وصلت البعثة الطبية الفرنسية العاجلة امس الى مخيم اللاجئين السوريين في محافظة المفرق شمال الأردن على الحدود مع سورية، حيث أكد رئيس البعثة أنه لا يشعر بالقلق بشأن المهمة التي ستبدأ بتقديم خدماتها الى ضحايا النزاع في سورية، اعتباراً من اليوم. ووصلت البعثة الفرنسية التي تضم 85 خبيراً وطبيباً وعسكرياً الى مخيم الزعتري الذي يضم أكثر من خمسة آلاف لاجئ عند السادسة صباح امس، حيث بدأ أفرادها على الفور في نصب الخيم والمعدات في أرض تقدر مساحتها بخمسة آلاف متر مربع في الجانب الأيسر عند مدخل المخيم بالقرب من البعثة الطبية المغربية. وقال رئيس البعثة الكولونيل يانيك ريو: «نحن جميعاً هنا، مدنيين وعسكريين، للهدف نفسه، وهو مساعدة اللاجئين السوريين، ومعظمنا له خبرة في هذا المجال من خلال عملنا في بلدان مثل ساحل العاج ولبنان وأفغانستان». وأضاف: «لدينا فريق طبي كفوء ذو خبرة واسعة، لهذا انا لا اشعر بأي قلق ازاء هذه المهمة». واوضح أن «جزءاً من البعثة بدأ اتصالاته مع البعثة الطبية المغربية والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية للوقوف على الاحتياجات». وتابع: «سيقوم الفريق الطبي بمعالجة اولئك الذين اصيبوا قبل ايام في سورية وتمت معالجتهم بسرعة، واولئك الذين يصابون خلال عبورهم الحدود ويتم جلبهم الينا من قبل السلطات الاردنية». وكانت طائرتان فرنسيتان من طراز «إيه 310» و «انتونوف» نقلتا البعثة من باريس الى عمان وعلى دفعتين الاربعاء والسبت، ومعها 87 طناً من الادوية والمعدات الطبية، على ان يصل مجموع المعدات والادوية الى 200 طن الاربعاء المقبل، بحسب ريو. من جهة أخرى، اكد رئيس الاطباء الجنرال باتريك تيرول، ان «مهمتنا التي حددتها حكومتنا تتلخص في تقديم المساعدة لضحايا النزاع ولدينا فريق متخصص في معالجة الجروح التي خلفتها الحروب». واضاف: «سنعمل على مدار الساعة في تقديم العلاج للمرضى في المخيم وتوزيع اللقاحات تحسباً لأي وباء وإجراء عمليات جراحية». ويقول الممرض مارسيال فيران، الذي كان منهمكاً بنصب احدى الخيم مع عدد من رفاقه: «نحن هنا من اجل تقديم المساعدة للاجئين». واضاف الممرض الذي سبق ان عمل في افريقيا والبوسنة وساحل العاج: «لا اعرف كم ستدوم مهمتنا، لكنني اشعر بالسعادة، فالناس استقبلونا جيداً، وانا احب هذا البلد وشمسه الساطعة». وستقوم البعثة الفرنسية بتشغيل مركز صحي ومركز للطوارئ في المخيم، وفق رئيس الاطباء الجراحين الكولونيل الطبيب جيرار دوسيه، الذي يرأس فريقاً جراحياً وصل مع الوفد الخميس. وأوضح دوسيه «نتوقع مهمة صعبة ومعقدة، لأن معالمها مجهولة. على الصعيد التقني لدينا كفاءات»، مؤكداً ان «الصعوبة تتمثل خصوصاً في المجهول. سيتعين علينا التكيف يومياً مع اوضاع جديدة». وأوضح ان «هذه الوحدة الطبية خفيفة (الحركة) وسهلة الانتشار وستكون قادرة على بدء العمل فوراً». وتضم هذه المجموعة أطباء وممرضين ومساعدي تمريض ووحدة جراحة تضم جراحين وممرضين متخصصين في التخدير وممرضي وحدة جراحة وممرضات للعلاج العام ومساعدات ممرضات وموظفين اداريين، كما تضم متخصصاً في الاشعة وبيطرياً وطبيباً متخصصاً في الاوبئة. ويفترض ان يتمكن الطاقم من القيام بما بين ست وعشر عمليات جراحية يومياً. وتوقع شمس بوريش احد اعضاء الفريق، ان ينتهي العمل من نصب نحو ثلاثين خيمة، وان يبدأ علاج المرضى، مشيراً الى ان العمليات الجراحية لن تجرى قبل الاربعاء المقبل. وتجمع العديد من اللاجئين السوريين لمتابعة وصول البعثة الفرنسية الى المخيم بمعداتها، وقال خليل العكلة (68 عاماً) وهو أب لعشرة اطفال من درعا: «هذا عمل خيري انساني لا يقدّر بثمن، لأن هناك أعداداً كبيرة من اللاجئين بحاجة الى العلاج ولعمليات جراحية». وأضاف: «لكني كنت افضل ان يكون هناك تدخل عسكري او تسليح الثوار في سورية على غرار ما حصل في ليبيا، من اجل إسقاط النظام، لاننا تعبنا من هذه الحال التي طالت اكثر من اللازم». من جهتها، قالت نوال، وهي ام لخمسة اطفال من حمص رفضت اعطاء اسمها الكامل: «هذا الامر بقدر ما أفرحني فإنه يقلقني، وهو انْ دلَّ على شيء فإنه يدل على ان محنتنا بدأت للتو، وان هذه الحال ستطول، وان لا عودة قريبة الى منازلنا، واننا سنمضي هذا العيد والذي سيليه هنا». واضافت نوال، التي لجأت الى المخيم قبل اسبوعين: «كنت آمل ان يجدوا حلاًّ لأوضاعنا. لا اعرف كيف سنمضي اوقاتنا هنا، فالمكان ممل وموحش ومغبر، ونحن سئمنا ونتمنى العودة الى بيوتنا في اقرب وقت». وتقول المملكة الاردنية انها استقبلت اكثر من 150 الف لاجئ سوري منذ اندلاع الاحتجاجات المناوئة لنظام الرئيس بشار الاسد، منهم نحو اربعين الفاً تم تسجيلهم رسميا لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة. ويقطن الكثير منهم في مساكن موقتة في مدينة الرمثا قرب الحدود مع سورية، او عند اقارب او اصدقاء لهم في الاردن، بينما باشرت السلطات نقل المئات الى مخيم الزعتري الذي افتتح اواخر الشهر الماضي، ويتسع لنحو 120 الف شخص.