من القلائل من كتابنا الكبار الذين إن كتبوا في الرياضة أجادوا وأبدعوا وإن حللوا وانتقدوا ووضعوا مباضعهم على الجرح، قينان الغامدي الكاتب اليومي في صحيفة الوطن ورئيس تحريرها السابق ومحمد صادق دياب الكاتب اليومي في الشرق الأوسط والدكتور علي الموسى الكاتب اليومي في صحيفة الوطن وخلف الحربي الكاتب اليومي في صحيفة عكاظ، وغيرهم ممن لا تحضرني أسماؤهم. كتب قينان الغامدي مقالاً رياضياً في مساحته اليومية عن الصحافة الرياضية المحلية، وضغط كثيراً على غياب الثقافة العامة، وغياب المعلومة عند الكثيرين ممن أصبحوا من أصحاب الرأي والفكر الرياضي، واصفاً حالنا الإعلامي الرياضي ب«بيئة جهل». ربما كان هذا الوصف قاسياً جداً على الصحافة الرياضية، ولكنه في واقع الأمر «وضع نعيشه» كل يوم، بل إن أصحاب المقالات اليومية أصبحوا أكثر من المحررين الميدانيين، وأذكر أنني واجهت في عكاظ وفي البلاد عندما كنت مديراً لتحرير الشؤون الرياضية في الصحيفتين، أن هناك من طلب مني أن يكتب مقالاً وهو لم يكمل أسبوعه الأول. ومن الطبيعي أن أرفض ذلك، وفي رأيي الذي ما زلت أتمسك وأدافع عنه، أننا بحاجة إلى جهاز إشرافي في وزارة الثقافة والإعلام، يتولى الإجازة للمتقدمين للعمل في الصحافة المحلية، كما يحدث لمن يتقدم للإذاعة والتلفزيون، بعد أن يخضع المتقدم للصحيفة لتجربة لا تقل عن شهر، ولا تزيد على ثلاثة أشهر، بعدها يكون القرار إما بالقبول أو الرفض. وإذا كان المتقدم لجهازي الإذاعة والتلفزيون، لا يمكن أن يمنح فرصة المشاركة في البرامج المسجلة، إلا بعد أن يجتاز فترة الاختبار، ويمنح شهادة بذلك من مجموعة من الخبراء الإعلاميين، فما الذي يمنع من أن تطبق هذه الآلية في الصحافة المحلية، حتى يكون لدينا صحافة رياضية نفتخر بها. كنت مع مجموعة من الزملاء في دورة إعلامية في لندن إبان تواجدي في الوطن العام 2000، وتحديداً في صحيفة ال«ميرور» وسألنا عن رئيس التحرير، إذ لم يكن متواجداً في مكتبه، وأثناء مرورنا بصالة التحرير أشار المرافق لنا من الصحيفة بأن رئيس التحرير هو ذلك الشخص الذي يمارس عمله وسط محرريه، ويجلس على مكتب كبقية مكاتب المحررين. وأذكر في نهائيات كأس العالم 98 بفرنسا، التقى زميلنا العزيز خالد قاضي صحافياً من البرازيل، واصطحبه إلى الفندق الذي ننزل به وفوجئنا بكثرة ال«عفش» الذي يحمله على ظهره، والذي يضم جهاز اللابتوب وكاميرا ديجيتال وأوراقاً وأقلاماً وكروتاً خاصة وأعداداً من صحيفته التي يعمل بها، ومجلات رياضية مختلفة. وانظروا إلى حال صحافتنا الرياضية، وتابعوا المحررين الميدانيين ماذا يحملون معهم، وهم في مناسبة تحتاج إلى تغطية ومتابعة، فلن تجدوا غير جهاز الجوال، وفوائح عطور من أكبر دور العطور في باريس، وإن كان محرراً يهتم بعمله أحضر معه جهاز تسجيل، ولا تسأل عن نوع الأسئلة التي سيقولها هذا المحرر أو المراسل في مؤتمر صحافي، أو ندوة رياضية. أعود وأقول أن المسؤول عن كل ذلك (عن هذا الجهل) هم رؤساء التحرير، ورؤساء الأقسام الرياضية، ولذلك ستبقى الصحافة الرياضية في المؤخرة، لأنها ارتضت لنفسها ذلك، على رغم توافر المعلومة، وسهولة الحصول عليها، ومن لا تتوافر لديه المعلومة والأرقام، والثقافة الرياضية، والفكر السليم، فمن الأفضل أن يرتاح ويريح الناس من عبثه، وكتاباته المحرضة على التعصب والجهل! [email protected]