جدد البطريرك الماروني بشارة الراعي، في اليوم الثاني لزيارته الراعوية لمنطقة عكار (شمال لبنان) مطالبته أطراف الحوار بتلبية الدعوة الشخصية التي وجهها رئيس الجمهورية ميشال سليمان إلى الجلوس إلى طاولة الحوار «فهذا شرف كبير لمن وجهت إليهم الدعوة، وهذا يعني أنه يحترمهم ويقدرهم. وأرجو أن يسقط كل المدعوين حساباتهم ويجلسوا بكل شرف إلى طاولة الحوار في القصر الجمهوري، فالمسؤول لا يمكنه أن يقاطع أو أن يتغيب وإلا فهو خاسر، ومن حضر السوق باع واشترى». وأكد الراعي في كلمة له في مبنى محطة «تيلي لوميار» في بلدة الشيخ محمد، أنه «لا يمكننا في لبنان الاستغناء عن أحد». وقال: «إن طاولة الحوار في القصر الجمهوري تطرح قضايا وطنية لا شخصية وبها يرتبط خلاص لبنان أو خرابه، بنيانه أو هدمه، وأشدد على أن لغتنا ليست لغة النزاع والحرب، بل لغة الحوار لأن الله دخل أيضاً في حوار مع الإنسان، لغتنا أن نكون أحراراً ونقول كلمة الحق التي تجمع ولا تفرق». وحيا الراعي مستقبليه وأسرة «تيلي لوميار»، وقال: «دقت الكنيسة ناقوس الخطر، ولكن من خلال خبرات رجال الاقتصاد والمال نعمل على الخروج بحل. ونناشد الدولة تحمل مسؤولياتها لأنه إذا سقطنا اقتصادياً انكسر عمودنا الفقري وأصبحنا في عداد المشلولين. وإذا وقعنا اقتصادياً سنقع حتماً سياسياً، لكننا على قناعة بالخروج من أزمتنا». ووضع إكليلاً من الزهر على نصب شهداء الجيش اللبناني في بلدة الشيخ محمد. ورود من أبناء الشيخ عبد الواحد وفي بلدة البيرة أقيم له استقبال شعبي شارك فيه نواب المنطقة وفاعلياتها. وقدم أولاد الشيخ أحمد عبد الواحد (الذي كان قتل ومرافقه الشيخ محمد مرعب على حاجز للجيش اللبناني في الكويخات) باقات ورد إلى الراعي، وقال الشيخ علاء عبد الواحد باسم العائلة: «إن وقوفكم اليوم على خاطرنا وسعيكم لبلسمة جراح منطقتنا يعبر عن وقوفكم الصادق إلى جانبنا لأنكم تحملون رسالة الله التي تحرم القتل والظلم». وطمأنه إلى «ألا تقلق على مسيحيي عكار لأنهم أمانة في أعناقنا». وتوالت الكلمات التي أكد خطباؤها «على العيش المشترك والإيمان بالدولة والمؤسسات الدستورية والأمنية والعسكرية التي نوجه لها تحية». وشكر الراعي «كل من ساهم في تنظيم هذا اللقاء وخصوصاً النائب هادي حبيش»، وقال: «الزيارة كانت مقررة إلى عكار العزيزة من دون أي قلق لا على المسيحيين ولا على المسلمين، كنا معكم منذ اليوم الأول لسقوط الشهيدين وكلفنا المطران أبو جودة نقل التعزية وكنا نتحين الفرص للقائكم. أردنا أن يكون هذا اللقاء تعزية لكم، ولكن كلماتكم الجميلة عبرت عما أردنا قوله في هذا اللقاء، كنا خائفين من أن يقع أي خلاف بين أبناء عكار عامة والبيرة خصوصاً ومؤسسة الجيش لأنها ضمانتنا، ولكنها غيمة سوداء ومرت وما سمعناه اليوم منكم تأكيد أن العلاقة العضوية بالمؤسسة العسكرية لم تتزعزع وفصلتم بينها وبين الحادث». وجدد تعازيه إلى «عائلة الشهيد التي انكسر قلبها لأن الموت خسارة كبيرة، والليلة سنحتفل بانتقال السيدة العذراء وسنذكركم في صلواتنا، وفي ندائنا نقول دائماً نرفض الحروب والاقتتال لأنها جريمة ضد الله، وعلينا معرفة الفصل لأن العدالة هي التي تفصل بين الناس وتعطي كل ذي حق حقه». واستعاد كلام للبابا يوحنا بولس الثاني الذي قال «لمن حاول قتله: غفرت لك ورحمت لأن الله غفور ورحيم. وكلماتكم جعلتني أفكر في هذا الأمر. نعم عكار والبيرة أعطتا الدولة أكثر من أي منطقة في لبنان، لذلك لا يمكنها العيش في خصومة معهما، وهذا ما أكدتم عليه الآن. وأقول لكم بإيماننا المشترك معكم، يا رب نود أن نقدم الشهيدين ضحية فداء عن كل لبنان لوضع حد لقتل أي إنسان مهما كان السبب، وفداء عن الوطن الذي يتعرض لهزات كبيرة». وشدد على «أن العدالة تبقى فوق كل شيء فلتقل كلمتها ولتنصر الحق، ومعكم شاركنا من دمنا ومن أهلنا في سبيل السلام في لبنان وسورية والعراق وكل بلدان الشرق الأوسط التي تحاك ضدها المؤامرات. ولبنان مدعو للعب دور في هذا الشرق، وفي الأسرة الدولية». لا تبيعوا ارضكم وانتقل الراعي إلى بلدة القبيات حيث استقبله حشد شعبي ضخم. وشارك في مسيرة يتقدمها الخيالة وحملة الرايات الكنسية لمسافة تزيد على الكيلومتر، وصولاً الى ساحة القبيات حيث أُلقيت كلمات الترحيب، وردّ الراعي بنقل «تحيات البطريرك نصرالله صفير الذي سلمتموه سابقاً مفتاح هذه البلدة». وقال: «ان أرض القبيات من الرموز القيمة، ومهما كبرت الصعوبات والتحديات لا يمكننا أن نضحّي بالارض التي كتب عليها تاريخنا، وعلينا التضامن للحفاظ عليها، فلا تبيعوا اي قطعة أرض لأنها شرفكم ووجودكم وحضوركم وثقافتكم. فنحن لسنا موجودين كي نأكل ونشرب وحسب، بل لنا رسالة نقدمها للعالم». وتخللت المحطة زيارة لمستشفى «سيدة السلام» و «راهبات المحبة» و «راهبات سيدة العطايا» و «دير مار جرجس» و «مرت مورا» ومبنى المطرانية المارونية، ومساء وضع الحجر الاساس للمجمع السكني الماروني، وزار رعية القبيات الغربية وترأس القداس الاحتفالي بعيد السيدة.