بيروت، دمشق عمان - «الحياة»، ا ف ب، رويترز - اطلق الجيش السوري قذائفه امس على احياء في جنوبدمشق بينما كانت طائرات الهليكوبتر تطلق صواريخها من الجو في هجوم لم يسبق له مثيل من حيث حدته، وذلك في محاولة لاستعادة النظام سيطرته. وتحدث سكان في دمشق عن حال الخوف والرعب التي تسيطر على احياء العاصمة. وتركز معظم القصف من قوات النظام على كفرسوسة وحي نهر عيشة. وقالت مواطنة من سكان كفرسوسة ان «دمشق كلها تهتز تحت أصوات القصف». وذكرت ان مدفعية الجيش المتمركزة على جبلي قاسيون والسرايا المطلين على دمشق فتحت نيرانها على العاصمة. وقال ناشط في المعارضة في كفرسوسة لوكالة «رويترز» عبر «سكايب» إنه يوجد 22 دبابة في كفرسوسة ووراء كل منها 30 جنديا على الأقل وإنهم يداهمون منازل ويعدمون رجالا. واشار المرصد السوري لحقوق الانسان الى ترافق الحملة مع اشتباكات عنيفة في منطقة البساتين الواقعة بين حي كفرسوسة ومدينة داريا القريبة من العاصمة تشارك فيها طائرات الهليكوبتر. وذكر ان حملة اعتقالات ودهم طاولت ايضا حي نهر عيشة وترافقت مع اشتباكات على طريق دمشق - درعا في حي القدم المجاور الذي تعرض للقصف بدوره. كما قامت قوات النظام بحملة دهم في حي جوبر في شرق العاصمة. وذكرت الشبكة السورية لحقوق الانسان ان 150 شخصاً على الاقل قتلوا حتى مساء امس نتيجة قصف قوات النظام لمواقع المعارضة في مختلف انحاء سورية. وقال ناشطون من المعارضة إن القوات السورية قتلت الصحافي مصعب العودة الله الذي كان يعمل في صحيفة «تشرين» الحكومية لدى مداهمة هذه القوات حي نهر عيشة امس. وذكروا ان الصحافي قتل رميا بالرصاص من مسافة قريبة بعدما دخل الجنود منزله أثناء مداهمة الحي. وينحدر العودة الله من بلدة درعا الجنوبية مهد الانتفاضة المستمرة ضد النظام وكان يستخدم اسما مستعارا لكتابة تقارير على الانترنت بشأن الحملة في مسقط رأسه. كما اشتبكت قوات النظام مع المعارضة للسيطرة على قاعدة عسكرية ومطار قرب بلدة البوكمال على الحدود مع العراق. وقال فرحان فتيحان رئيس بلدية مدينة القائم قرب الحدود ان معظم مناطق البوكمال هي في أيدي «الجيش السوري الحر» لكن يجري نشر قوات من جيش النظام تبسط سيطرتها على المناطق الواقعة خارج البوكمال مباشرة. وذكرت مصادر معارضة اول من أمس ان القوات الحكومية السورية تخلت عن مجمعين امنيين في البوكمال كانت تديرهما مخابرات القوات الجوية والامن السياسي. ولم يعد الجيش السوري يسيطر الآن إلا على القاعدة العسكرية والمنطقة المحيطة بها. من جهة اخرى، تعاطت المعارضة السورية بمختلف اتجاهاتها بتردد وتشكيك مع الدعوة التي نقلت عن لسان نائب رئيس الحكومة السورية قدري جميل خلال زيارته الى موسكو بامكان البحث في تنحي الرئيس بشار الاسد شرط بحث ذلك على طاولة الحوار ومن دون ان يكون شرطاً مسبقاً لهذا الحوار، معتبرة ان ذلك يهدف الى كسب الوقت وانه لا يمكن العودة الى الوراء بعد كل هذه التضحيات. في هذا الوقت استقبل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند امس امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لمناقشة الوضع السوري. وقال بيان للرئاسة الفرنسية ان هولاند اكد مجدداً ان لا حل سياسياً من دون رحيل بشار الاسد. وذكّر بالتزام فرنسا بقيام سورية حرة وديموقراطية تحترم حقوق الانسان وكل الطوائف. واكد عزم فرنسا تقديم دعم فعلي لمن يعملون في هذا الاتجاه بمن فيهم الذين على الارض. وقررت