تقول الزميلة بثينة النصر على جدارها: «إن انتماء أسمائنا لطائفة معينة بحكم العائلة أو الوراثة أو التربية من جهة، ومن جهة أخرى اعتناقنا الفكري لكثير من قيم التحضر والعلمانية لا يتوجب أن يلغي أيهما..! فالفخر بمزايا مجتمع طيب وأصيل تربيت فيه، واعتناق القيم الثقافية والاجتماعية النبيلة فيه تكون هي محرّك أي نهج تقدمي أخطوه.. لا محرك للتقوقع على الذات والانعزال أو حتى القبول بالمنطق الطائفي في سلوكي وأسلوب حياتي. ما الطوائف سوى أطياف اجتماعية وألوان ثقافية في أي بلد.. لا يتوجب مأسستها سياسياً بأية صورة من الصور، وإلا خسرنا توليفة التناغم والانسجام... التوليفة ذات القيمة الأكبر في حسابات الوطن الكبير». مؤتمرات القمة الإسلامية العادية والاستثنائية ناقشت كثيراً من القضايا السياسية والاقتصادية، واتخذت بصددها القرارات المناسبة التي ربما نُفذ بعضها، ولم يتسنَ تنفيذ البعض الآخر، وتظل مشكلة التفعيل هاجساً أممياً، هو أيضاً كما نعلم هاجس عربي وإقليمي في منطقة الخليج. وعطفاً على كلام الزميلة أعلاه، وما سببه أو يسببه التشاحن الطائفي الذي تغذيه أطراف لها مصالح غير مصلحة الدين الواحد والثقافة المتسامحة، أتمنى أن يكون من بين قرارات القمة قرار بتجريم الحديث الطائفي في الإعلام ودور العبادة، بل وحتى في الإعلام الاجتماعي، ووضع عقوبات صارمة واضحة لمن يحاول تأجيج الطائفية المقيتة في زمن نحتاج فيه إلى الحب أكثر مما نحتاج إلى التقليل من شأن أو أفكار الآخر، وهو في الحقيقة ليس الآخر، إنه أنا في صورة ذهنية مختلفة، أو طريقة فكرية ليست متطابقة معي أو أنا لست متطابقاً معها. ندرك جميعاً أن المسلم الحقيقي هو الإنسان القوي بإيمانه وعلمه والمميز بمبادئه وأخلاقه وبمسلكه وتعامله، والمبدع بأفكاره وابتكاراته، وعلينا أن نضيف لها المتسامح في أفكاره، المركّز على إنتاجية ترتقي به وبأمته، سواء أكان هذا المنتج فكرياً أم صناعياً أم حتى إبداعياً فنياً يوصل رسالته إلى العالم، ويساعد الآخرين على فهمه واحترام ثقافته، وبالتالي مناصرة قضاياه. كنا نخشى انغلاق المجتمع المسلم على نفسه، وبتنا نخشى انغلاق مجموعات داخل هذا المجتمع على نفسها، بل استعداء كل مجموعة، واليوم وهذه القمة الجميلة تجمعنا قادة وشعوباً علينا العمل على الانفتاح على العالم والتفاعل معه، بعد الانفتاح على بعضنا البعض، ومد يد الحب لبعضنا البعض ومن ثم للعالم أجمع. إن دعوة خادم الحرمين الشريفين تروم نهضة هذه الأمة، والنهضة يصنعها فكر يتحول إلى هدف ثم إلى خطة عمل، ونتيجة، والنتائج ممكنة إذا امتلكنا قدرة استخدام العقل للتفكير الإيجابي، والقلوب للحب. [email protected] mohamdalyami@