قطع الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة جدلاً عن أسباب غيابه عن المشهد السياسي لنحو شهر، بمشاركته الليلة قبل الماضية في احتفال لمناسبة «ليلة القدر»، بعد تقارير عن فترة نقاهة قضاها في منتجع سويسري. وأشرف بوتفليقة في الجامع الكبير في الجزائر العاصمة على تكريم الفائزين الأوائل في مسابقة الجزائر الدولية لحفظ القرآن الكريم وتفسيره وتجويده في طبعتها التاسعة والمسابقة التشجيعية الوطنية لصغار حفظة القرآن، لمناسبة إحياء «ليلة القدر». ورافق موكب الرئيس الوزير الأول أحمد أويحيى، ووزير الدولة عبدالعزيز بلخادم الممثل الشخصي لبوتفليقة، ورئيس المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) محمد العربي ولد خليفة. ولاقت مشاركة بوتفليقة في الحفل متابعة إعلامية واسعة، نظراً إلى تساؤلات مهمة طرحت في غيابه الذي استغرق نحو شهر. وبدأت التساؤلات مع الإلغاء المفاجئ لما يعرف بجلسات الاستماع للوزراء والمسؤولين التي اعتاد بوتفليقة عقدها في رمضان سنوياً. وكان وزراء الحكومة تلقوا تعليمات مكتوبة بتحضير تقويم شامل لأداء قطاعاتهم لتعرض في الجلسات التي تعود بوتفليقة الإشراف عليها منذ العام 2004. لكنهم فوجئوا بعدم عقدها ثم انتشرت أنباء عن سفر الرئيس لسويسرا في فترة نقاهة في أحد المنتجعات المملوكة للبعثة الديبلوماسية الجزائرية. وحرص بوتفليقة خلال سنوات حكمه على جعل جلسات التقويم الرمضانية، عرفاً سياسياً متبعاً، رغم عدم وجود أثر دستوري لهذا النوع من الاجتماعات. إلا أن بوتفليقة يفضل الجلوس وجهاً لوجه مع كل وزير منفرداً، في مقابل إبداء البرلمان انشغالاً أقل بممارسة صلاحياته الدستورية المتعلقة بالرقابة على نشاط الجهاز التنفيذي. وأثارت توجيهات بوتفليقة للوزراء توقعات بأن إعلان التشكيلة الحكومية الجديدة لن يتم في وقت قريب، إلا أن علامات استفهام كثيرة تحوم في شأن ست وزارات كان بوتفليقة أنهى مهمات المشرفين عليها عشية تنصيبهم نواباً في البرلمان، إضافة إلى وزارة العدل التي يسيرها وزير بالنيابة منذ تعيين وزير العدل السابق الطيب بلعيز رئيساً للمجلس الدستوري. وأكثر ما يلفت في اجتماعات الرئيس بالوزراء أنها تتم خارج اجتماعات الحكومة واجتماعات مجلس الوزراء الذي يعتبر حسب الدستور الإطار السياسي والقانوني لدرس القضايا المطروحة واتخاذ القرارات. غير أن هذه الجلسات لا تحظى باستحسان الطبقة السياسية، على اعتبار أن البرلمان المنتخب أولى بمراقبة وتقويم ومحاسبة الجهاز التنفيذي. لكن الرئيس لم يسبق وبرر هذه الاجتماعات، وإن اعتبر قريبون من الرئاسة الجلسات «مراقبة للبرنامج التنموي من قبل صاحب البرنامج نفسه». وعانت قطاعات كثيرة مما يشبه الشلل في الأسابيع الماضية بسبب غياب بوتفليقة الذي يتطلب اجتماع مجلس الوزراء وجوده، ما أيقظ الاهتمام بتغيبه عن المشهد العام. وأحدثت انقطاعات الكهرباء في غالبية المناطق خلال شهر رمضان احتجاجات يومية، فيما تراكمت التساؤلات في شأن مصير الحكومة الحالية التي سبب غياب سبعة من وزرائها فوضى في قطاعاتهم وإرجاء قضايا تحتاج حسماً.