بالتزامن مع التجارب لإطلاق رحلة مأهولة إلى المريخ، تواصل موسكو جهودها لتطوير مراكب فضائية وتحضير مكوك قادر على إنجاز أغراض علمية عدة، بحيث يوسّع معرفة العلماء بالكوكب الأحمر. وبدأت روسيا أخيرا المرحلة النهائية من الإعداد لإطلاق رحله فريده من نوعها إلى المريخ بالتعاون مع الصين. وأعلن الباحث الصيني تشين تشانيا عن تفاصيل الرحلة المنتظرة، مشيراً إلى أن الموعد الأولي لإطلاق المكوك هو تشرين الأول (اكتوبر) المقبل. وينوي البلدان إطلاق مكوك فضاء روسي من طراز "زانيت" حاملا جهاز إرسال روسي تُطلق عليه تسمية "فوباس جرونت". وبحسب خبراء روس، تستمر مهمة الجهاز الروسي على سطح المريخ لثلاث سنوات، فيما تعمل الطوّافة الصينية "يونغو 1"، التي يحملها المكوك ذاته ضمن هذا البرنامج، لسنة. وتهدف الرحله إلى تحقيق طفرة في بحوث اكتشاف الكوكب الأحمر، وتزويد العلماء بمعلومات مهمة تساعد على إنجاح الرحلات المقبلة. إذ يعوّل العلماء الروس والصينيون على قدرة الطوافتين على إرسال عينات من تربة المريخ وصخوره إلى الارض لدراستها، إضافة إلى إرسال صور مباشرة عن سطح ذلك الكوكب. ويسعى العلماء أيضاً لتحقيق تقدّم في دراسة البنية التحتية للكوكب الأحمر، وإحتمال وجود حياة فيه، وتفسير إختفاء المياه عن سطح الكوكب. وكذلك يعوّل العلماء على الطوّافتين عينهما لعثور على ما يفسّر انتشار غاز الميثان في المريخ. إذ يتوقع علماء أن يكون المريخ شهد ثورات بركانية جامحة، أدّت إلى تسرّب ذلط الغاز الذي لا يُرجحون أنه وُجد على ذلك الكوكب تلقائياً، بفعل تطور طبيعي. وفي حال نجحت مهمة المكوك، يحقق علماء روسيا والصين إنجازاً تاريخياً للبحوث العلمية المتعلقة بالمريخ. والمعلوم أن جهاز الارسال الروسي "فوبس جرونت" يعتبر أول وسيلة لنقل المعلومات مباشرة من المريخ، وقد صُنِع في "المعهد العلمي" بموسكو في العام 1988. المعروف أن كوكب المريخ الشبيه كثيرا بالأرض، كان دائماً محط اهتمام العلماء لاحتمال وجود حياة عليه، خصوصاً ان السنوات الأخيرة وفرت أدلّة متزايدة على احتمال وجود هذه الحياة حاليا، أو في أزمنة سابقة. وكذلك يعتبر وجود كتل ثلجية في الجزء الجنوبي من الكوكب الأحمر، من أقوى الأدلة على وجود حياة سابقاً عليه. كما ان اكتشاف كائنات تعيش في بيئات متطرفة جداً على سطح الأرض (مثل السخونة الشديدة والبرودة القارسة)، تشبه بيئة المريخ، عزّز إحتمال وجود حياة على هذا الكوكب. ويحتل المريخ المرتبة الرابعة بين الكواكب السيّارة في النظام الشمسي، في المسافة التي تفصلها عن الشمس، كما أنه يملك قمران (فوبوس وديموس)، اللذان يُرجح أنهما تشكّلا بُعيد اصطدام المريخ بجسم كبير غير معروف للعلماء. ويبعد المريخ عن الارض نحو 400 مليون كيلومتر. خلاف عن محطة القمر في سياق مُشابه, كشفت موسكو عن تلقيها دعوة من وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" للاشتراك برحلة ثنائية إلى المريخ تجمع "ناسا" مع نظيرتها الروسية "كوسموس". في المقابل، أشار خبراء روس إلى تباين واضح في تعاطي العلماء في البلدين مع دراسات المريخ وسبل غزوه. ففي حين يصرّ علماء روس على ضرورة توجيه المركبات مباشرة الى المريخ، في ما يؤكّد نظراءهم الأميركيون على أهمية أن يتحول القمر إلى محطة لتوقف المراكب أثناء رحلتها إلى المريخ. ويشير خبراء أميركيون إلى أهمية إستخدام هذا الطريق، إذ يمكّن من تثبيت الإحداثيات وتوسيع دراسات الفضاء لضمان نجاح الجهود المنصبة على دراسة المريخ ومحاولات إيصال مراكب مأهولة إليه. على صعيد آخر، لفت أناتولي بيرمينوف رئيس وكالة "كوسموس" إلى إهتمام أوروبي متزايد بالتعاون مع موسكو في مجال دراسات المريخ، كما ظهر في توقيع إتفاق مع "وكالة الفضاء الأوروبية" في هذا الشأن.