بعد طول انتظار، قرر الرئيس المصري محمد مرسي زيارة طهران للمشاركة في اجتماع قمة منظمة دول عدم الانحياز. لكن السؤال يدور على الأسباب التي حملته على زيارة إيران. هذه الزيارة عادية تدرج في سياق اجتماع دول عدم الانحياز، اثر انتقال رئاسة المنظمة إلى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، ولو امتنع مرسي عن الزيارة لكانت حادثة غير عادية وغير «طبيعية». والإشاعات التي رافقت الزيارة تعود إلى الأوضاع الداخلية التي تمر بها مصر، فهي تواجه تحديات إعادة ترتيب شؤون السياسة الخارجية إثر الحوادث الأخيرة. لكن الاتصالات والمشاورات التي أجراها مرسي خلال الفترة القصيرة الماضية من رئاسته قوّمت اختلال ميزان السياسة الخارجية المصرية، وقرار الرئاسة المصرية المشاركة في قمة دول عدم الانحياز على مستوى رئيس الجمهورية، وضع حداً للتجاذبات داخل الخارجية المصرية. الزيارة مؤشر إلى بدء استئناف العلاقات الإيرانية- المصرية المقطوعة منذ أكثر من ثلاثين سنة، بعدما خبت حدة الأسباب التي أدت إلى القطيعة. وحري بالجانبين المصري والإيراني ألاّ يحمّلا الزيارة توقعات غير واقعية، ويسع الإيرانيين أن يتوقعوا نتائج كبيرة حول مستقبل العلاقة بين البلدين إذا نجمت عن الزيارة نتائج لا تقتصر على هدفها (اجتماع دول عدم الانحياز). واتخذت إيران مواقف إيجابية إزاء التطورات المصرية، وساهمت في تعزيز الثقة بين البلدين، والثقة رهن اعتماد المصريين نظرة واقعية إلى الظروف المواتية والمتوافرة. وأثبتت مصر أنها تريد أن تنتهج نهجاً أكثر توازناً في سياستها الخارجية، والزيارة قد تساهم في تذليل عدد كبير من المشكلات بين مصر وإيران. ويفترض بالجانبين الإيراني والمصري استخدام الفراسة الديبلوماسية والإبداع لوضع حد للقطيعة بين البلدين، ورسم سياسة طويلة الأمد، تحصد النتائج الإيجابية. * السفير الإيراني السابق لدى لبنان، «أرمان» الإيرانية، 21/8/2012، إعداد محمد صالح صدقيان