ساد هدوء حذر منطقتي باب التبانة وجبل محسن في طرابلس (شمال لبنان) في ظل خروق متقطعة لاتفاق وقف النار الذي توصلت اليه فاعليات المدينة وكان يفترض ان يدخل حيز التنفيذ مساء اول من امس، إلا أن عمليات قنص وسقوط القذائف الصاروخية أبقت الوضع الأمني هشاً، ما استدعى انتقال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية مروان شربل الى طرابلس وتكثيف الاتصالات واللقاءات لتثبيت وقف النار بشكل حاسم. وحصدت عمليات القنص قتيلين هما: محمد عواد ومحمد صلطية، إضافة الى عدد من الإصابات، ما يرفع عدد الجرحى الى أكثر من مئة منذ بداية الأحداث. وأبقى الجيش اللبناني على إجراءاته في منطقة الاشتباكات، وعمل على إزالة عدد من المتاريس في طلعة الشمال والبقار، وفُتحت الطريق الدولية التي تربط طرابلس بمنطقة عكار، الا ان حركة السير عليها بقيت خفيفة خوفاً من تجدد عمليات القنص. وفجر الجيش قذائف صاروخية لم تنفجر من مخلفات الاشتباكات الاخيرة، ورد على سقوط قذيفتين على سوق القمح بإطلاق النار على مصادر النيران وتسيير دوريات مؤللة. احراق مقهى ومنزلين وأقدم مجهولون على حرق مقهى لآل درباس عند طلعة الشمال، سبقه إحراق منزلين صباحاً في سكة الشمال يعودان لأحمد حموضه وعمر القاري، وأحدهما جندي في الجيش اللبناني، لكن عضو المكتب السياسي في «الحزب العربي الديموقراطي» مهدي مصطفى، نفى ان يكون أبناء جبل محسن مسؤولين عن حرق المقهى. وأوضح أنه يقع في منطقة محاذية لباب التبانة، داعياً الجيش الى فتح تحقيق، وما يصدر عنه نقبل به». وكان ميقاتي عقد في السراي الكبيرة في بيروت، قبل انتقاله الى طرابلس، سلسلةَ اجتماعات في إطار متابعة الوضع الأمني في البلاد، لا سيما في طرابلس. واتصل بالقادة الأمنيين، مشدداً على «ضرورة المضي في كل التدابير المناسِبة لضبط الوضع ومنع إطلاق النار». ونقل النائب السابق الياس سكاف عن ميقاتي بعد لقائه معه «اطمئنانه الى ان الأمور ستهدأ وتُحَلّ في نهاية الأمر». ودعا وزير المال محمد الصفدي الى «التنبّه من الفتنة التي تتعرض لها طرابلس»، رافضاً «ان تكون عاصمة الشمال أداةً لصراعات خارجية لا علاقة لأهل المدينة بها». وأكدّ «أن الجيش لا يفاوض على الأمن بل يفرضه، وواجبات الحكومة تغطية قراراته». وتوالت المواقف المحذرة من استمرار الاشتباكات في طرابلس، وأكد وزير الدفاع فايز غصن «أن الجيش لم يتراجع أو يعدل مسار وجوده في مراكزه في طرابلس، كما انه لا يرفع الغطاء عن أحد، لأن واجباته تحتم عليه تأمين الأمن للمواطنين». واذ اعتبر في حديث إذاعي أن «المشكلة بين باب التبانة وجبل محسن مزمنة ولم يكن ينقصها الا بعض الامور لتعود وتشتعل»، شدد على «ان الجيش يحاول ضبط الوضع وفقاً للإمكانات المتاحة له». وعوّل على جهود فاعليات المنطقة «في اتخاذ إجراءات فاعلة لمساعدة الجيش على إعادة الامور الى طبيعتها». وعرض غصن مع كل من النواب السابقين: طلال المرعبي واحمد حبوس وجورج كساب «التطورات في طرابلس في ضوء الإجراءات التي يقوم بها الجيش اللبناني لإعادة الامن الى الشمال»، وفق ما جاء في الوكالة «الوطنية للإعلام». وقال عضو كتلة «المستقبل» النيابية أحمد فتفت، لاذاعة «صوت لبنان»: «إننا أمام هدنة هشة في طرابلس». ورأى «أن الوضع سيبقى على ما هو عليه في انتظار صاحب الأمر أن يعطي أمره للحزب العربي الديموقراطي فيوقف محاولاته أخْذَ المدينة نحو الحرب». وجدد فتفت المطالبة ب «جعل طرابلس منزوعة السلاح، باعتبار ذلك الحل الوحيد للمشكلة، الا أن الأمر يحتاج قراراً سياسياً وموافقة الاطراف، وتحديداً الحزب العربي الديموقراطي، على التعاون». ورأى عضو الكتلة نفسها خالد زهرمان في حديث الى اذاعة «الشرق»، ان «العبرة في إيجاد حل لهذه البؤرة الأمنية»، مشدداً «على أهمية إيجاد حل جذري لهذه المسألة، خشية انفجار الوضع مجدداً»، ولافتاً «الى أن أهالي طرابلس يدفعون الثمن». وأكد أن «المشكلة في وجود السلاح المرتبط بمشروع إقليمي في منطقة جبل محسن ويتم استعماله لتفجير الساحة الطرابلسية»، مجدداً المطالبة ب «جعل مدينة طرابلس منزوعة السلاح كمقدمة لجعل لبنان منزوع السلاح». وسأل زهرمان الحكومة: «ماذا تفعل المدافع في جبل محسن؟»، وقال: «لا نعول كثيراً على هذه الحكومة لأنها جزء من المشروع الإقليمي»، معتبراً أنها «لا تملك الجرأة للطلب من المؤسسات الأمنية ضبط الأمور فعلياً على الأرض». دورية مؤللة للجيش في طرابلس (رويترز)