لم تأت جولة نجمة البوب الأميركية مادونا في روسيا، في توقيت مناسب بالنسبة إلى الرئيس فلاديمير بوتين وخططه الموجهة نحو ضبط إيقاع حراك الشارع وعرقلة جهود المعارضة في تصعيد نشاطها. مادونا باتت معرّضة للملاحقة قضائياً في روسيا بسبب إصرارها على إعلان موقف مناصر يطالب بالتسامح مع المثلية الجنسية، وينتقد قانوناً مثيراً للجدل خلط بين المثليين والمتحرشين بالأطفال. وأعلن النائب عن حزب «روسيا الموحدة» الحاكم فيتالي ميلونوف صاحب مشروع القانون الذي أقره مجلس الدوما أخيراً، أنه ينوي رفع دعوى قضائية ضد مادونا والشركة التي استضافتها في روسيا لأنها خالفت القانون الذي يحظّر «الترويج والدعاية للمثلية الجنسية». وقد تصل العقوبة في حال واقفت محكمة روسية على النظر بالدعوى ودانت مادونا، إلى إلزامها دفع غرامة مالية قد تصل إلى 16 ألف دولار، وهي العقوبة القصوى بحسب القانون. وزاد ميلونوف: «لدينا مقاطع فيديو تظهر وجود أطفال في سن ال 12 في الحفلة»، وهذا يعني أنها (مادونا) قامت بالدعاية في حضور أطفال قصّر لأمور محرمة قانونياً. لكن الجهة المنظمة «مجموعة بي أم آي» قالت إن البطاقات تشير بوضوح إلى أن الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة لا يُنصح بحضورهم الحفلة. وهددت باللجوء إلى القضاء لأن ناشطي «روسيا الموحدة» صوروا الحفلة على رغم وجود تنبيه على البطاقات يحظّر ذلك. وكانت مادونا دعت خلال حفلة نظمتها في عاصمة الشمال سان بطرسبرغ إلى التسامح، وخاطبت الجمهور قائلة: «الأديان كلها تدعو إلى التسامح وحب الآخرين، وهذه أوقات صعبة نعيشها يسود فيها عدم التسامح، علينا أن نواصل النضال من أجل أن ينتصر الحب، ومارتن لوثر كينغ دافع عن قضيته ومات من أجلها»، قبل أن ترفع قميصها كاشفة عن عبارة «لا خوف» كُتبت على ظهرها. ولم تكتف النجمة الأميركية بذلك بل دعت من يؤيد كلماتها من الحضور إلى رفع الأيدي، فأجمع الجمهور على تأييدها. وربما يكون هذا تحديداً ما أزعج الحزب الحاكم، إذ لم يكن ينقص روسيا التي شهدت نشاطاً واسعاً للمعارضة في الشهور الأخيرة، إلا أن تأتي نجمة من وزن مادونا لتؤلّب معجبيها على قوانين أثارت جدلاً قوياً داخل المجتمع. وكانت مادونا أثارت غيظ السلطات الروسية عندما أعلنت دعمها في حفلة موسكو قبل ذلك بيومين لفتيات فرقة «بوسي ريوت»، اللواتي اعتقلن قبل خمسة أشهر ويواجهن حكماً بالسجن قد تصل مدته إلى 7 سنوات، لأنهن أدين أغنية في كاتدرائية جاءت فيها فقرة تدعو «السيدة العذراء إلى تخليص روسيا من بوتين». ومثلما جاء الرد قاسياً على حفلة موسكو من خلال عبارة كتبها نائب رئيس الوزراء ديمتري روغوزين على «تويتر»، وصف فيها مادونا بأنها «ساقطة تريد أن تعلمنا الأخلاق». جاء الرد على حفلة بطرسبرغ قاسياً أيضاً، إذ وصف ميلونوف النجمة الأميركية بأنها «راقصة تعرٍّ تدعي الحديث في السياسة». هكذا مرة واحدة دخلت نجمة البوب التي أنتظر روس كثر زيارتها وحفلاتها، على خط الحراك الدائر داخل البلاد لتزيد من متاعب الكرملين. واعتبر معارضون روس على صفحاتهم على شبكات التواصل الاجتماعي أن «شجاعة مادونا تمنحنا مزيداً من الأمل بأننا سائرون على الطريق الصحيحة».