طلب الرئيس اللبناني ميشال سليمان من وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس السعي لدى السلطات التركية للمساعدة في حل قضية المخطوفين اللبنانيين ال11 في سورية، مشدداً على «أهمية العمل السريع للإفراج عنهم». وقال خلال استقباله امس فابيوس في المقر الصيفي في بيت الدين إن «لبنان الذي ينأى بنفسه عن الأوضاع الداخلية لدول المنطقة يقوم بدوره الإنساني في استقبال اللاجئين السوريين المدنيين وتقديم المساعدة اللازمة لهم». ونوه سليمان «بوقوف فرنسا الدائم إلى جانب لبنان»، مثمناً «دورها ومشاركتها في قوات يونيفيل لحفظ الأمن والاستقرار على رغم تعرض بعض دورياتها لاعتداءات». ودعا فرنسا والمجتمع الدولي إلى «العمل على إيجاد حل للأزمة في سورية من خلال جلوس الفرقاء المتصارعين حول طاولة الحوار والاتفاق على النظام السياسي الذين يرون فيه مصلحتهم». وجدد فابيوس «حرص فرنسا الشديد على سيادة لبنان واستقلاله واستقراره ووحدته»، ومنوهاً «بالجهود التي يبذلها رئيس الجمهورية في الحفاظ على الاستقرار ودعوته إلى حوار الفرقاء اللبنانيين لإيجاد سبل مواصلة الهدوء». واعتبر «من الأهمية بمكان العمل على منع انتقال انعكاسات الأزمة السورية إلى لبنان». وإذ أشار إلى أن «الجولة التي يقوم بها في المنطقة عنوانها إنساني يتناول كيفية مساعدة اللاجئين»، أعلن أن جلسة لمجلس الأمن الذي ترأسه فرنسا هذا الشهر ستعقد للبحث في زيادة المساعدات للدول التي تستضيف اللاجئين حتى جلاء الوضع في سورية. وأجرى فابيوس اتصالاً هاتفياً برئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط، واطلع منه على وجهة نظره إزاء الأوضاع والتطورات العامة في لبنان والمنطقة. وتلقى البطريرك الماروني بشارة الراعي اتصالاً من فابيوس الذي نوه بزيارته عكار، وأكد إصرار فرنسا «على التمسك بالوجود المسيحي في المنطقة»، مشدداً على أن فرنسا «تتفهم مشاعر القلق التي تسببها التطورات الحاصلة في سورية والمنطقة لدى بعض المسيحيين، ولديها القناعة بأنه يتوجب على مسيحيي الشرق أن يظلوا أوفياء لتقاليدهم ويلعبوا دوراً طليعياً حيال التطورات». مؤتمر صحافي وقبيل مغادرته لبنان متوجهاً الى تركيا، قال فابيوس في مؤتمر صحافي عقده في مطار رفيق الحريري الدولي أنه التقى مسؤولين من المنظمات المعنية باللاجئين السوريين. وأكد انه أوصل رسائل «تتركز خصوصاً على الصداقة اللبنانية - الفرنسية فلبنان اكثر من صديق بالنسبة إلى فرنسا، انه أخ. أما الرسالة الثانية التي أردت أن أوجهها فهي تأكيد تمسك فرنسا بسلامة لبنان وسيادته واستقلاله، ونأمل بألا يتم انتقال عدوى الأزمة السورية إلى لبنان. نحن متمسكون بوحدة لبنان وهي ثمينة وكانت صعبة المنال. ونعتقد أن الشعب اللبناني يريد أن يحافظ عليها وعلى التنوع». ونوه ب «دور السلطات اللبنانية والجهود التي تبذلها لتحييد لبنان عن الأزمة السورية». لمنع الاستغلال السياسي للنازحين وأعلن أن «الرسالة الثالثة متعلقة باللاجئين السوريين الذين تدفقوا بأعداد كبيرة في اتجاه الأردن وتركيا والعراق ولبنان. وهذا التدفق لم يؤثر فقط على السوريين إنما أيضاً على السكان في المناطق الحدودية»، مشيراً إلى أن «هناك الكثير من الصعوبات المتعلقة بالمشاكل المالية. وهناك أطفال بين اللاجئين ومشكلة ذهاب هؤلاء إلى المدارس، ونود أيضاً جمع اللاجئين بأعداد كبيرة في مكان واحد، ونريد تجنب الاستغلال السياسي لتدفق اللاجئين في هذه البلدان»، منوهاً ب «الدور والجهود التي تبذلها السلطات اللبنانية والعمل الذي قامت به الهيئة العليا للإغاثة وكل المنظمات ومن بينها منظمة «ايكو-فرنسا» التي ساهمت بهذه الجهود خصوصاً عبر مساهمة مالية بلبنان»، معلناً أنه دعا رئيس الحكومة إلى زيارة فرنسا في أي وقت يحدده في الخريف المقبل. ولفت الى ان «السلطات اللبنانية لا تريد مخيمات (للنازحين) بالمعنى