فرنسا وقطر تنسيق جهودهما كي يتم الانتقال السياسي في سورية بطريقة منظمة وفي اسرع وقت. وتدخل الاتصالات التي يجريها هولاند في اطار مسعى فرنسا لتشجيع المعارضة السورية في المنفى وعلى الارض على تشكيل حكومة انتقالية تضم جميع المكونات السورية وتحصل على شرعيتها من الجامعة العربية والاسرة الدولية وتكون المحاور الاساسي والبديل للرئيس السوري. كما ان فرنسا تسعى الى ان تكون المناطق السورية التي خرجت عن سيطرة النظام نقطة انطلاق في المساعي من اجل التخلص من الاسد كما حصل انطلاقاً من مدينة بنغازي الليبية لاسقاط نظام معمر القذافي. واكد رئيس الحكومة الفرنسي جان مارك ايرولت ان فرنسا ارسلت معدات غير عسكرية للثوار السوريين من ضمنها اجهزة اتصال. وفي نيويورك، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أنه سيقوم بزيارة لإيران للمشاركة في قمة عدم الانحياز بين 29 و31 الشهر الجاري، ولإجراء مشاورات ثنائية مع كبار القادة الإيرانيين في شأن البرنامج النووي الإيراني والأزمة في سورية. وحسم بان أمره وقرر القيام بزيارته الأولى كأمين عام للمنظمة الدولية لإيران، رغم طلب إسرائيل رسمياً منه الامتناع عن ذلك. وقال بان في بيان إنه «يتطلع الى المشاركة في القمة باعتبارها فرصة للعمل مع القادة المشاركين، بمن فيهم الإيرانيون، على حلول لقضايا مركزية في الأجندة الدولية، بما فيها تجنب النزاعات ودعم الدول التي تمر في مراحل انتقالية ونزع السلاح». وأضاف بان أنه «سيوصل الهواجس الواضحة والتوقعات من المجتمع الدولي التي يشكل التعاون فيها مسألة ملحة للاستقرار الإقليمي ولمصلحة الشعب الإيراني وبينها البرنامج النووي الإيراني». وأكد مارتن نيسركي الناطق باسم بان أن «الأزمة السورية ستكون موضوعاً رئيسياً خلال زيارة بان الى طهران» وأن الأمين العام «يعرف مدى حساسية الزيارة وأهمية انخراط الأممالمتحدة مع جميع الدول الأعضاء لحل القضايا المتعلقة بالسلم والأمن». واتهم مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان إيران بإرسال السلاح الى سورية في خرق لقرارات مجلس الأمن. وقال فيلتمان أن «تدفق السلاح الى الحكومة والمعارضة في سورية يشكل مصدر قلق كبير للأمين العام للأمم المتحدة» وأن بعض حالات التدفق هذا «يشكل خرقاً للقرار 1747 الذي تبناه مجلس الأمن عام 2007 وحظر صادرات السلاح الإيرانية تحت الفصل السابع». وأكد فيلتمان أن «الشعب السوري يعاني بشدة من ازدياد عسكرة النزاع في سورية» مشيراً الى أن «الحكومة والمعارضة يركزان على العمليات العسكرية واستخدام القوة فيما تستخدم الحكومة السلاح الثقيل على المراكز المدنية». وحذر من «ازدياد تهريب السلاح بين سورية ولبنان»، داعياً «المجتمع الدولي الى دعم الحكومة والقوات المسلحة اللبنانية أكثر من أي وقت مضى». وقال إن توقيف الوزير السابق ميشال سماحة «بسبب تورطه في تهريب متفجرات من سورية كجزء من عملية مزعومة ضد أهداف داخل لبنان لإشعال التوتر السني - الشيعي» ومواقفه المؤيدة للحكومة السورية دلت على «عمق القلق من محاولات جر لبنان الى الانخراط في نزاع إقليمي رغم سياسة النأي بالنفس» التي تنتهجها الحكومة اللبنانية. واعتبر أن تسلل السلاح بين لبنان وسورية «يفاقم المخاطر على البلدين وهو خرق للقرار 1701». وأضاف أن الوضع في لبنان «يزداد زعزعة وعلى المجتمع الدولي دعم الحكومة اللبنانية والقوات المسلحة اللبنانية أكثر من أي وقت مضى».