لا تحضير أو رصد للدرجات، و لا يخشون نسيان تكليف أو واجب، حصص ليس الحضور لها واجب بل طلب العلم هو الدافع الرئيسي لعدم انقطاعهم عنها، وبالأخص في ظل انعقاد هذه الحصص في رحاب الحرم المكي الشريف الذي يتحول إلى الجامع للمسلمين، والجامعة لطلاب العلم الشرعي، وعلى إثرها كان تأسيس المدارس في مكةالمكرمة خلال العهد العباسي . بينما يجلس الفقيه عبدالرحمن العجلان على كرسيه في إحدى ردهات الحرم المكي يسقي عطاشى العلم من نهره الجاري بعد صلاة العصر يومياً في شهر رمضان، تجد العشرات من الأشخاص قد جلسوا عن يمينه ويساره وأمامه وخلفه، وأعينهم إما تشخص بالنظر إليه، أو لما بين أيديهم من كتب يتسابقون لأخذ الفائدة منه و حفظها إما في رؤوسهم ، أو في ما يحملون من أوراق . ويحرص المغربي سعيد علال، والمقيم في المملكة منذ العام 1406ه، منذ ما يقارب ال 10 سنوات، على الحضور للحلقات العلمية في الحرم المكي، وأخذ ما تيسر من العلم على يد عدد من فقهاء الدين والدنيا. ويقول علال ل «الحياة» إنه دائب على أخذ الدروس في الحرم المكي في أوقات متفرقة سواء أكانت بين المغرب و العشاء أو بعد صلاة العصر، مضيفاً «أنهيت ما تبقى لي من التعليم في معهد المسجد الحرام، إذ حصلت قبل عام من الآن على الشهادة الثانوية، والآن يدرس أكبر أبنائي في المعهد في الصف الثالث المتوسط الذي يحرص على أن يأتي معي إلى دروس الحرم المكي للاستفادة منها» . «البيت الحرام هو الجامع والجامعة كما يسميه الكثيرون»... هكذا بدأ الأكاديمي المختص بالتاريخ في جامعة أم القرى الدكتور فواز الدهاس حديثه عن حلقات العلم في رحاب الحرم المكي الشريف، موضحاً أن هذه الحلقات كانت في الماضي ترتبط بالمذاهب الأربعة الشافعي والحنبلي و الحنفي و المالكي فكان لكل مذهب شيخ له حلقة في الحرم يعطي فيها دروسه في الفقه وأحكام الدين، ويمنح الإجازات العلمية لطلابه التي كانت بمثابة شهادات علمية في سالف الزمان. ويرى الدهاس أن الحلقات العلمية في الحرم المكي كانت نواة تأسيس للمدارس في مكةالمكرمة، والتي كانت نشأتها منذ العصر العباسي واستمرت حتى الآن.