يواجه الكثير من السوريين الأحداث الدموية التي تهز بلادهم منذ 17 شهراً، بالفكاهة، يستخدمونها في التظاهرات وتحت القصف وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ويتندرون بها على أوضاعهم وقدَرهم في محاولة لتحويل مأساتهم إلى ابتسامات. ولمدينة حمص حصة كبيرة في هذه النكات، على رغم القمع والدمار الذي لحق ب «عاصمة الثورة السورية»، لكن من دون أن ينثني أهلها عن المضي في حركة الاحتجاج والفكاهة في آن واحد. ويتناقل السوريون إن حمصياً كان يلهو بقذيفة أطلقتها القوات النظامية على المدينة، ولما حذره صديقه من أنها قد تنفجر، قال له: «لا تقلق، لدينا الكثير منها». وحينما كانت حمص (وسط البلاد) في واجهة الأحداث، ومدينة حلب (في الشمال) في منأى نسبي عن حركة الاحتجاج ضد نظام الرئيس بشار الأسد، روى أهالي حلب إن حمصياً وزوجته المحجبة دخلا حلب هرباً من القصف على حمص. وبعد مرور ساعات على وصولهما، لم يسمعا أصوات إطلاق رصاص أو قذائف كتلك التي تدمي منطقتهم، فقال الحمصي لزوجته أن تنزع حجابها لأنه يبدو أنه «لا أحد في حلب». ولا تخلو التعليقات الساخرة من المعاني السياسية، على غرار إن «سورية فازت بالميدالية الذهبية في الألعاب الأولمبية، في الرماية، حققها اللاعب الإيراني أكبر قناصي»، وذلك في إشارة إلى الأخبار التي يتداولها معارضون حول استعانة النظام بقنّاصة ومقاتلين من حليفته إيران. ويروي سوريون إن أحدهم عاد إلى منزله مع دجاجة حية، وطلب من زوجته أن تذبحها وتطهوها، فذكّرته زوجته بأنه لا جرار غاز في البيت، فهتفت الدجاجة: «يعيش بشار، يعيش بشار!»، علماً أن السوريين يعانون أزمة غاز ومحروقات. وقتل منذ منتصف آذار (مارس) 2011 أكثر من 23 ألف شخص بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وتقدر أضرار المعارك بأكثر من عشرة بلايين دولار، وازدادت البطالة وتراجعت المداخيل. وللانشقاقات حصة كبيرة من النكات. فبعد انشقاق شخصيات معروفة، والشائعات المتكررة عن انشقاق نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، باتت النكتة الأكثر شيوعاً إن بشار الأسد يجبر نائبه على النوم إلى جانبه في فراش واحد ليلاً، خوفاً من هروبه، فيما تنام أسماء الأسد على الكنبة. أما انشقاق العميد مناف طلاس وتوجهه إلى باريس، فدفع بأحد المتظاهرين في قرية كفرنبل في ريف إدلب إلى رفع لافتة كتب عليها: «كتائب شارل ديغول بقيادة العميد مناف طلاس تسيطر على شارع الشانزيليزيه». وأثار انتقال رياض حجاب، وغيره من المسؤولين المنشقين، إلى الأردن خيال أصحاب الفكاهة، حتى رسم أحدهم قاعة الجمارك عند الحدود السورية - الأردنية متخيلاً فيها أربعة طوابير: «أردنيون»، و«عرب»، و«ديبلوماسيون»، و«مسؤولون سوريون منشقون».