أعلن المفتش العام في وزراة الدخلية عقيل الطريفي ضبط حالات فساد في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بمئات الآلاف من الدولارات، وفيما حذرت هيئة النزاهة من مغبة استمرار عمل عصابات التزوير، كشف مكتب الهيئة في النجف وجود عصابات مافيا لتزوير ملكية العقارات في المدينة. وقال الطريفي ل «الحياة» ان «عدداً من حراس المنشآت وموظفين في الوزارة متورطون بأخذ رشاوى تصل قيمتها الى نحو 400 الف دولار من مواطنين مقابل شمولهم برواتب الرعاية الاجتماعية». واضاف: «تمت احالة اوراق التحقيق الى قاضي التحقيق بعد اكتمال التحقيق في مكتب المفتش العام». ورفض اعطاء تفاصيل اخرى او الكشف عن اسماء الموظفين المتورطين او عناوينهم الوظيفية. وكانت صحيفة «الصباح» الرسمية ذكرت ان «احدى الشرطيات التي تعمل في هيئة حماية المنشآت الحيوية التابعة لوزارة الداخلية، أدلت بمعلومات عن قيامها بدور الوسيط في تسلم هذه المبالغ وتسليمها الى موظفين في وزارة العمل لقاء تسهيل 604 معاملات لرواتب شبكة الحماية الاجتماعية». ويحتل العراق المرتبة الثانية عالمياً في الفساد الاداري والمالي بعد الصومال حسب تصنيف «منظمة الشفافية العالمية» التي تتخذ من المانيا مقراً لها. وتعترف «هيئة النزاهة» بتفشي حالات فساد اداري ومالي، لكنها تؤكد ان «الوضع بدأ يتحسن وهناك سيطرة على الوضع مع تحسن الوضع الامني». ويرفض رئيس «هيئة النزاهة» القاضي رحيم العكيلي تقرير «منظمة الشفافية» ويتهمها بعدم «الحيادية واعتماد آليات غير منطقية». وقال العكيلي في تصريح الى «الحياة» انه «من غير الواقعي ان لا يكون العراق افضل حالا من عامي 2006 و2007 اللذين شهدا اعمال عنف ادت الى ضعف الدولة واجهزتها الرقابية». واكد ان «السيطرة الجيدة للاجهزة الرقابية عام 2008 ادت الى انخفاض حالات الفساد في دوائر الدولة». واضاف ان «هناك نصوصاً قانونية تمنع ملاحقة المفسدين»، لافتاً الى أن «الفقرة (ب) في المادة 136 من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي تمنح الوزير صلاحيات تمكنه من إيقاف اكتمال التحقيق مع بعض المسؤولين في الوزارات والهيئات والمؤسسات العراقية في عمليات الفساد الاداري والمالي». وكانت الحكومة العراقية وضعت مطلع العام الجاري لائحة تتضمن 18 نقطة تهدف إلى كشف الفساد في دوائر الدولة والقضاء عليه، وكان أهمها توقيع معاهدة مكافحة الفساد بالتعاون مع دول اخرى. ويبدي المسؤولون العراقيون تفاؤلا كبيرا في الحد من الفساد المالي والاداري خلال عام 2009 الجاري الذي اعلنه رئيس الوزراء نوري المالكي «عام الحرب على الفساد». وفي النجف (160كلم جنوب بغداد) كشفت هيئة النزاهة وجود عصابات مافيا لتزوير ملكية عقارات في المدينة مستغلة الفراغ الامني والحكومي بعد الاجتياح الاميركي للعراق عام 2003 وفرار الكثير من عناصر النظام السابق الى خارج البلاد، فعمدت هذه العصابات الى بيع الكثير من الأملاك باستخدام وثائق بيع وشراء مزورة من دون علم اصاحب المنازل الشرعيين. وكشف مدير هيئة النزاهة في النجف امير الشبلي «وجود عصابات مافيا كبيرة لها خيوط مثل الاخطبوط تزوّر ملكية عقارات الدولة والمواطنين وبيعها». وقال الشبلي ل «الحياة» ان «هناك مافيا في محافظة النجف تقوم بعمليات تزوير واسعة لعقارات الدولة والافراد، خصوصا من العسكريين السابقين وغيرهم من غير اهل النجف الذين حصلوا في زمن النظام السابق على قطع أراض في المدينة بالشراء او كمنحة من الدولة» لافتاً الى «مشاركة عناصر وجهات عديدة، من دلالين وموظفين حكوميين ووسطاء، في نشاط هذه المافيا». وأوضح ان «هذه المافيا تقوم بعملها عبر آلية معقدة, فتدفع رشاوى لاستخراج وثائق قطعة الارض او المنزل المراد تزويره من داخل دائرة العقارات، ثم تقوم بعد ذلك بلصق صورة مكان صورة صاحبها الاصلي وتزوير اوراق ثبوتية، من جنسية وشهادة الجنسية وبطاقة السكن وغيرها، مطابقة لما موجود في وثيقة قطعة الارض الاصلية، ثم تقوم بعملية بيع وشراء». وأضاف ان «معظم عمليات التزوير تمت على املاك عسكريين او اشخاص من خارج المحافظة لم يتمكنوا من المراجعة بسبب الظروف الامنية». وحذر الشبلي من ان «استمرار هذه المافيا بأعمالها القذرة يهدد الأمن الاجتماعي في المحافظة» معتبراً انها «في نظري اخطر من شبكات الارهاب»، واقترح سبلاً لكشف اعمال هذه المافيا «بتشكيل لجان مختصة من هيئة النزاهة والمفتش العام لوزراة البلديات وابرز موظفي وزارة العدل، واشراك مديرية التحقيقات الوطنية والامن الوطني لمتابعة هذا الملف ووضع حد لتلاعب المجرمين بمقدرات البلاد». ولفت الشبلي الى تهديدات ومخاطر يتعرض لها مسؤولون عن كشف الفساد والتزوير في المحافظة، مشيراً الى ان «مدير التسجيل العقاري السابق في النجف محمد كرماشة تعرض الى عمليتين إرهابيتين بسبب كشفه هذه المافيا تم فيها تفجير منزله مرتين عام 2005 انتقل بعدها الى دئرة تسجيل عقارات الكوفة» وتابع ان «الرئيس السابق لمحكمة استئناف النجف القاضي موحان الشويلي قتل عام 2004 بسبب تحفظه عن ملفات مهمة تخص قضايا تزوير الأراضي، كما تمت سرقة السجلات من سيارته حيث انه كان لا يأمن عليها ويحملها أينما ذهب، وكانت النتيجة ان دفع حياته ثمناً لما كشفه». وكان الشبلي نفسه تعرض الى محاولة اغتيال فاشلة الثلثاء الماضي في حي الميلاد، شمال النجف، من جانب 3 مسلحين اعتقل أحدهم وسلّم الى السلطات المختصة.