اعتبر البطريرك الماروني بشارة الراعي، ان «لبنان يفقد قيمة من قيمه اذا ما صار ديناً واحداً او طائفة واحدة او تياراً واحداً او حزباً واحداً»، مناشداً اللبنانيين جميعاً ب «أن تعالوا الى كلمة سواء أن نجلس معاً، تعالوا نرفض كل ارتباط مهما كان من هنا او هناك، وليكن لنا الارتباط الواحد، تعالوا لنبني الشركة والمحبة والوحدة». وكان الراعي استأنف امس القسم الثاني من زيارته الراعوية لمنطقة بعلبك-الهرمل تحت عنوان «تعال وانظر»، والتي تستمر يومين، ووصل بداية الى بلدة حدث بعلبك، حيث استقبلته فاعليات المنطقة وأهلها بالورود والرز ولافتات الترحيب ب «الزائر الكبير»، ورحَّب به النائب غازي زعيتر، مستحضراً في كلمته الإمام موسى الصدر. وجدَّد الراعي في كلمته التأكيد أن الزيارة «تعبِّر عن الشراكة والمحبة للبقاع المزروعة في قلب بكركي»، وقال: «نحن مع الجميع من دون تفرقة او تمييز، هي زيارة للشيعة والدروز والسنة والمسلمين وزيارة للموارنة والمسيحيين وكل الأطياف». وأكد ان «جمال لبنان يوم يبنى فعلاً هذا الوطنُ الذي هو للجميع، ولا فضل لأحد على الآخر الا بمقدار ما يعطي هذا الوطن»، معلناً: «لا للحرب، لا للعنف، الله يريدنا عائلة واحدة له، فلنتجاوز كل الخلافات والنزاعات والارتباطات شمالاً ويميناً، ولنستمدَّ من الله قيمنا، لنبني وطناً جميلاً». وانتقل الراعي الى بلدة حوش بردى، وتكررت مراسم الاستقبال الحاشد في كنيسة مار جرجس، ودعا في كلمة له الاهالي الى العودة الى قراهم لبناء حياتهم على أرضهم «لأن الارض هويتنا وجذورنا، ونحن كلياً ضد ان تباع هذه الارض حتى من الجار لجاره». وقال: «من يبع ارضه يبع ثقافته وحضوره وهويته وتاريخه، يبع الماضيَ ومستقبلَه، كل انسان منا وصلت إليه الارض بالوراثة او بالبيع او بالمقايضة او بأي شيء آخر. الأرض ام اذا فقدْتَها تصبح يتيماً. لبنان يبدأ بأرضك أينما كانت، بعيدة من العاصمة أم قريبة». وفي مدينة الإمام الصدر في بلدة الطيبة، رحب نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «أمل» الشيخ حسن المصري ب «المرجع الروحي»، مشيراً الى ان «الإمام الصدر ترجم شعار شركة ومحبة على ارض لبنان، عندما تعرض المسيحيون للتهجير». وأكد «الوقوف الى جانبك ومعك في كل تحركاتك من اجل سلامة الوطن وشعبه، ومهما تعرضْتَ لاتهام فإنهم أصغر من ان ينالوا مِن سُمُوِّك، والرئيس (نبيه) بري يرى في تحركك ومواقفك ضمانة أساسية للبنان». وحيّا الراعي مدينة الإمام الصدر وثانوية الشيخ محمد يعقوب، وقال: «زيارتنا للتعبير عن ان لبنان لا يبنى الا بمسيحييه جميعاً ومسلميه جميعاً، وهذا ما علَّمه وجهد لأجله الإمام الصدر، ولا ننسى صورة الإمام الصدر تحت الصليب امام المذبح يتكلم عن لبنان». حيّا بري واستذكر الموسوي وحيّا الراعي الرئيس بري على «عصاميته وإخلاصه للبنان وحكمته وحنكته التي تشهد لها كبار شخصيات العالم». وأكد ان «لبنان لا يستطيع ان يتخلى عن اي فرد منه او عن اي جماعة منه او عن اي دين او طائفة او مذهب تتألف منها العائلة اللبنانية». وقال: «نحن حرصاء على الجميع ونعمل من اجل الجميع، وقيمة لبنان ان لكل واحد مكانه ودوره وقيمته وتقاليده وهويته التي منها جميعاً». ومن الطيبة، انتقل موكب البطريرك والوفد المرافق الى بلدة سرعين، وقال في سرعين التحتا: «أصبحنا في وقت بات العمل السياسي مشوهاً، وبدلاً من ان يجمع يفرق، ونحن مدعوّون لأن نطوي الصفحة، آن الأوان ليثق بعضنا ببعض، تعالوا بحق دماء شهدائنا الذين وقعوا على ارض لبنان منذ تأسيسه سنة 1920، ومروراً بالحرب التي لم تنته على ارضنا منذ عام 1975 حتى اليوم، ونحن هنا في سرعين التي أعطت من بين الشهداء المرحوم الشهيد السيد عباس الموسوي الأمين العام السابق لحزب الله، اسمحوا لي أن أذكِّر اليوم بالنبي شيت، لكي أذكِّر بكل الشهداء المسيحيين والمسلمين، تعالوا بحقهم جميعاً نطوي الصفحة، نمد اليد، الواحد للآخر، لأننا كلنا نغتني عندما نتماسك، ونفتقر عندما نبتعد». بعلبك ثم انتقل الى طليا، ومن ثم بعلبك، حيث اعد له استقبال حاشد. وخاطب مستقبليه في بعلبك قائلاً: «بعلبك صورة مصغرة عن لبنان، وعلى رغم كل ما جار الدهر عليكم ما زلتم محافظين على وجودكم وما زلتم نموذجاً للعيش المشترك». وحيا «طوائف بعلبك ال7 المسيحية والإسلامية». وبعد الغداء، تفقَّد الراعي رعية دورس، ثم رعية الطيبة ثم رعية إيعات، ومن ثم رعية مار يوحنا المعمدان-حوش تل صفيا. وأقيم عشاء على شرفه بدعوة من الوكيل الشرعي للامام علي خامنئي عضو شورى «حزب الله» الشيخ محمد يزبك في مطعم «النورس» في رأس العين. ويزور الراعي اليوم، دير ومغارة مار مارون، ثم دير راهبات الجبولة، فبلدة جديدة الفاكهة، ويتناول الغداء الى مائدة مطرانية الروم الكاثوليك في رأس بعلبك، ثم يزور بلدة القاع ثم مدينة الهرمل وتنتهي الزيارة في بيت الراهبات في المدينة.