يعزف محسن العشري على السمسمية منذ كان عمره 7 سنوات، وكان عضواً في فرقة والده حسن العشري «مدرسة الفن»، وذهب في أول جولة له خارج مصر، إلى أميركا، خلال الاحتفالات بمرور مئتي سنة على تأسيس الولاياتالمتحدة. وكبر العشري ليصبح أحد أشهر عازفي السمسمية في العالم، ويستعد راهناً لجولة فنية بعد شهرين تشمل فرنسا وأميركا. يخبر العشري أنه بعد وفاة والده اعتزل الفن سنوات عدة، لأن العرف السائد كان أن تحيي الفرق الأفراح في منطقة القناة، الأمر الذي كان يرفضه بسبب ظاهرة «النقوط» (إعطاء الموسيقيين بقشيشاً) لأن هذه الممارسة كانت تخرجه من الحالة الفنية التي يغرق فيها. لكن جولات العشري استمرت في الخارج. عزف مع فرقة الطنبورة وتعاون مع كبار الفنانين المصريين مثل عازف الطنبورة حسن برجمون، ومغنية المدائح والمواويل الشيخة زينب، عبر مركز المصطبة للموسيقى الشعبية المصرية الذي فاز بجائزة الموسيقى العالمية في مهرجان روسكيلد في الدنمارك. كما احتفت به صحف عالمية من مصاف «إندبندنت» و «غارديان» البريطانيتين و «لوموند» الفرنسية التي كتبت عنه: «استطاع محسن العشري أن يحلق بالموسيقى الشعبية المصرية بعزفه على آلة السمسمية إلى آفاق بعيدة لم تكن متاحة لها من قبل». ويعتبر العشري أن دور السمسمية الكبير كان أيام حروب 1956 و1967 و1973، إذ كان الموسيقيون يقصدون الجنود في الخنادق، فيعزفون ويغنون لهم لشحذ هممهم. وهُجّر أهل القناة منها، في ذلك الوقت، وكان العشري من بينهم، فذهب إلى بشبيش في الغربية والمحلة الكبرى، ليعود بعد انتهاء الحرب. ويشكو العشري من أن المردود المادي لعازف السمسمية قليل، على رغم أنه متميز في مهنته وعاشق لها. ويضيف أن «الفنان الشعبي في مصر عموماً يعاني الإهمال، إذ لا يلقي له المسؤولون بالاً، على رغم أنه يحفظ التراث الذي يهتم به بعض العرب والكثير من الأجانب، فيما يهمله أهلنا في مصر». ويرى أن السمسمية آلة جميلة، وإمكاناتها الكاملة لم تستغلّ بعد، لافتاً إلى أن هذا بالضبط ما يسعى شخصياً إلى تحقيقه، إذ يعزف عليها أغاني «الضمة» التي لم تكن تعزف سابقاً نظراً إلى محدودية الآلة القديمة. لكن عمليات التحديث المتوالية أتاحت أن تُعزف على السمسمية الآن أغانٍ مثل «نوح الحمام» و «زارني المحبوب»، إضافة إلى الأغاني القديمة مثل «بتغني لمين يا حمام» و «عالسمسمية إسمع يا سيدي». ويضيف أنه، خوفاً من ضياع تراث السمسمية، أنشأ مركزاً للبراعم لتعليم العزف عليها، بالتعاون مع زكريا إبراهيم. وبدأ العمل فعلاً على إعداد خمسة أطفال ليصبحوا عازفي سمسمية فلا تنقرض الحرفة. ويلفت العشري إلى أنه اختير عازفاً أول للسمسمية في العالم، إلى جانب تسميته عام 2007 ضمن أفضل خمسين عازفاً على كل الآلات حول العالم وذلك في مسابقة عالمية أقامتها مجلة «سونغ لاينز» الإنكليزية. وجاء في حيثيات منحه الجائزة أن محسن العشري ليس عازفاً متميزاً فحسب، بل يرقص ويغني، كما أضاف مفاتيح جديدة إلى السمسمية في محاكاة للبيانو، مما يسهل له التنقل بين المقامات المختلفة أثناء العزف. وحصل العشري على جوائز عدة في أميركا وهولندا وفرنسا وإيطاليا والدنمارك، إضافة إلى مصر حيث كانت أهم جائزة في نظره «كأس بورسعيد» التي نالها أربع مرات، لأن بورسعيد معقل السمسمية.