لم يكن ينقص روسيا التي تخوض مواجهة غير مسبوقة مع الغرب، بسبب موقفها من الملف السوري، إلا أن تفتح النار على نجمة البوب الأميركية مادونا، لتزيد السجالات وتطلق معركة جديدة مع المجتمع المدني. زخات الغضب الروسي انهمرت على مادونا بعدما أعلنت أنها «تصلي من أجل اطلاق شابات في فرقة بانك روسية»، اعتقلن قبل خمسة أشهر لأنهن أدّين أغنية في كاتدرائية، هاجمن فيها الرئيس فلاديمير بوتين. جاء الرد في تغريدة كتبها على حسابه في «تويتر» نائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري روغوزين، اعتبر فيها نجمة البوب «ساقطة تريد أن تعلمنا دروساً في الأخلاق». مادونا لم تتدخل في السياسة العليا، ولم تنتقد أداء الديبلوماسية الروسية في المنطقة العربية، ولا حتى في مناطق أخرى، بل دافعت خلال جولة روسية أقامت خلالها حفلة في موسكو وأخرى في سان بطرسبورغ، عن فتيات فرقة «بوسي رايوت» اللواتي ينتظرن حكماً بالسجن لفترة تراوح من ثلاث إلى سبع سنوات بسبب انشودة جاءت فيها عبارة: «أيتها الأم المقدسة خلّصي روسيا من بوتين». ظهرت مادونا أمام جمهورها خلال حفلة موسكو أول من أمس، واضعة على وجهها قناع فرقة «بوسي رايوت» في تحدٍ للسلطات الروسية، وخاطبت الجمهور قائلة: «أنا ضد الرقابة وطوال مسيرتي الفنية دافعت عن حرية التعبير. واضح أنهن (فتيات الفرقة) تعرّضن لظلم وآمل بألا يعاقبن بالسجن سبع سنوات. ستكون تلك مأساة إن حصلت». لكن روسيا التي تبدي حساسية مفرطة حيال «محاولات التدخل في شؤونها» قابلت الأمر بلهجة زادت حدتها عن المتوقع، إذ كتب روغوزين:»مع التقدم في العمر، ترغب كل ساقطة سابقة في إعطاء دروس في الأخلاق، خصوصاً خلال جولاتها الخارجية». ووجّه الى مادونا نصيحة مفادها «اخلعي صليبك أو ارتدي سروالاً داخلياً». أما النائب عن حزب «روسيا الموحدة» الحاكم فيتالي ميلونوف فهدد بملاحقة مادونا قضائياً، في حال تحدثت عن حقوق المثليين جنسياً خلال حفلتها في سان بطرسبرغ. وقال: «ينبغي ألا يأتي أحد ويفرض علينا في روسيا قيماً غربية تروّجها مادونا». وكانت نجمة البوب أعلنت عزمها ابداء الدعم خلال حفلة سان بطرسبرغ لحقوق المثليين جنسياً، في انتقاد لقانون تبناه مجلس الدوما أخيراً، خلط بين المثلية الجنسية والشذوذ والتحرش بالأطفال. وتضمنت كلمات النائب تهديداً وتحريضاً كما كتب معارضون أمس، على صفحاتهم على مواقع التواصل الإجتماعي، إذ جاءت قبل ساعات من الحفلة مساء أمس، ما أثار مخاوف من شغب أو فوضى لتخريبها. ما دفع السفارة الأميركية في موسكو الى نصح مواطني الولاياتالمتحدة الراغبين في حضور الحفلة بتوخي الحذر والابتعاد عن محاولات الاستفزاز. وكانت الضجة حول زيارة مادونا لروسيا تفجرت اثيرت قبل وصول نجمة البوب وإعلان مواقفها. إذ طالب عالم الدين أندريه كوراييف الحكومة بمنع دخول مادونا الأراضي الروسية ، لأنها كتبت على صفحتها على «فايسبوك» أنها تدعم جمعية تنشط للدفاع عن حقوق المثليين. ودعا رجل الدين الروسي مواطني سان بطرسبرغ إلى اعلان رفض زيارة مادونا المدينة. وأثارت مواقف النجمة العالمية انقساماً وسجالات في وسائل الاعلام الروسية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. وفي حين انتقدت بعض هذه الوسائل حرص مادونا على «تحويل حفلاتها الفنية الى استعراضات سياسية»، حمل آخرون بعنف على الحكومة الروسية التي «هزتها كلمات نجمة دافعت عن موقف». وانتقد بعضهم بشدة «بذاءة مسؤول حكومي يواجه الانتقادات بسيل من الشتائم»، كما كتب معلّق في مدونته.