كعادتها مرة في كل عقد منذ العام 1952 اصدرت مجلة «سايت اند صاوند» الإنكليزية عدداً خاصاً قبل ايام يتضمن لوائح بما تعتبره – ويعتبره معها عالم الفن السابع في انحاء عديدة من العالم – اعظم الأفلام في تاريخ الفن السابع. والحقيقة ان لوائح هذه المجلة السينمائية المتخصصة والعريقة والتي تصدر بانتظام واناقة عن معهد الفيلم البريطاني، تعتبر عادة معتمدة، لأن من المعروف انها لا توضع بعشولئية وبتسرّع، بل هي تستند الى اسئلة تطرح على مئات النقاد واهل السينما في العالم، كما انها تترافق عادة مع لوائح مشابهة توضع من قبل السينمائيين انفسهم... السيرورة في منتهى البساطة حيث تطلب المجلة، قبل نشر النتائج بشهور طويلة، من كل اصحاب الأسماء المعروفة في عالمي النقد والإبداع السينمائيين ان يضع كل واحد منهم لائحة بالأفلام العشرة التي يرى انها الأهم في تاريخ هذا الفن... من دون اية شروط او اعتبارات موضوعة مسبقاً... وهنا كي لا نخلق تشويقاً مفتعلاً، نورد بعض النتائج قبل ان نتوقف عند بعض دلالاتها. فبالنسبة الى اختيار النقاد لأعظم عشرة افلام، جاءت النتيجة على الصورة التالية بترتيب عدد الأصوات: - المركز الأول: لفيلم «فرتيغو» (1958) لألفريد هتشكوك... - الثاني: «المواطن كين» (1941) لأورسون ويلز - الثالث: «حكاية طوكيو» (1953) للياباني يوسيجيرو أوزو - الرابع: «قواعد اللعبة» (1939) للفرنسي جان رينوار - الخامس: «الفجر» (1927) للألماني مورناو (حققه في اميركا) - السادس: «اوديسة الفضاء» (1968) للأميركي ستانلي كوبريك - السابع: «الباحثون» (1956) للأميركي جون فورد - الثامن: «الرجل ذو الكاميرا» للروسي دزيغا فرتوف - التاسع: «آلام جان دارك» (1927) للدنماركي دراير - العاشر: «ثمانية ونصف» (1963) للإيطالي فلليني ولعل اهم ما يمكن تسجيله، موقتاً وفي انتظار تحليل اكثر اسهاباً، على هذه اللائحة مقارنة باللوائح الست السابقة للعقود الماضية، هو غياب فيلم «الدارعة بوتمكين» للروسي ايزنشتاين الذي كان اعتاد الحلول في مواقع متقدمة، ليكتفي هنا بالمركز 11.. وكذلك غياب «سارقو الدراجة» للإيطالي دي سيكا والذي كان احتل المكانة الأولى في استفتاء 1952 ليهبط بعده تدريجاً فلا يحتل هذا العام سوى المركز الثالث والثلاثين. ولئن كان «فرتيغو» قد ازاح «المواطن كين» عن مركز اول ظل يشغله خمس استفتاءات متتالية، فإنه لم يزحه سوى مركز واحد فاحتل المكانة الثانية. ولافت هنا ان «فرتيغو» الذي لم يظهر في اللائحة العقدية الا بعد موت صاحبه عام 1980، ليحتل المركز السابع في العام 1982، دأب على التقدم منذ ذلك الحين بوتيرة متسارعة: المركز الرابع عام 1992، ثم الثاني عام 2002، قبل ان يصل هذا العام الى الصدارة المطلقة. واللافت ان هتشكوك نفسه احتل المركز الأول في استفتاء طاول اعظم المخرجين – لدى النقاد – تلاه جان لوك غودار ثم على التوالي: اورسون ويلز، اوزو، رينوار، جون فورد، دراير، كوبريك، تاركوفسكي، بريسون، كوبولا، برغمان، مورناو...الخ. وإذا كان هتشكوك جاء اول، كما حال فيلمه «فرتيغو» في استفتاء النقاد، فإنه اتى ثامناً فقط في الإستفتاء الذي اجري بين المخرجين، ليكتفي «فرتيغو» بدوره بالمركز السابع. ولقد جاءت لائحة الأفلام في هذا الإستفتاء الأخير على الترتيب التالي: - «حكاية طوكيو» للياباني اوزو أوّلاً - «اوديسة الفضاء» لكوبريك ثانياً - «المواطن كين» لويلز، ثانياً ايضاً - «ثمانية ونصف» لفيلليني، رابعاً - «سائق التاكسي» لسكورسيزي خامساً - «يوم الحشر الآن» لكوبولا سادساً - «العراب» لكوبولا ايضاً سابعاً - « فرتيغو» لهتشكوك سابعاً ايضاً - « المرآة» لتاركوفسكي تاسعاً - «سارقو الدراجة» لدي سيكا عاشراً.. وأخيراً نضيف هنا، في انتظار عودة تحليلية الى هذه الإستفتاءات اللافتة، ان اختيارات المخرجين المعاصرين لزملائهم في لائحة أعظم مبدعي السينما في تاريخها اتت على الشكل التالي: فدريكو فلليلي في المقام الأول يتبعه ستانلي كوبريك ثانياً، فإنغمار برغمان ثالثاً، وفرانسيس فورد كوبولا ثالثاً ايضاً. وفي المركز الخامس يأتي الروسي اندريه تاركوفسكي ثم الفرنسي جان لوك غودار ومن بعده الأميركي مارتن سكورسيزي. ثم تباعاً: الفريد هتشكوك والياباني آكيرا كوروساوا ثم أورسون ويلز.