كشفت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة» أمس، عن الإيقاع بمسؤول وصفته ب «الكبير» في أمانة المنطقة الشرقية، متهم ب «الرشوة والتزوير والتلاعب»، مشيرة إلى أن مجموع مبالغ الرشاوى التي حصل عليها في مقابل إجازة مخططات عقارية، بلغ 6.3 مليون ريال، وزعها على ثمانية حسابات في مصارف محلية. فيما علمت «الحياة» أن ضبط المسؤول تم قبل نحو عام، بالتعاون بين «نزاهة» والمباحث الإدارية، اللتين إضافة إلى أمانة الشرقية، فضلت «التكتم على ما جرى في انتظار اكتمال التحقيقات»، التي أماطت اللثام عن تورط آخرين من موظفي الأمانة مع القيادي المتهم. فيما تشهد أروقة المحكمة الإدارية (ديوان المظالم) حالياً، محاكمة موظفين في الأمانة متهمين بقضايا «فساد إداري»، وصدرت في حق بعضهم أحكاماً بالسجن والغرامة. وأوضحت «نزاهة» في بيان صحافي (حصلت «الحياة» على نسخة منه)، أنه تمت «الإطاحة بمدير إدارة التخطيط العمراني في أمانة المنطقة الشرقية وآخرين متعاونين معه، بسبب أخذهم رشاوى لقاء أداء أعمال تعد من واجباتهم الوظيفية». وأشارت إلى أن البداية كانت ببلاغ تقدم به إليها أحد المواطنين، عن «قيام المسؤول بطلب مبالغ مالية على سبيل الرشوة، لقاء اعتماد مخططات عقارية، بما يخالف القواعد والأنظمة المتبعة». وأوضحت الهيئة أنها «قامت بعد توافر المعلومات الكافية عن الواقعة، بالتنسيق مع جهة الضبط المختصة، تم رصد وتتبع المتورطين في القضية ومن ثم ضبطهم بالجرم المشهود، بعد توافر أدلة وقرائن ووثائق قوية بثبوت طلب الرشوة وأخذها بحق المسؤول، وأحد المهندسين في إدارة المساحة في الأمانة». وكشفت التحقيقات – بحسب «نزاهة» – عن قيام المسؤول ومن معه، باتخاذ «أسلوب الضغط لإجبار بعض أصحاب المخططات العقارية وشركات التطوير العقاري على دفع الرشوة، أو إدخاله معهم كمساهم لإجازة مخططاتهم، فيما قام بعض الأشخاص من خارج الأمانة، وأحد مكاتب الخدمات العقارية بدور التستر على أفعاله، والتجاوب معه إذ اتخذ منهم غطاء لإجبار أصحاب المصالح على تحرير شيكات بمبالغ الرشوة بأسمائهم، ثم تمريرها إلى حساباته الشخصية، التي بلغت ثمانية في مصارف محلية». وأضافت هيئة مكافحة الفساد أنه «تبين بعد متابعتها وجود عمليات إيداع بمبالغ كبيرة لا تتناسب مع دخل المسؤول. وبلغت قيمة الرشاوى التي جرى التأكد من أخذه لها 6.3 مليون، فيما كان يقوم بعمليات تلاعب وتزوير في المستندات والوثائق المتعلقة بالموافقات على اعتماد المخططات العقارية، لتضليل المسؤولين بأنها صحيحة»، لافتة إلى أنه تم «توجيه الاتهام بارتكاب جرائم الرشوة والتزوير والتلاعب إلى المسؤول ومن شاركه أو تستر عليه، وجرى إلقاء القبض عليهم وإيقافهم وإحالتهم إلى المحكمة المختصة». ودعت «نزاهة» جميع المواطنين لإبلاغها عن «أية عمليات مشابهة، وعدم الاستجابة لأية ضغوط يواجهونها من هذا القبيل عند مراجعتهم أية جهة حكومية، وأن يكونوا عوناً على كشف الفاسدين والإطاحة بهم». بدوره، قال المتحدث باسم أمانة الشرقية محمد الصفيان، ل «الحياة»: «إن الموضوع ليس له علاقة بمدير إدارة التخطيط العمراني الحالي المهندس عادل بخرجي (رئيس بلدية وسط الدمام سابقاً)، الذي عُين في المنصب بعد الحادثة»، لافتاً إلى أن المتهم «موظف كان يعمل في الإدارة». وأضاف الصفيان: «إن القضية وقعت قبل عام، ولم تتلق الأمانة إلى الآن نتائج التحقيقات مع الموظف المتهم»، موضحاً أن «القضية ما زالت رهن التحقيق». وشدد على دور الأمانة في «مكافحة الفساد المالي والإداري». علمت «الحياة» من مصادر أنه تم ضبط المسؤول منذ عام، و تم التحقيق معه من جهة المباحث الإدارية، بالتنسيق مع «نزاهة»، لافتة إلى أن «نزاهة» بعد أن تلقت البلاغ، قامت بالتحقق من صحة البلاغ، وبعدها أبلغت المباحث الإدارية، التي قامت بضبط المسؤول وإحضاره وإحالته إلى جهات التحقيق، لتسجيل اعترافاته، التي أقر من خلالها بصحة ما نسب إليه، وقام بالإبلاغ عن المتعاونين معه، وأحدهم مهندس مختص في إدارة المساحة، لتسهيل أموره. وأشارت المصادر إلى أن أمانة الشرقية تكتمت عن الموضوع، بهدف «عدم إحداث أية بلبلة قد تؤثر عليها، إضافة إلى أنها اعتبرت القضية من اختصاص الجهات الأمنية، التي تابعت إجراءات سير القضية منذ البداية، وحتى القبض على المسؤول والمتورطين معه». مسرحية «الأمانة» عن «الفساد» تتحول واقعاً لم تكمل مسرحية «ما يصح إلا الصحيح» التي تنظمها أمانة المنطقة الشرقية، عرضها الأخير ضمن فعاليات «صيف الشرقية 35»، والتي تناقش فصولها قضايا الفساد، حتى جاء الإعلان رسمياً من الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة»، عن تورط مسؤول كبير في الأمانة بقضايا رشوة، تصل إلى ستة ملايين ريال. وتتمحور فصول المسرحية التي تُعرض في الصالة الخضراء، والتي اختار كاتبها عبدالعزيز العطالله لها اسم «ما يصح إلا الصحيح»، حول الفساد الإداري في إحدى الشركات الكبرى، ومحاولة إصلاحه بطريقة كوميدية، من خلال جمع معلومات المفسدين لمجموعة من رجال الأعمال، الذين حاولوا تقديم رشوة لمراقب من أحد الجهات الحكومية، لغض النظر عن المخالفات التي قاموا بها تجاه صفقات وعمليات مشبوهة، وشهدت المسرحية تفاعلاً كبيراً ممن حضروا المسرحية، من الرجال والسيدات.