تتزايد المخاوف في أوساط كبار الإداريين وقيادات الشرطة في مدن جنوب العراق من حملة تصفيات إدارية كبيرة تقوم بها مجالس المحافظات الجديدة لا تستثني اثارة قضايا فساد اداري ومالي. وتتضاعف تلك المخاوف في المدن التي ستشهد تغييرات كبيرة بمجالس محافظاتها عن التشكيلات السابقة، خصوصا في محافظات ذي قار وميسان والبصرة. ويعتقد على نطاق واسع ان هيئات الاستثمار في تلك المدن ستشهد اولى حركات التغيير فيها مع بروز انتقادات من اعضاء المجالس الجديدة لعملها وارتباطها بأجندات واحزاب سياسية. وقال رئيس هيئة استثمار محافظة ميسان (400 كم جنوب بغداد) علي وارد ل «الحياة» إن «الهيئة تنتظر الحكومات الجديدة، ولا نعلم حتى الآن ما اذا كان من صلاحياتها إلغاء هيئات الاستثمار او تصفيتنا إدارياً»، مشيراً الى ان «توجهات مجالس المحافظات الجديدة ستظهر خلال شهر تقريباً بعد ان تكتمل ملامح الحكومة المنتخبة وتتسلم السلطة بشكل كامل». وكان اعضاء في مجلس محافظة ميسان الجديد ابدوا استياءهم من اداء هيئة الاستثمار في المدينة، مؤكدين عزمهم على تغيير الهيئة بأسماء جديدة حال استلامهم السلطات من المجلس القديم. وهيئات الاستثمار مسؤولة عن تنشيط الاستثمارات في المحافظات واعداد البحوث والدراسات عنها وتسهيل التعاقد مع شركات محلية واجنبية لتوسيع نطاق الاستثمار في تلك المدن. يذكر ان قائمة «ائتلاف دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حصلت على 8 مقاعد من بين مقاعد المحافظة ال27، فيما حصلت قائمة «شهيد المحراب» على 8 مقاعد ايضاً، مقابل 7 مقاعد ل «تيار الاحرار المستقل» الذي يدعمه رجل الدين مقتدى الصدر. اما رئيس هيئة استثمار ذي قار (390 كم جنوب بغداد) إسماعيل عبدالحسين فيؤكد ل «الحياة» ان «القانون لا يمنح المجلس الجديد حق تصفيتنا إدارياً، كونه لا يملك إلا حق الرقابة وليس حق تسمية رؤساء هيئات الاستثمار أو استبدالهم». وأضاف: «حتى لو تم التأكد من ان المعيار الحزبي هو الذي تم على أساسه منحنا هذا المنصب فهذا لن يغير شيئاً، لأن الحكومة بكاملها قامت على هذا النوع من المعايير بما في ذلك منصب رئيس الوزراء». واشار الى أن «منصبنا هو وقتي ويستمر لخمسة أعوام. وإذا كانت هناك تحركات لعزلنا فهي مؤشر على ان الدولة ما زالت دولة أحزاب وليست دولة مؤسسات». ويوضح اعضاء في المجلس الجديد لمحافظة ذي قار أن هيئة الاستثمار في المحافظة اختيرت من جانب «المجلس الاسلامي الاعلى»، بزعامة عبدالعزيز الحكيم، الذي كان يفرض نفوذه على المجلس وفق رؤية حزبية. وكانت قائمة المالكي نالت 13 مقعداً من بين مجموع مقاعد المحافظة ال31، فيما حصلت قائمة «تيار الاحرار المستقل» على 7 مقاعد، وقائمة «شهيد المحراب» على 5 مقاعد، وتيار الاصلاح الوطني على 4 مقاعد. اما محافظة البصرة (500 كم جنوب بغداد) التي نالت قائمة «ائتلاف دولة القانون» على 20 مقعداً من مجموع مقاعدها ال35، فإن معظم موظفي مجلس المحافظة الحالي والدوائر الرسمية يشعرون بالمخاوف من احتمال تغييرهم بعد تولي قائمة المالكي وفشل قائمة «حزب الفضيلة الاسلامي» التي كانت تسيطر على مجلس المحافظة في تحقيق نتائج جيدة. ويقول موظفون في مجلس المحافظة إنهم يسمعون تهديدات بإقالتهم واتهامات بأنهم عيّنوا من جانب «حزب الفضيلة». وكان محافظ البصرة محمد الوائلي اعلن اول امس عن تمديد عقود موظفيه عاماً آخر «للتخلص من التصفية المرتقبة». وقال جابر أمين عضو «ائتلاف دولة القانون» الذي سيتسلم زمام الحكم في المحافظة، إن قائمته تدرك أن «بعض المناصب المهمة في المحافظة والوظائف أيضا في الحكومات السابقة تم توزيعها بمزاج سياسي، ولهذا سنعمل على إعادة فتح الملفات الخاصة بذلك».