كشفت مصادر مطّلعة ل «الشرق» عن تفاصيل قصة رشوة الملايين الستة التي أطاحت بمسؤول في أمانة الشرقية وثلاثة آخرين، أحدهم من داخل الأمانة. وقالت المصادر إن القصة بدأت بطلب ترخيص مخطط سكني في بلدة أم الحمام بمحافظة القطيف وانتهت في المباحث الإدارية في الدمام. وأوضحت المصادر أن شقيق المتهم الرئيس في القضية شريكٌ في القضية، مضيفةً أن الشقيق يشغل منصباً مسؤولاً في مصرف محلّي، وأنه كان يقدّم تسهيلات للإيداعات المالية التي دخلت حسابات شقيقه، وتحتفظ «الشرق» بمعلومات المتهمين. ومن جهته قال أمين المنطقة المهندس فهد الجبير إن المقبوض عليه «مجرد موظف» في إدارة التخطيط العمراني. وتبع هذا القول بيانٌ بثّه الناطق الإعلامي في الأمانة محمد الصفيان، لاحقاً، قال فيه إن القضية «لا تتعلق بمدير إدارة التخطيط العمراني، وإنما بأحد الموظفين العاملين في إدارة التخطيط». وقد شغلت القضية الرأي العام السعودي، نهار أمس، ونشط في تناولها مغردون ومُدوّنون، بعد الكشف عنها من قبل «نزاهة»، لكنّ المهندس الجبير قال إنها حدثت منذ ما يربو على عامين ونصف العام، وعمرها الإجرائي عام واحد. وكشفت مصادر مطّلعة ل «الشرق» أن المخطط السكني يقع غربي القطيف، ومالكه من البلدة نفسها، وهو الذي أبلغ عن طالب الرشوة، واستعان بهيئة «نزاهة» التي طلبت تدخّل المباحث الإدارية ليتمّ القبض على المتهمين بالجرم المشهود. القصة التي بدأت تفاصيلها ببداية إجراءات ترخيص مخطط سكني أراد مستثمر في محافظة القطيف الإفادة منه استثمارياً، لكنّ مسؤول الأمانة وضع شروطه غير النظامية لتمرير الإجراء في إدارة التخطيط العمرانيّ، وهي الجهة المسؤولة عن تخطيط العمران. وكشفت مصادر مطّلعة ل «الشرق» أن المخطط السكني يقع في بلدة أم الحمام غربي القطيف، ومالكه من البلدة نفسها، وهو الذي أبلغ عن طالب الرشوة، واستعان بهيئة «نزاهة». وأضافت المصادر أن أحد المتورطين في القضية شقيق مسؤول الأمانة، وهو مسؤول مصرفيّ. وقال بيان «نزاهة» أمس إن أحد المواطنين «تقدم إليها مبلِّغاً عن قيام المسؤول بطلب مبالغ مالية على سبيل الرشوة لقاء اعتماد مخططات عقارية بما يخالف القواعد والأنظمة المتبعة». وأضاف البيان أن «الهيئة نسّقت بعد توفير المعلومات الكافية عن الواقعة مع جهة الضبط المختصة، وتم بناء على ذلك رصد وتتبع المتورطين في القضية ومن ثم ضبطهم بالجرم المشهود». وأكدت أن ذلك حدث «بعد توفر أدلة وقرائن ووثائق قوية بثبوت طلب الرشوة وأخذها بحق المسؤول وأحد المهندسين في إدارة المساحة بالأمانة». وأضاف البيان أن التحقيقات كشفت «عن قيام المسؤول المذكور ومن معه باتخاذ أسلوب الضغط لإجبار بعض أصحاب المخططات العقارية وشركات التطوير العقاري على دفع الرشوة أو إدخاله معهم كمساهم لإجازة مخططاتهم، وقام بعض الأشخاص من خارج الأمانة وأحد مكاتب الخدمات العقارية بدور التستر على أفعاله والتجاوب معه؛ حيث اتخذ منهم غطاء لإجبار أصحاب المصالح على تحرير شيكات بمبالغ الرشوة بأسمائهم ثم تمريرها إلى حساباته الشخصية التي بلغت ثمانية حسابات في البنوك المحلية، وتبين من متابعتها وجود عمليات إيداع بمبالغ كبيرة لا تتناسب مع دخله، وبلغت قيمة الرشاوى التي جرى التأكد من أخذه لها 6 ملايين و300 ألف ريال». وتضمنت الجرائم «عمليات تلاعب وتزوير في المستندات والوثائق المتعلقة بالموافقات على اعتماد المخططات العقارية لتضليل المسؤولين بأنها صحيحة، وقد تم توجيه الاتهام بارتكاب جرائم الرشوة والتزوير والتلاعب إلى المسؤول ومن شاركه أو تستر عليه، وجرى إلقاء القبض عليهم وإيقافهم وإحالتهم إلى المحكمة المختصة». وأكدت «نزاهة» أنها استندت «إلى اختصاصاتها المنصوص عليها في تنظيمها التي تقضي بمكافحة الفساد المالي والإداري، وتلقي بلاغات المواطنين المتعلقة بتصرفات منطوية على فساد، والتحقق من صحتها، واتخاذ ما يلزم في شأنها». وفي الوقت الذي لم يذكر بيان «نزاهة» تاريخ القبض على المتهمين، ولا تاريخ ارتكابهم الجرائم؛ قال أمين المنطقة الشرقية المهندس فهد الجبير ل «الشرق» إن الواقعة حدثت قبل أكثر من عامين ونصف العام، فيما قال الناطق الإعلامي في الأمانة محمد الصفيان إن «القضية مضى عليها عام وما زال الموظف المذكور رهن التحقيق أمام الجهات المختصة ولم تتلق الأمانة أي نتائج للتحقيق حتى الآن». وقالت مصادر مطّلعة إن التحقيقات في القضية شملت مسؤولين آخرين في الأمانة، ومن تداعياتها إعفاء أحد المسؤولين فيها من الإشراف على إدارة التخطيط العمراني وربطها بمسؤول آخر. ولم تذكر «نزاهة» شيئاً عن تأخير الإعلان عن الواقعة طيلة هذه المدة على الرغم من استيفائها الإجراءات النظامية في الضبط والتحقيق في الجهات المعنية. لكنّها أصرّت على أن المتهم الرئيس في القضية ليس مجرد موظف عادي لم يتسلم أي مسؤولية إدارية عليا، ولا أي منصب إداري. وأكد مصدر رفيع المستوى فيها في اتصال مع «الشرق» أن المسؤول الذي تمت الإطاحة به هو فعلاً مدير إدارة التخطيط العمراني، في مرحلة سابقة، وليس أي شخص آخر، وأن البيان الذي تم نشره واضح وليس فيه أي لبس. مؤكداً استعداد «نزاهة» للمواجهة.