آدم سميث كان فيلسوفاً، بل كان أستاذ الفلسفة في جامعة إدنبرة أهم جامعات اسكتلندا في ذلك الوقت وربما ما زالت أفضلها حتى في وقتنا الحاضر. ولذلك جاء كتابه الموسوعي مرسلاً مستفيضاً شمل مئات الأمثلة ليشرح أهمية الدوافع الذاتية أو ما أسماه هو حرفياً «الأيدي الخفية» ليبين أن الذي يدفع المزارع لزرع هذا المحصول أو ذاك، أو يدفع الوسيط لجلب المحاصيل إلى الأسواق الكبيرة والصغيرة، والذي يدفع الخباز أو القصاب، وهلمّ جرا، إلى عمل ما يعملون ليس لخدمة المستهلك أو غير المستهلك، وإنما لتحقيق ما ينفع كلاً منهم ذاتياً من دون غيره. ولكن حينما يجدّ كل فرد في المجتمع في السعي إلى ما يخدم مصلحته الذاتية، فإن مصلحة الجميع تتحقق و «الإعمار» يتوسع، وبذلك تزيد ثروة الجميع ويستمر الانتعاش ما استمر الأمن وتيسير التقاضي مع وجود سلطة نزيهة تنفذ ما يتعاقد على إنجازه المتعاقدون. كلام صحيح، ولكن كيف يمكن توظيف فكر سميث، لإدارة مصادر أي مشروع، خاص أو عام، لتنفيذ مهمة محددة كزيادة إنتاج منتج، أو فرض عقوبات اقتصادية لا تزيد أو تنقص عما يحقق الهدف الذي فرضت من أجله كمن يؤدي نشاطه الاقتصادي لإيذاء غيره من دون أن يتحمل تكاليف ما سببه من ضرر، بحيث تحقق العقوبة إيقاف الأذى أو دفع تكاليفه من دون زيادة تلحق الضرر بالمنتج تؤدي إلى خسارته وبالتالي خسارة الجميع. فلما جاء مارشال بأدوات العرض والطلب ومعادلات التحليل الحدي ومستوى التوازن وغيرها وغيرها، فانه ابتدع أدوات يمكن توظيفها للوصول الى نتيجة محددة متى أمكن وضع معادلات يمكن حلها بسهولة لإيجاد السعر المناسب لإيجاد توازن ما يراد إيجاد توازنه. فعلى سبيل المثال، وضع مارشال معادلات بسيطة للطلب وللعرض. وبتوظيف هذه المعادلات البسيطة استطاع الاقتصاديون تحديد العوامل التي تحدد مستوى الطلب أو مستوى العرض. فما الذي يحدد مستوى الطلب لأي سلعة أو خدمة؟ إجمالاً، تحددها أربعة عوامل: 1- مدى استعداد من يطلبون هذه السلعة أو الخدمة لدفع مستويات مختلة من الأسعار للحصول على كميات مختلفة منها. 2- عدد المستعدين للشراء. أي حجم السوق. 3- مستوى دخلهم والنسبة من الدخل المخصصة لشراء السلعة أو الخدمة. 4- التوقعات عن زيادة أو نقص المطلوب في المستقبل. وما الذي يحدد مستوى العرض لمنتج من المنتجات؟ إجمالاً خمسة عوامل: 1- ولعل أهمها مستوى التقدم التقني وتكاليف توظيف التقنية الأفضل. فعلى سبيل المثال، التقدم التقني الذي جعل من المجدي اقتصادياً توظيف تقنية خلق الصدوع بين المكونات الصخرية لاستخراج الغاز منها، أدى إلى زيادة المعروض من الغاز. 2- أسعار أو أثمان عوامل الإنتاج من أرض وقوى بشرية وتكاليف رأسمالية. 3- عدد المنتجين الآخرين وكميات ما ينتجون من نفس المنتج. 4- التوقعات عن التغيرات في كمية ونوعية ما يمكن إنتاجه من نفس المنتج في المستقبل. 5- أسعار منتجات أخرى بديلة أو مكملة لنفس المنتج. فمثلاً تدني أسعار السيارات وزيادة الطلب منها يؤدي إلى زيادة المعروض من العجلات. وزيادة نوعية وكمية خدمات النقل العام تؤدي إلى نقص المطلوب من السيارات وبالتالي المعروض منها. وماذا يحدد الأسعار إذاً؟ بإيجاز يحدد مستواها ما يحدد مستويات المعروض وما يحدد مستويات المطلوب. وكثيراً ما يكون الخلط بين «مستوى» العرض و «الكمية» المعروضة في وقت محدد، كما يتم الخلط بين «مستوى» الطلب و «الكمية» المطلوبة في وقت محدد. ولذلك لا يتساوى مستوى الطلب ومستوى العرض عند مستويات مختلفة من الأسعار. وحينما يتقاطعان عند سعر محدد تتساوى «الكمية» المطلوبة و «الكمية» المعروضة عند ذلك السعر. أما الذي يحدد السعر فهو تقاطع جدول الطلب وجدول العرض عند سعر معين. وهو سعر التوازن الذي يؤدي إلى تساوي الكمية المطلوبة والكمية المعروضة. ويتغير هذا السعر إذا تغير مستوى الطلب أو مستوى العرض أو تغير كلاهما بأي اتجاه. فسعر برميل النفط الخام يتغير بين سنة وأخرى لأن مستوى العرض الكلي أو مستوى الطلب الكلي أو كلاهما يتغير. * أكاديمي سعودي.