اعتمد المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، بهدف مساعدة الدول الفقيرة في أفريقيا جنوب الصحراء والشرق الأوسط والمناطق الأخرى من العالم على مواجهة آثار الركود العالمي في اقتصاداتها، «محفظة من الإجراءات غير المسبوقة»، وعدت بزيادة مخصصات الإقراض وتسهيل شروطه وإعفاء الدول المستفيدة من القروض الميسرة من دفع الفوائد المستحقة على قروضها موقتاً. واعتبر المدير العام للصندوق دومينيك ستروس - كان، ان «الزيادة غير المسبوقة في مخصصات الإقراض التي أقرها المجلس التنفيذي لن تساعد الدول المتدنية الدخل على مواجهة أزمة ليست من صنعها فحسب، بل ستحول دون وقوع الملايين من البشر في براثن الفقر». وأشار في بيان إلى ان الإقراض الجديد «يمهد السبيل إلى تحقيق تقدم على صعيد مكافحة الفقر حال انحسار الأزمة». وشملت محفظة الإجراءات رصد 17 بليون دولار بهدف إقراض الدول الفقيرة حتى 2014، مع تخصيص ما يزيد على نصف هذا المبلغ تقريباً للعامين المقبلين، فضلاً عن إعفاء القروض الميسرة المستحقة للصندوق من الفوائد حتى نهاية 2011، وخفض الفائدة في المدى الطويل إضافة إلى مضاعفة متوسط الإقراض وتسهيل شروطه خصوصاً مراجعة الفوائد السنوية بانتظام. ولفت صندوق النقد إلى ان أزمة الائتمان التي دفعت الاقتصاد العالمي إلى أسوأ ركود منذ الكساد الكبير في ثلاثينات القرن الماضي «انطلقت من الاقتصادات المتقدمة وتجسدت أكثر آثارها المرئية في الاقتصادات الناشئة في موجة ثانية». وحذّر من ان «تهدد موجة ثالثة الإنجازات الاقتصادية الكبيرة التي حققتها دول فقيرة كثيرة في العقد الماضي». وأعلن الصندوق عزمه «تمويل أعباء الزيادة المعلنة في الإقراض الميسر من مصادر متنوعة، منها الأرباح الإضافية المتوقع تحقيقها من حصيلة بيع كمية محدودة من مخزونه الضخم من الذهب الذي يزيد على 3.200 طن». وذكر ان المجلس التنفيذي «سيناقش قريباً اقتراحاً لبيع نحو 400 طن من الذهب»، موضحاً ان «أي زيادة في متوسط سعر يبلغ 850 دولاراً للأونصة تمثل أرباحاً إضافية وترصد لدعم الإقراض الميسر». وتقدر قيمة كمية الذهب المتوقع طرحها للبيع ب13 بليون دولار بالأسعار الجارية، ما يعني ان الأرباح الإضافية المرجح تحقيقها لا تزيد حالياً على بليون دولار. وتزامن إعلان محفظة الإقراض، التي تخاطب احتياجات الدول الفقيرة إلى التمويل الخارجي، مع ظروف الأزمة الراهنة وبدت أكثر سخاء من دعوة قمة مجموعة العشرين الأخيرة للصندوق بزيادة الإقراض 6 بلايين دولار في فترة تمتد من سنتين إلى ثلاث، بعدما ضاعف الصندوق حجم القروض الميسرة التي منحها لهذه الدول في الأشهر السبعة الماضية إلى 2.9 بليون دولار مقارنة ب1.5 بليون دولار عام 2008. وتضمنت المحفظة آليات مستحدثة لتلبية حاجة الدول الفقيرة إلى خطوط الائتمان في المدى المتوسط، إضافة إلى التمويل الاحترازي واحتياجات التمويل الطارئة التي وعد الصندوق بتوفيرها بشروط محدودة، إلا أنها تساند قراراً اتخذه المجلس التنفيذي الأسبوع الماضي يعزز احتياطات العملات الصعبة للدول الفقيرة بقيمة 18 بليون دولار من حقوق السحب الخاصة. ووصف ستروس - كان محفظة الإقراض المتوقع إطلاقها رسمياً في وقت لاحق من العام، ب «جهد تاريخي للصندوق لمساعدة فقراء العالم». ولفت إلى ان الصندوق «يعتزم إيلاء أهداف مكافحة الفقر والنمو الاقتصادي، خصوصاً الإنفاق على شبكات الضمان الاجتماعي والأولويات الأخرى المساهمة في الحد من الفقر، أهمية أكبر من السابق في كل البرامج التي يمولها». وتضم الدول الفقيرة (المتدنية الدخل) التي يبلغ نصيب الفرد فيها من ناتجها المحلي أو يقل عن 975 دولاراً سنوياً، 43 بلداً منها اليمن وموريتانيا وأفغانستان وبنغلادش وإريتريا والصومال وبلدان أفريقيا جنوب الصحراء، إضافة إلى عدد من دول آسيا والمحيط الهادئ.