أظهر شريط «فيدو» وزع على موقع «يوتيوب» قبل أيام مجموعة من المستوطنين وهم يعتدون بالضرب على شاب فلسطيني في الخليل، ويسحبونه الى داخل بيت يسيطرون عليه في البلدة القديمة من المدينة، وذلك تحت سمع جنود الاحتلال وبصرهم. وفي الشريط، يهاجم المستوطنون وعددهم نحو 8، الشاب ويضربونه ويطرحونه أرضا ويجرونه الى البيت. ويظهر جندي إسرائيلي وهو يراقب المشهد ويمنع ثلاثة شبان عرب، بينهم شقيق الشاب المضروب، من التدخل. وينتهي الشريط بإدخال الشاب الى البيت بينما أصوات الصراخ والضرب تتعالى. والحادثة التي وثقتها كاميرا أحد الناشطين في المدينة ليست فردية، وإنما جزء من ظاهرة واسعة تجري في الضفة الغربية، بما فيها القدس. ودفع اتساع الظاهرة بمركز المعلومات الاسرائيلي لحقوق الانسان «بيتسيلم» الى توزيع كاميرات فيديو على ناشطين محليين لتوثيق الاعتداءات التي يقوم بها المستوطنون. وقال عاملون في المركز ان أرشيفهم يحتوي على عشرات الاعتداءات الموثقة، بينها عمليات إحراق بيوت وحقول وهجمات على مزارعين في حقولهم وعلى أفراد. ومن هذه الاعتداءات هجوم على رعاة أغنام في قرية يانون قرب نابلس الشهر الماضي. وقال رئيس المجلس المحلي في القرية ان أربعة رعاة نقلوا الى المشافي نتيجة تعرضهم للاعتداء. واضاف ان الاعتداء شمل الاغنام ايضا، اذ طعن المستوطنون رؤوساً عدة من الاغنام بالسكاكين، ما أدى الى نفوقها في المراعي. وتابع ان الجيش الاسرائيلي اعتقل خمسة من سكان القرية قبل ثلاثة اشهر لانهم دافعوا عن أنفسهم في اعتداء للمستوطنين وحكم عليهم بالسجن مدة سنة. ويحاول مستوطنون مقيمون في بؤر استيطانية ممتدة على طول 17 كيلومتراً شرق مدينة نابلس، ارهاب أهالي القرى الفلسطينية وطردهم من حقولهم كي يستولوا عليها. ووصلت اعتداءات المستوطنين ذروتها اول من امس لدى محاولتهم إحراق عائلة في داخل سيارتها على الطريق العام المار بجوار مستوطنة قرب بيت لحم. وقال مدير الاسعاف في جمعية الهلال الاحمر في بيت لحم عبدالحليم جعافرة إن المستوطنين ألقوا قنابل حارقة على سيارة تُقل ستة مواطنين من عائلة واحدة من قرية نحالين، لدى مرورها من مفرق طرق قريب من مستوطنة «بات عين» في مجمع مستوطنات «كفار عصيون» جنوب بيت لحم. واضاف ان النيران اندلعت في السيارة وفي ركابها، ما أدى الى إصابتهم بجروح بالغة الخطورة، نقلوا على إثرها الى مستشفى اسرائيلي للعلاج. وأوضح ان اثنين من أفراد العائلة أصيبا بحروق من الدرجة الاولى، وأن الاربعة الآخرين أصيبوا بحروق من الدرجتين الثانية والثالثة. وقال الرئيس محمود عباس في حديث لاذاعة فلسطينية امس إن اعتداءات المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين وأملاكهم، والتي قال انها تصاعدت أخيراً، «تتم في ظل حماية جيش الاحتلال الإسرائيلي». وأضاف: «إن جيش الاحتلال لو أراد منع تلك الاعتداءات لفعل، لأنها تحصل أمام بصره ولا يحرك ساكناً». واعتبر ان هذه الاعتداءات التي قال انها يجب ان تتوقف «دليل على السياسة العنصرية التي لا تزال تعشش في ذهنية هذا الجيش والمستوطنين». وطالب الإدارة الأميركية بالعمل على وقف هذه الاعتداءات التي وصفها ب «البربرية والهمجية». من جانبها، استنكرت الولاياتالمتحدة «بأقسى العبارات» الاعتداء، وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية فكتوريا نولاند امس: «نتقدم بأحر مشاعر المواساة للجرحى، ومن بينهم الأطفال، ونتمنى لهم الشفاء العاجل، ونذكر أن الحكومة الإسرائيلية أيضا استنكرت هذا الاعتداء الشنيع وتعهدت إحضار الجناة للعدالة». وأضافت: «نتوقع من المسؤولين الإسرائيليين العاميلن على تطبيق القانون الإسرائيلي بالعمل على ذلك بسرعة». وحضت الطرفين على «تجنب اتخاذ خطوات من شأنها أن تؤدي إلى تصاعد وتيرة العنف». وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وصف اضرام النار في العائلة الفلسطينية بأنه «عمل خطير جدا»، وقال: «سنعمل كل ما بوسعنا من أجل اعتقال المسؤولين ومقاضاتهم». لكن الاعلام الاسرائيلي ذكر في تقارير له أمس أن جهاز الامن الاسرائيلي اكتفى بإجراء اتصالات مع العناصر المتطرفة في المستوطنات ليحذرها من مثل الاعتداءات، من دون أن يعتقل أياً منهم. ودان الأردن أمس الاعتداء، ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (بترا) عن وزير الدولة لشؤون الإعلام، الناطق باسم الحكومة سميح المعايطة قوله إن «مثل هذه الأفعال تؤدي إلى تصاعد العنف وتعزيز التطرف».