تواصلت الإدانات الرسمية والشعبية الأردنية للنظام السوري إثر سقوط قذائف مدفعية على إحدى القرى الحدودية أول أيام العيد، ما أدى لجرح خمسة أطفال وخلق حال من الخوف بين سكان القرية وغيرها من القرى المجاورة. وطالبت «الهيئة الأردنية لنصرة الشعب السوري» التي تمثل شخصيات حزبية وعشائرية بطرد بهجت سليمان سفير دمشق من العاصمة الأردنية، خاصة بعدما رفض سليمان قطع إجازة العيد والتوجه إلى مقر وزارة الخارجية، بعد استدعاء رسمي يتعلق بحادثة القذائف. وترجم هذا الغضب على شكل تصريحات لوزير الخارجية الأردني ناصر جوده، الذي عبر عن استيائه ضمنياً بسبب اعتذار السفير الذي تذرع بعطلة العيد. في حين قال وزير الدولة لشؤون الإعلام سميح المعايطة ل «الحياة»: «إن الأردن لن يتهاون في سلامة مواطنيه». وقال مسؤول أردني بارز ل «الحياة»: «إن سليمان يتعمد مخالفة الأعراف الديبلوماسية». وأضاف: «طلبنا منه عدم تجاوز تلك الأعراف بخاصة في لقاءاته مع أردنيين، وادعائه أن سقوط دمشق يعني سقوط عمان». ميدانياً تشهد خطوط التماس بين البلدين توتراً أمنياً جديداً، فقرية الطرة الأردنية كانت مسرحاً لسقوط قذائف السوريين خلال الساعات القليلة الماضية. ما دفع الجيش الأردني إلى حشد مزيد من العتاد بالقرب من القرية التي يقطنها بضعة آلاف من الأردنيين وجارتها تل شهاب السورية، التي يرتبط سكانها بعلاقات قربى ومصاهرة مع العديد من العائلات الأردنية. وهناك كانت الطفلة تالا قرباع (7 سنوات) التي أصيبت بشظية في عينها، تتحدث للصحافيين الذين قصدوا منزلها الحدودي، قائلة ببراءة الطفولة: «عشت نفس المعاناة التي يعيشها صغار سورية». ومضت تحكي قصتها بصوت مرجف: «كنت ألهو خارج المنزل، وفجأة سمعت صوت انفجار ضخم... أصبت في عيني وكانت الدماء تغطي ملابسي». ويبدو أن محور (تل شهاب - الطرة) الذي يعتبر من أهم نقاط العبور الآمنة بالنسبة لكبار المنشقين عن النظام الحاكم في دمشق، بات هدفاً للقذائف السورية وفق مصدر عسكري أردني رفيع. هذا المصدر أكد ل «الحياة» سقوط عشرات القذائف السورية داخل الأراضي الأردنية مؤخراً، لكن الحادث الأخير حظي بزخم إعلامي كبير «مع وقوع إصابات بين الأطفال». وهذه المرة الأولى التي تؤكد فيها الحكومة الأردنية سقوط قذائف أو اندلاع اشتباكات مع الجيش السوري النظامي بالقرب من محور (تل شهاب - الطرة). وكان وصل إلى الأردن عبر المحور المذكور رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب، وقبله وصل من ذات المكان العميد يعرب الشرع ابن عم نائب الرئيس السوري فاروق الشرع. وكان الأردن وافق أخيراً على اعتبار (تل شهاب - الطرة) نقطة عبور آمنة لكبار الشخصيات السورية التي تعلن انشقاقها عن النظام السوري، وفق ما تسرب عن تفاصيل لقاء جمع قادة أمنيين بمسؤولين سياسيين في عمان قبل أسابيع. وتطرق هذا اللقاء إلى توافق الأردن مع أطراف دولية على مسألة تسهيل لجوء المسؤولين والديبلوماسيين الراغبين بالانشقاق عن النظام السوري. وتحدث أحد المسؤولين العسكريين في المنطقة الشرقية الشمالية ل «الحياة»، عن ارتفاع أعداد المنشقين العسكريين الذين يفرون للأردن ويطلبون اللجوء كل يوم، كما قال. وأضاف: «وصل العشرات من هؤلاء خلال عطلة العيد... في السابق كنّا نستقبل العشرات واليوم نستقبل زهاء 1500 منشق». ويقول الطيار السوري المنشق فارس أبو الشعر الذي تحدث إلى «الحياة» عبر الهاتف من داخل مخيم المنشقين بمدينة المفرق الحدودية، إن العديد من الضباط المنشقين «يصلون تباعا للأراضي الأردنية». وأضاف: «لا أستطيع التحدث باسمي الصريح لذلك استخدم اسماً مستعاراً... السلطات الأردنية تمنعنا التحدث إلى الإعلام». لكن أبو الشعر الذي عبر الحدود الشهر الماضي قادماً من مدينة درعا، اعتبر أن الظروف المحيطة بالمنشقين على الأراضي الأردنية «صعبة» بسبب إخضاعهم للإقامة الجبرية. لكن الوزير الأردني سميح المعايطة، أكد تعامل الأردن مع المنشقين السوريين بنوع من الحساسية. وقال ل «الحياة»: «نسعى لحمايتهم من أي اعتداء».