يبدو أن التقاطع بين موسكو وبكين لا يقتصر على الشأن السوري وتفاصيله الدامية وأوضاعه الملتهبة، بل إن كوكب المريخ شكّل «ساحة» أخرى لعمل هذا التحالف. ففي الآونة الأخيرة، شرعت روسيا بالتعاون مع بلاد العم ماو، في الإعداد للمرحلة النهائية من رحلة فريدة من نوعها إلى المريخ. وفي هذا السياق، أعلن الباحث الصيني تشين تشانيا عن تفاصيل الرحلة المنتظرة، مشيراً إلى أن الموعد الأولي لإطلاق المكوك هو تشرين الأول (أكتوبر) 2012. وينوي البلدان إطلاق مكوك فضاء روسي من طراز «زينيت» حاملاً جهاز إرسال روسيا تُطلق عليه تسمية «فوباس جرونت». ووفق بعض الخبراء الروس، تستمر مهمة الجهاز الروسي على سطح المريخ لثلاث سنوات، فيما تعمل الطوّافة الصينية «يونغو 1»، التي يحملها المكوك ذاته ضمن هذا البرنامج، لسنة. وتهدف الرحله إلى تحقيق طفرة في بحوث اكتشاف الكوكب الأحمر، وتزويد العلماء معلومات مهمة تساعد على إنجاح الرحلات المقبلة. ويعوّل العلماء الروس والصينيون على قدرة الطوافتين على إرسال عينات من تربة المريخ وصخوره إلى الأرض لدراستها، إضافة إلى إرسال صور مباشرة عن سطح ذلك الكوكب. ويسعى العلماء أيضاً لتحقيق تقدّم في دراسة البنية التحتية للكوكب الأحمر، واحتمال وجود حياة فيه، وتفسير اختفاء المياه عن سطح الكوكب. كذلك، يعوّل العلماء على الطوّافتين عينهما للعثور على ما يفسّر انتشار غاز الميثان في المريخ. ويتوقع علماء أن يكون المريخ شهد ثورات بركانية جامحة، أدّت إلى تسرّب ذلك الغاز الذي لا يُرجحون أنه وُجد على ذلك الكوكب تلقائياً، بفعل تطور طبيعي. وفي حال نجحت مهمة المكوك، يحقق علماء روسيا والصين إنجازاً تاريخياً للبحوث العلمية المتعلقة بالمريخ. والمعلوم أن جهاز الإرسال الروسي «فوباس جرونت» يعتبر أول وسيلة لنقل المعلومات مباشرة من المريخ، وقد صُنِع في «المعهد العلمي» بموسكو في عام 1988. المعروف أن كوكب المريخ الشبيه كثيراً بالأرض، كان دائماً محط اهتمام العلماء لاحتمال وجود حياة عليه، خصوصاً أن في السنوات الأخيرة توفّرت أدلّة متزايدة على احتمال وجود هذه الحياة حالياً، أو في أزمنة سابقة. كذلك، يعتبر وجود كتل ثلجية في الجزء الجنوبي من الكوكب الأحمر، من أقوى الأدلة على وجود حياة سابقاً عليه. كما أن اكتشاف كائنات تعيش في بيئات متطرفة جداً على سطح الأرض (مثل السخونة الشديدة والبرودة القارسة)، تشبه بيئة المريخ، عزّز احتمال وجود حياة على هذا الكوكب. ويحتل المريخ المرتبة الرابعة بين الكواكب السيّارة في النظام الشمسي، في المسافة التي تفصلها عن الشمس، كما أنه يملك قمرين (فوبوس وديموس) يُرجح أنهما تشكّلا بُعيد اصطدام المريخ بجسم كبير غير معروف للعلماء. ويبعد المريخ عن الأرض نحو 400 مليون كيلومتر. ... وفراق في القمر في سياق مُتّصل، أوضحت موسكو أنها تلقّت دعوة من الولايات للاشتراك برحلة ثنائية إلى المريخ تجمع وكالة الفضاء «ناسا» مع نظيرتها الروسية «كوسموس». في المقابل، أشار خبراء روس إلى تباين واضح في تعاطي العلماء في البلدين مع دراسات المريخ وسبل غزوه. ففي حين يصرّ علماء روس على ضرورة توجيه المركبات مباشرة الى المريخ، يؤكّد نظراؤهم الأميركيون أهمية أن يتحول القمر إلى محطة لتوقف المراكب أثناء رحلتها إلى المريخ. ويشير خبراء أميركيون إلى أهمية استخدام هذا الطريق، إذ يمكّن من تثبيت الإحداثيات وتوسيع دراسات الفضاء لضمان نجاح الجهود المنصبة على دراسة المريخ ومحاولات إيصال مراكب مأهولة إليه.