المباراة إلى تراجع الأداء»؟ وأشارت إلى أن الجماع ليلة المباريات يساهم في تخفيف التوتر النفسي للاعبين، ويعطيهم شعوراً بالاسترخاء. ولفتت الدراسة إلى أن بعض الخبراء يؤكدون أن عمليات الفوز التي شهدتها دورات سابقة من كأس العالم تثبت فوائد الجنس. وفي سياق مشابِه، نقل موقع «سي آن آن» عن خوان كارلوس ميدينا، المنسّق العام لقسم الرياضة في «معهد مونتيري للتكنولوجيا» في المكسيك، أن أداء المنتخب الوطني الهولندي في كأس العالم 1978، في الأرجنتين، أعطى مثالاً عن التأثير النفسي الإيجابي للجنس، إذ اصطحب بعض أعضاء ذلك الفريق زوجاتهم، وفازوا بالمرتبة الثانية. وأعرب عن اعتقاده أن الجنس ليلة المباريات لا يمثّل عنصراً حاسماً، لكنه يقدّم بعض الدعم النفسي للاعبين. وقال: «حتى بيليه اعترف بأنه لم يعلّق حياته الجنسية قبل المباريات إطلاقاً. ويقصد من ذلك أن ما يُقال حول قدرة الجنس على المساعدة في الاسترخاء حقيقة مثبتة». في نهاية الأمر، يبدو أن تأثر عواطف اللاعبين بممارسة الجنس قبيل المباريات، هو أمر يتفاوت من لاعب إلى آخر، إذ يعتبره بعضهم راحة، فيما يراه آخرون إلهاءً بل إن بعض هؤلاء قالوا أن ذلك الأمر أبقاهم مستيقظين طوال الليل.