الكلاسيكي، لكنها تريد أن تراعي الصعوبات الجغرافية والسياسية في البلاد، ولا تريد أن ترى هذه التجمعات الكبيرة جداً من الأشخاص لأنه عندما يكون هناك عدد كبير منهم فهذا يجعل أمر الإدارة صعباً. لكن إذا استمرت الأزمة السورية لفترة طويلة وشهدنا تدفقاً كبيراً للاجئين، تكثر المشاكل. وهناك المخيمات الفلسطينية الموجودة في لبنان وهذا يتطلب جهوداً كبيرة، ورئيس الحكومة يعلم بالمشكلة ويتابعها وهناك الخطط البديلة التي نعمل على وضعها»، لافتاً إلى أن «هذا يرتب صعوبات مالية واقتصادية». وشدد على «احترام مبادئ المساعدة الإنسانية وحقوق الإنسان في كل الحالات، وأن تتم استضافة اللاجئين بأفضل طريقة ممكنة». وأعلن أن بلاده «لديها مساعدة شاملة للوجه الإنساني بنحو 14 مليون يورو. وهناك المساهمة الأوروبية وقررنا أن نضيف المزيد والمساعدة في ما يتعلق بلجنة الإغاثة في لبنان ولكننا نتحدث تقريباً عن 15 مليون يورو». وعن عمليات الخطف المتبادلة في سورية ولبنان، أجاب فابيوس: «نطالب بإطلاق من خطفوا ونتمنى ألا يؤدي ما يحصل في سورية إلى توتر كبير جداً في لبنان. وأكد لي معظم الذين التقيتهم هذه المخاوف». وحذر من أن «الوضع في سورية خطير جداً وعلينا بذل قصارى جهودنا لتحييد لبنان عن الأحداث في سورية». وأضاف: «شهدنا انشقاق رئيس الحكومة السوري وهو ليس أي شخص، بل انه المسؤول بشكل كبير ولديه سلطات واسعة جداً، والمهم في انشقاقه انه قال إن حكومة بشار الأسد لا تسيطر سوى على اقل من ثلث الأراضي السورية. وهذا تفصيل يظهر كم أن النظام يضعف في الداخل وحصلت انشقاقات أخرى لجنرالات في الجيش السوري وغيرها. ولكني أؤكد أن هذه الحركة الانشقاقية ستستمر في الأيام المقبلة وستستمعون المزيد». وجدد التأكيد أن بلاده «ملتزمة إلى جانب الأممالمتحدة القرار 1701 مع قوات «يونيفيل» ولدينا الكثير من الجنود الفرنسيين في هذه المهمة الصعبة جداً والخطيرة، وأود أن أحيي هؤلاء الجنود. والرئيس الفرنسي التزم الحفاظ على جنودنا في يونيفيل التي تضطلع بدور مهم نظراً إلى الوضع الجغرافي والسياسي في هذه المنطقة ضمن إطار القرار 1701». لقاءات اليوم الأول وكان فابيوس سمع من بري حين التقاه اول من امس، أن «لبنان يقوم بواجبه الإنساني إزاء النازحين السوريين، وأن الشعبين اللبناني والسوري هما بمثابة شعب واحد، وأن خطف اللبنانيين ال11 (في سورية) هو الذي أوجد هذا النفور، لكن أبناء الشعبين كانوا وسيظلون أشقاء»، مشيراً إلى أن «الإقدام على خطف لبناني آخر من آل المقداد أخيراً في دمشق، بينما كان لبنان ينتظر إطلاق سراح المخطوفين ال11، هو الذي أجج هذه الفورة وزاد الوضع تأزماً». وطلب بري من فابيوس «التدخل مع الأطراف الفاعلة لإخلاء سبيل المخطوفين اللبنانيين جميعاً». ورد الوزير الفرنسي مشدداً على حرص بلاده على «العلاقة المتينة مع لبنان وعلى وحدته واستقراره»، ووجه إلى بري دعوة رسمية لزيارة فرنسا. وبحث فابيوس مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي السياسة التي تنتهجها الحكومة لحماية لبنان من تداعيات الأحداث الجارية في المنطقة. ولبى دعوة ميقاتي إلى إفطار في دارته. وكان فابيوس استهل زيارته بلقاء وزير الخارجية عدنان منصور الذي لفت إلى أن «المحادثات لم تتطرق إلى ترحيل السوريين ال15». وأعلن أنه لا يلوم الدول التي قررت سحب رعاياها من لبنان «لكننا نتمنى على الإخوة العرب والخليجيين أن يتجاوزوا ما جرى في لبنان». وزار فابيوس ضريح الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري في وسط بيروت، على رأس وفد فرنسي، وكان في استقباله نادر الحريري ممثلاً الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري ونواب. ووضع إكليلاً من الزهر على الضريح، ثم دون كلمة وصف فيها الحريري بأنه كان شخصاً استثنائياً، وذكراه حاضرة بيننا دائماً في الصداقة التي أرساها مع فرنسا».