يمضي الأسير المحرر المبعد إلى قطاع غزة علاء قفيشة العيد هذا العام مع زوجته وطفلته سجا وابنه همام. وللمرة الأولى منذ سنوات، سيتمكن قفيشة من أن يضم طفليه إلى صدره بعد أن كان يراهما من خلف زجاج السجن. وهو قرر هذا العيد أن يعوّض أبناءه عن سنوات الحرمان خلف قضبان سجون الاحتلال الاسرائيلي، ب «العيدية والألعاب» وكل ما يتمنونه، لكن احداً لن يستطيع ان يلبي رغبته في أن يقضي العيد وسط أمه وأبيه. وكانت إسرائيل أبعدت في 18 تشرين الاول (أكتوبر) الماضي إلى غزة نحو 163 أسيراً محرراً ضمن صفقة «وفاء الاحرار» التي تمت خلالها مبادلة الجندي الاسرائيلي المخطوف غلعاد شاليت بآلاف الاسرى الفلسطينيين. بعض الاسرى تمكن من احضار عائلته، والبعض الآخر شكل عائلة جديدة في غزة، لكن ذلك لم يخفف الشوق الى الاهل. ونقلت وكالة «معا» عن قفيشة قوله: «رغم التحرير، إلا أن معاناة الإبعاد لا تنتهي، فالشوق والحنين إلى مسقط رأسي الخليل والى والدتي يجعلني لا أفكر بفرح الإفراج والتحرير». لكنه يضيف مستدركاً: «لكن معاناة الإبعاد تهون أمام معاناة السجن». فللمرة الأولى، يستمتع قفيشة بالصلاة في المساجد، ويقيم ليلة القدر وسط الجماعة، ويحيي العبادات بحرية كاملة من دون منغصات من احد. ومع ذلك، يلفت الى أن لرمضان في السجون نكهة خاصة، فيحاول الأسرى أن يجتهدوا لإعداد المأكولات وإدخال الفرحة في قلوب بعضهم، مشدداً على أن الصلاوات وقيام الليل لهما طعم خاص داخل السجون. لكن الفرح الذي حمله عيد الفطر الأول للأسرى المحررين ضمن صفقة «وفاء الأحرار»، حمل في طياته أيضاً بعضاً من الألم والمعاناة لآخرين أبعدتهم قوات الاحتلال عن مسقط رأسهم، فيستيقظ بداخلهم ألم الفراق كلما حلت مناسبة ما. المحرر سامر ابو سير، واحد من هؤلاء، اذ بدأ حديثه عن العيد بالألم والوحدة والقسوة، وقال: «رمضان في غزة صعب جداً بعيد عن اهلي ... ما مر عليّ رمضان بقسوته كما مر عليّ رمضان الحالي بحكم الإبعاد، وجاء العيد ليزيد الحزن داخلي ... فلا زلت وحيداً». وتابع: «رغم أن الخروج من السجن أمر أكثر من رائع، لكن ما زالت الأمور صعبة بالنسبة اليّ لأن الإبعاد يترك بداخلي الكثير من الألم، خصوصاً أني كنت أتمنى أن اقضي رمضان والعيد مع أهلي وليس وحيداً». وأضاف: «في المناسبات يكون الإنسان أحوج ما يكون لأن يشعر بحنان العائلة ودفئها ولمة الأصدقاء، لكني اشعر بمرارة الإبعاد وقسوته». ويتواصل أبو سير يومياً مع أهله في مدينة القدس من خلال التقنيات الحديثة المتوافرة، رغم أنها لا تلغي الحدود التي تمنع الإنسان من أن يكون قريباً جسدياً من أهله، لكنها توفر له جزءاً بسيطاً من هذه الحاجة. وعن طقوس رمضان في السجون، قال ان لرمضان في السجون الإسرائيلية حالة خاصة تختلف عن الحياة خارج السجون بحكم واقع الأسرى فهناك مراسم خاصة، مبيناً أن الإدارة الإسرائيلية لا تسمح للحركة الأسيرة بأن تمارس طقوس رمضان بكاملها كصلاة التراويح والافطارات الجماعية، فكل واحد يمارسها لوحده. غير ان ارتباط ابو سير بإحدى الفتيات من غزة خفف بعضاً من عزلته وبعده عن اهله، لكنه لم يمحي أثارها، مبيّناً أن الأجواء الرمضانية في غزة تختلف عن الضفة. وهو يأمل في حال زفافه بعد العيد ان تبتسم له الحياة، وان ينعم بعيد وسط اسرة كوّنها أخيراً.